أميركا تشكك بنوايا إسرائيل حيال إيران

يرى مسؤولون أميركيون أن إدارة الرئيس باراك أوباما لا تعرف نوايا إسرائيل بشأن القيام بعمل عسكري محتمل ضد إيران، مشيرين إلى أنها تحبذ في الوقت الحالي مسار العقوبات والضغط الدبلوماسي. في حين رجح آخرون أن تل أبيب وواشنطن على اتصال وثيق ومستمر.
ولم يلمح قادة إسرائيل إلى توجيه ضربة وشيكة لمواقع إيرانية يشتبه في احتوائها على أنشطة نووية، ولكنهم لم يستبعدوا هذا الاحتمال.
وقال مسؤول أميركي كبير بقطاع الأمن القومي إن المسؤولين الأميركيين لا يعرفون ما الذي يمكن أن يدفع إسرائيل لتوجيه ضربة عسكرية إلى مواقع نووية إيرانية، ومتى قد تنفذ هجوما من هذا النوع؟
أما رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ السيناتور الديمقراطي مارك ليفين، فقال إنه لا يظن أن الإدارة الأميركية تعلم ما الذي ستفعله إسرائيل وإنه ليس متأكدا مما إذا كانت إسرائيل نفسها تعلم ماذا ستفعل؟ متسائلا ما إذا كانت تريد أن تشيع جوا من التخمين؟
وكرر السيناتور جون ماكين –أكبر عضو جمهوري باللجنة- نفس الموقف بقوله إن مسؤولي إدارة أوباما لا يعلمون ماذا سيفعل الإسرائيليون؟ مشيرا إلى أنهم لم يعلموا حين قصف الإسرائيليون مفاعل سوريا، لكنه أضاف "لكن الإسرائيليين عادة يعرفون ماذا سيفعلون".
تحذير
ويأتي هذا التشكيك وسط تحذيرات علنية أكثر حدة من المعتاد وجهها وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا في الأسابيع القليلة الماضية بشأن "العواقب غير المقصودة" المحتملة للقيام بعمل عسكري ضد إيران.
وقال بانيتا أمام منتدى في واشنطن إن الهجوم على إيران "يهدد بتصعيد قد يغرق الشرق الأوسط في مواجهة وصراع سنندم عليهما".
وأضاف أن هذا قد يعطل اقتصادي الولايات المتحدة وأوروبا اللذين يعانيان ضعفا بالفعل ويثير رد فعل شعبيا عنيفا في طهران يعزز موقف حكامها ويضع القوات الأميركية بالمنطقة على خط النار".
ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة تستطيع أن تزعم أنها لم تعلم مسبقا بأي هجوم إسرائيلي تفاديا لإذكاء المشاعر المناهضة لها بين الكثير من سكان الشرق الأوسط، خاصة وأن تل أبيب لا تزال واحدة من أوثق حلفاء واشنطن وأن مسؤولي الدولتين على اتصال مستمر.
وهو ما أكده مسؤول بالحكومة الإسرائيلية بقوله "إسرائيل والولايات المتحدة على اتصال وثيق ومستمر بشأن التهديد الذي يمثله البرنامج النووي الإيراني على الأمن العالمي ونقدر إصرار الرئيس أوباما على منع إيران من تطوير سلاح نووي".
رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي: لا أعلم ما إذا كانت إسرائيل ستخطر الولايات المتحدة مسبقا إذا قررت التحرك ضد إيران |
وقائع
وفي المقابل قال مسؤول حكومي أميركي سابق "هناك الكثير من الوقائع تحرك فيها الإسرائيليون دون إبلاغ الولايات المتحدة مسبقا، لهذا يجب ألا نفترض دائما درجة من التنسيق بين واشنطن وإسرائيل فيما يتعلق بكافة القضايا.
ويؤكد رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي، في مقابلة مع رويترز أنه لا يعلم ما إذا كانت إسرائيل ستخطر الولايات المتحدة مسبقا إذا قررت التحرك.
وقال بروس ريدل -وهو خبير سابق بوكالة المخابرات المركزية الأميركية في شؤون الشرق الأوسط وعمل مستشارا لأوباما- إن إسرائيل لها سجل طويل من شن عمليات عسكرية من بغداد إلى تونس دون إخطار واشنطن مسبقا.
وأضاف هذا الخبير أن البيت الأبيض يريد أن يبعث برسالة قوية لإسرائيل مفادها أن الولايات المتحدة لا تتوقع أن تفاجئها حليفتها، وقال "أوباما يريد أن يدرك بيبي -رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو– تماما أنه لا يريد إعادة السيناريو في ايران".
ويرى مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه أن إدارة أوباما تعتقد أن زعماء إسرائيل رسموا "خطوطا حمرا فيما يتصل بالتقدم النووي الإيراني، بحيث تقوم إسرائيل بعمل عسكري إذا تجاوزت طهران هذه الخطوط، واستطرد قائلا إن واضعي السياسات في إدارة أوباما لا يعرفون حدود هذه الخطوط الحمر.
وقال مسؤولان أميركيان أخران -طلبا عدم نشر اسميهما- إن واشنطن يساورها قلق عميق من أن تقرر إسرائيل في نهاية المطاف القيام بعمل فردي في ظل عدم اقتناعها بأن العقوبات والضغوط الدبلوماسية ستوقف برنامج إيران النووي.
في نفس الإطار، قال أحد المسؤولين الأميركيين إن خطب وتصريحات الزعماء الإسرائيليين مثل الكلمة التي ألقاها نتنياهو يوم الأحد وتحدث فيها عن "اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب" حتى إذا اعترض الحلفاء ربما تكون لها دوافع سياسية.
وأضاف أن نتنياهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين ربما يحاولون اللعب على مشاعر المواطنين في الداخل أو ممارسة ضغوط على المجتمع الدولي لاتخاذ مزيد من الإجراءات تجاه إيران.