"العدالة" المغربي ورهان المعارضة


أكد عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة محمد منار أن لا أحد يرفض الحوار مع الحكومة الجديدة التي يقودها حاليا الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي عبد الإله بنكيران. لكنه شكك في أن تنجم عن هذا الحوار نتائج معينة.
وتساءل العضو في الجماعة المحظورة في حديث مع الجزيرة نت "حتى إذا كان هناك حوار، فهل فعلا حكومة بنكيران لها القدرة على الاستجابة لمطالب الشارع في تأسيس دستور ديمقراطي وإسقاط الفساد؟".
وكان بنكيران الذي عينه أخيرا العاهل المغربي محمد السادس رئيسا للحكومة المغربية، قد دعا في أول ندوة صحفية عقدها بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة وفوز حزبه بـ107 من مقاعد مجلس النواب (الغرفة الأولى)، جماعة العدل والإحسان إلى الانضمام للعمل السياسي من داخل المؤسسات، وعبر عن استعداده لفتح حوار مع حركة 20 فبراير.

معارضة الشارع
وأكد منار أن جماعته لن تتوقف عن دعم الحراك الشعبي حتى يتم تحقيق جميع مطالب حركة 20 فبراير وعلى رأسها تحقيق مؤسسات ديمقراطية حقيقية، منتقدا دستور 2011 الذي قال إنه يركز السلطة في يد المؤسسة الملكية.
وأمام الحراك الشعبي الذي لم توقفه انتخابات 25 نوفمبر/تشرين الثاني وتعيين رئيس جديد للحكومة من الإسلاميين، طالب القيادي في حزب العدالة والتنمية لحسن الداودي في تصريح صحفي الشارع المغربي بإعطاء الحكومة المقبلة "مهلة حتى لا تتاح الفرصة للمفسدين كي يحققوا مصالحهم".
ومن المنتظر أن تخرج اليوم الأحد عشرات المسيرات في مدن مغربية عديدة سبق أن دعت إليها بيانات صادرة عن تنسيقيات حركة 20 فبراير في ما أسمته يوم "الغضب الوطني"، وهي ثاني مظاهرات بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وينشط في إطار الحراك الشعبي كل من جماعة العدل والإحسان وأحزاب يسارية مثل النهج الديمقراطي وحزب الاشتراكي الموحد وجمعيات من المجتمع المدني، إضافة إلى شباب غير منتمين يخرجون إلى الشارع متأثرين بربيع الثورات العربي.
ورفع المحتجون في أول مظاهرة لهم بعد انتخابات 25 نوفمبر/تشرين الثاني شعارات ضد حزب العدالة والتنمية، رافضين الدستور الحالي وما أدى إليه من انتخابات والحكومة التي ستنبثق عنه.
وجاء في أول بيان نشرته جماعة العدل الإحسان بعد الانتخابات التشريعية أن "الوضع لا يزال على حاله، بل هو نكسة كبرى بالنظر للفرصة التي كانت مطروحة أمام النظام ليخرج نفسه والبلاد من الأزمة الراهنة".

صراع إسلامي
وأبدى عضو الجماعة محمد منار تخوفه من وجود "لعبة خبيثة" تحاك ضد الإسلاميين في المغرب، حيث سمح لجزء منهم بالفوز بالانتخابات الأخيرة، وليظهر في المستقبل أن العدل والإحسان تحرك الشارع ضد العدالة والتنمية في صراع أسماه صراعا إسلاميا.
أما الباحث المختص في الجماعات الإسلامية رشيد مقتدر فيرى أنه في المستقبل سيتنافس رهانان، رهان جماعة العدل والإحسان التي تعمل خارج النسق السياسي وتطالب بتغيير جوهري للعبة السياسية بالمغرب، ورهان حزب العدالة والتنمية الذي تم دمجه في العمل السياسي منذ 1997 وقبل المشاركة في اللعبة السياسية والعمل في إطار مؤسسات الدولة كما حددها النظام السياسي المغربي.
وحسب الباحث في العلوم السياسية فإن الإسلاميين في الحكم سيحاولون إثبات أن أنجع طريقة للإصلاح هي التي تتم من داخل النظام ووفق منطق إصلاحي متدرج، وجماعة العدل والإحسان ستراهن على أن هذا الإصلاح هو "وهم" وستقول إنه لا مفر من تغيير قواعد اللعبة كلها.
ويؤكد مقتدر أنه إذا أعطيت لعبد الإله بنكيران الفرصة لتطبيق برنامج إصلاحي كرئيس فعلي للحكومة الجديدة فستضطر جماعة العدل والإحسان المحظورة إلى تليين خطابها والبحث عن طريقة معينة للاندماج في العمل السياسي، لأنها ستقتنع بأنه أسلوب مجد.
لكن إذا لم يستطع الحزب الإسلامي الحاكم تدبير المرحلة القادمة أو وضعت في طريقه عقبات لشل حركته كما وقع لما عرف بحكومة التناوب التي شكلها عام 1998 الوزير الأول السابق عبد الرحمان اليوسفي (حكومة عينها الراحل الحسن الثاني في آخر أيامه قادها حزب الاتحاد الاشتراكي بعد أربعين سنة من المعارضة)، فإن من شأن ذلك تقوية الخيارات الراديكالية وإرجاع البلاد إلى نقطة الصفر.
يذكر أن المشهد السياسي المغربي يعرف في الوقت الراهن تحولات عميقة، حيث انتقل حزب إسلامي إلى الحكم، في حين تحمل جماعة إسلامية أخرى لواء المعارضة في الشارع، وتصطف أحزاب يمينية ليبرالية مقربة من المؤسسة الملكية في المعارضة البرلمانية لأول مرة.