القاعدة "فزاعة" النظام اليمني

Yemeni army soldiers embark on a search for Al-Qaeda militants holed up in the southern town of Huta on September 24, 2010. AFP

جنود يمنيون يتعقبون عناصر من القاعدة في مدينة الحوطة جنوب اليمن (الفرنسية-أرشيف)

عبده عايش-صنعاء

أثارت الاشتباكات بين الجيش اليمني وما يعرف بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب بمحافظة أبين الأحد، الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام في الشارع اليمني، خاصة في ظل الأنباء عن سيطرة مسلحين يعتقد بأنهم من القاعدة على مدينة جعار ومركز الشرطة ومقر إذاعة محلية ومصنع صغير للذخيرة.

ورأى مراقبون أن السلطة "تضخم" من أعمال العناصر المسلحة في أبين -والمحسوبة على تنظيم القاعدة- في وقت يبدو فيه نظام الرئيس علي عبد الله صالح يترنح ويفقد سيطرته على كثير من المحافظات، وتسحب القبائل تأييدها له، مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية السلمية المطالبة بإسقاط النظام.

واعتبر الصحفي المتخصص في شؤون الإرهاب محمد الأحمدي في حديث للجزيرة نت أن القاعدة يستخدمها النظام اليمني "فزاعة" لإيهام الخارج بأنه الحارس الأمين لمصالح أميركا والغرب في اليمن والمنطقة، وأنه القادر على كبح جماح التنظيم، في حين يعتقد الكثيرون أنه يوفر ملجأ آمنا للقاعدة ويناور بهم في وجه خصومه والثائرين عليه.

وقال إن "تنظيم القاعدة ربما فطن لألاعيب النظام اليمني الذي يستفيد من الدعم الأميركي الغربي لتمكين بقائه في السلطة، ولذلك شهد اليمن في الفترة الماضية هدوءا من جانب القاعدة، ربما لعدم الإضرار بالثورة السلمية للشعب، ولمنع إيجاد المبرر والمسوّغ للنظام لقمع الاعتصامات والمظاهرات المطالبة بإسقاطه ورحيله".

 محمد الأحمدي رأى أن الأنظمة المستبدةهي التي تخلق العنف (الجزيرة نت)
 محمد الأحمدي رأى أن الأنظمة المستبدةهي التي تخلق العنف (الجزيرة نت)

ظلال شك
ووفق الصحفي اليمني فإنه "حتى الآن لم ينشر تنظيم القاعدة بيانا يوضح حقيقة هذه العمليات التي تدور في محافظة أبين، وهو ما يلقي بظلال من الشك حول صدقية مزاعم السلطة بأن مسلحين من القاعدة هاجموا مواقع عسكرية وسيطروا على مناطق وأعلنوا فيها إقامة إمارة إسلامية".

وقال الأحمدي إن "على العالم الغربي وأميركا أن يتيقنوا بأن الأنظمة الدكتاتورية هي التي صنعت جماعات العنف، لأنها كأنظمة باستبدادها وقمع الحريات العامة وانتهاكها لحقوق الإنسان خلقت جيلا يؤمن بالعنف لمواجهة تسلطها وجبروتها، ولذلك على أميركا والغرب مساعدة الشعوب في نيل حريتها والإطاحة بأنظمة الحكم الفاسدة، وبناء دولة مدنية تكفل الحقوق والحريات والمواطنة المتساوية".

من جانبه أكد عضو القاعدة السابق أبو الفداء في اتصال مع الجزيرة نت أن "عناصر القاعدة خصوم حقيقيون لنظام الرئيس اليمني"، وقال "إنهم أكثر من تضرر من نظام صالح، والكثير منهم اعتقلوا وسجنوا لسنوات خارج إطار القانون وتعرضوا للتعذيب ولكل أنواع الإرهاب النفسي والبدني".

واعتبر أن "تنظيم القاعدة يبدو أنه استفاد من حالة الإرباك والضعف الذي يعانيه النظام اليمني حاليا، ووجدوا الفرصة مواتية لهم لإيجاد متنفس لهم للعيش بسلام بعيدا عن حياة التشرد في الجبال". 
 
ولفت إلى أن "هذه الأعمال قد يستفيد منها النظام اليمني كعادته من أجل استجلاب الدعم المالي والسياسي، خاصة في هذه المرحلة"، ولكنه أكد أن "هناك تضخيما للقاعدة ولسيطرتها على مناطق بأبين، في وقت هناك الكثير من المحافظات باتت خارج سيطرة النظام وسقطت بأيدي القبائل المؤيدة للثورة السلمية".

وأشار أبو الفداء إلى أنه شخصيا زار مناطق محافظة أبين ووجد أن شباب القاعدة جزء من المكوّن الاجتماعي للمنطقة، ويحظون بتأييد القبائل التي تحميهم وتساندهم في مواجهة قوات النظام اليمني.

 أبو الفداء اعتبر أن هناك تضخيمالدور القاعدة لاستمرار النظام (الجزيرة نت)
 أبو الفداء اعتبر أن هناك تضخيمالدور القاعدة لاستمرار النظام (الجزيرة نت)

ورقة للمناورة
وجاءت أحداث محافظة أبين في وقت أعلن فيه اللواء علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرع والمنطقة العسكرية الشمالية الغربية في الجيش اليمني، عن تخوفه من استغلال الرئيس صالح لتنظيم القاعدة الموجود في البلاد للتمسك بالسلطة.

وقال الأحمر في حوار مع وكالة الأنباء الألمانية إنه "حتى هذه اللحظة لا أتوقع أن القاعدة ستكسب أرضا جديدة، لكنني أتخوف بالفعل من استخدام الرئيس لها كورقة من الأوراق التي يحاول التلويح واللعب بها في حال إصراره على جر اليمن إلى مشاكل وتمسكه بالسلطة باستخدام القوة ضد أبناء شعبه".

وأشار إلى أن الرئيس "يستغل تحالفه" مع أميركا في "مكافحة الإرهاب" للبقاء في السلطة، واعتبر أن "تحالف صالح مع الولايات المتحدة فيما يخص مكافحة الإرهاب يعد إحدى الأوراق التي يحاول اللعب بها مع الخارج".

وأكد الأحمر أن الرئيس صالح "هو من أسهم بشكل كبير في وجود الإرهاب في اليمن، فقد لعب بالنار كتكتيك، وحذرناه مرارا من مغبة عواقبه، وأملنا كبير في الأصدقاء الأميركيين أن يكونوا عونا للشعب اليمني".

المصدر : الجزيرة