أميركا ما زالت بحاجة لباكستان
قال الكاتب ساداناند دومي إنه إذا كان هناك شيء واحد يتفق عليه الأميركي والباكستاني العاديان فهو أن كلا منها لا يحب بلد الآخر كثيرا، لكنهما ما زالا يحتاجان بعضهما.
وأضاف الكاتب في مقال نشره بصحيفة وول ستريت جورنال أن استطلاعا نشره مركز بيو الشهر الماضي كشف أن 11% من الباكستانيين فقط يحملون نظرة إيجابية عن الولايات المتحدة، وهي أدنى نسبة منذ 11 عاما من الاستطلاعات.
وأوضح الكاتب أنه نادرا ما يمر أسبوع دون أن تندلع مظاهرة معادية لأميركا في مكان ما من باكستان، وقال إنه يبدو أن البلاد مملوءة برجال الدين وقنوات التلفزة التي تنفخ في نار كراهية أميركا ومعها الهند وإسرائيل لجميع الأسباب من الفيضانات في البنجاب إلى الازدحام المروري في كراتشي.
وقال الكاتب إن أفضل صورة عن هذه الفكرة هي الاعتقاد الراسخ بوجود مؤامرة تستهدف تجريد باكستان من كنزها الإستراتيجي أو السلاح النووي.
وفصل الكاتب ما جاء في الاستطلاع قائلا إن نحو نصف الباكستانيين يتعاطفون مع الإسلاميين، وهي أعلى نسبة في جميع البلدان التي أجريت فيها استطلاعات مماثلة.
ثم تطرق الكاتب للوجه الآخر من الموضوع في أميركا، حيث تحدث عن استطلاع أجرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بداية هذا العام أظهر أن ثلاثة أرباع الأميركيين لا يحملون نظرة ودية تجاه باكستان، ووفق استطلاع آخر أجرته قناة فوكس بعد اغتيال أسامة بن لادن فإن النسبة ذاتها تقريبا عبرت عن رغبتها في قطع المساعدات عن باكستان، وهي المساعدات التي بلغت أكثر من عشرين مليار دولار منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول.
وقال الكاتب "ليس مفاجئا أن ترتفع في الكونغرس أصوات تدعو لوقف المساعدات عن باكستان عقابا لها على إيواء أسامة بن لادن وإرهابيين آخرين، ومع استمرار تضرر الاقتصاد الأميركي وعدم وجود نهاية للاضطرابات في باكستان، هل حان الوقت أن توقف أميركا خسائرها؟".
وردا على تساؤله قال الكاتب إن الإجابة العاطفية تقول ربما نعم، لكنها نظرة قصيرة لأن باكستان قوة نووية ولن تسقط بسهولة، وهي تتحكم في طرق التموين الحيوية لأفغانستان وهناك ضرورة للتعاون معها من أجل استمرار الضغط على الإرهابيين.
وقال إن هناك سببا آخر وهو أن باكستان كان يترأسها قبل عشر سنوات جنرال استولى على السلطة بانقلاب عسكري وفتح المجال لجميع وسائل الإعلام السيئة، كما أن باكستان كانت في العقدين الماضيين قبلة الجهاديين من جميع أنحاء العالم، وقبل 11 سبتمبر كان دعم الإرهاب جزءا من سياستها، وساعدت على إقامة نظام طالبان في أفغانستان. أما اليوم فلم يعد الوضع كذلك وصارت الصورة واضحة تماما رغم أن نفوذ الجيش لا يزال كبيرا إلا أنه فتح المجال للسياسيين المنتخبين.
وفي الأخير اعترف الكاتب في مقاله بأن سجل إسلام آباد في مكافحة الإرهاب لا يزال دون المستوى خاصة في ظل عدم وجود دلائل ملموسة عن تخلي وكالة الاستخبارات الباكستانية عن لعبتها المزدوجة، لكنه يقر بإنجازات يصفها بالمتواضعة، حيث ساعدت باكستان الولايات المتحدة في القضاء على العشرات من عناصر القاعدة، كما أن "سلسلة الهجمات الإرهابية" في المدن الباكستانية أجبرت النخب السياسية على مراجعة خطأ إستراتيجي تمثل في رعاية الجماعات الجهادية لتحقيق مكاسب تكتيكية صغيرة ضد الهند وأفغانستان.
وختم الكاتب بأن الولايات المتحدة وحدها من يمكن أن تساعد على توطيد الديمقراطية الباكستانية وكبح جماح المؤسسة العسكرية وإنهاء علاقة الحب بين إسلام آباد وما سماه الإرهاب. وقال "ربما لا يكون الخلاف كبيرا، ولكنهم ليسوا حالة ميؤوسا منها كما تشير عناوين الصحف. وفي الوقت الراهن على الأقل، ليس أمام أميركا سوى خيار البقاء في اللعبة".