الفقر يسبب اضطرابات اجتماعية بألمانيا

خالد شمت-برلين
حذر التقرير السنوي لاتحاد الجمعيات الخيرية الألمانية من حدوث اضطرابات اجتماعية بالبلاد بسبب الارتفاع المضطرد بأعداد المواطنين المهددين بالفقر.
ورأى الاتحاد، الذي يضم عشرة آلاف منظمة تعمل بمجالات المساعدات الإنسانية والاجتماعية في ألمانيا، أن وصول معدلات المواطنين المهددين بالفقر إلى 14.5 % يدلل على أن التنمية التي تتحدث عنها الحكومة منذ سنوات لم تصل إلى كافة فئات المجتمع.
وذكر التقرير أن التراجع المعلن لمعدلات البطالة في البيانات الرسمية لم يؤد لتناقص أعداد السكان المهددين بالفقر، لأن معظم فرص العمل الجديدة هي بأجور متدنية لا تفي بالاحتياجات المعيشية الرئيسية.
واعتبر أن تحول 12 مليونا من سكان البلاد -المقدرين بنحو 82 مليونا- إلى مهددين بالفقر، يعكس تحول هذه الآفة الاقتصادية والاجتماعية إلى واقع بات يمس فئات مجتمعية عديدة.

مرجل يغلي
ولفت التقرير إلى أن الفئات المهددة بالفقر -وفق معايير الاتحاد الأوروبي- هم الذين يقل دخلهم الشهري عن 60% من متوسط الدخل العام. وقال إن الأفراد المهددين بالفقر وفق هذا التصنيف هم من يقل دخلهم عن 826 يورو في الشهر، في حين تصبح الأسرة المكونة من أب وأم وطفلين تقل أعمارهم عن 14 عاما مهددة بالفقر إذا قل دخلها الشهري عن 1735 يورو.
وشبه المدير العام لاتحاد الجمعيات الخيرية الألمانية أولريش شنايدر منطقة الرور الصناعية غربي البلاد "بمرجل يغلي" وحذر من أن هذه المنطقة التي يسكنها خمسة ملايين نسمة تعد الأكثر عرضة بعموم ألمانيا لخطر حدوث اضطرابات اجتماعية نتيجة اتساع نطاق المهددين بالفقر فيها.
وضرب التقرير مثلا بمدينتي دورتموند وديوسبورغ الواقعتين بمنطقة الرور، وأشار إلى أن معدلات الفقر ارتفعت بالمدينة الأولى بين عامي 2005 و2011، من 18.6% إلى 23% ومن 17.5% إلى 21% بالثانية.
وأوضح التقرير أن معدلات الفئات المهددة بالفقر بلغت أقصاها خلال العام الجاري بولايات ميكلينبورغ فوربومرن (24%) وبريمن المهددة بالإفلاس (21.4%) وسكسونيا (19.8%) و برلين (19.1%). وأشار إلى أن هذه المعدلات تراجعت بشكل كبير بولايات الجنوب الصناعية حيث بلغت (7.5 %) في بافاريا و(11%) في بادن فورتمبرغ و(12.1) في هيسن.

دعوة للحكومة
ونبه تقرير اتحاد الجمعيات الخيرية إلى أن الفقر انتشر داخل برلين بين عامي 2005 و2010 بمعدلات قياسية فاقت انتشاره بباقي الولايات والمدن الألمانية، وأشار بالمقابل إلي أن المنطقة المحيطة بولاية العاصمة وولايات البلاد الشرقية شهدت خلال نفس الفترة تراجعا بأعداد المهددين بالفقر.
وخلص التقرير إلى تحميل الحكومة وسياستها الاجتماعية مسؤولية انتشار الفقر بين المواطنين، وتردي البدائل المتاحة أمام العاطلين عن العمل لفترات طويلة.
ودعا رئيس الاتحاد الألماني للجمعيات الخيرية حكومة المستشارة أنجيلا ميركل إلى مواجهة الواقع الذي كشف عنه تقرير الاتحاد، وزيادة المخصصات الاجتماعية بالموازنة العامة بواقع عشرين مليار يورو سنويا.
ورفع المخصصات الشهرية لمتلقي إعانات الضمان الاجتماعي (هارتس 4) والبطالة، وفرض ضرائب مرتفعة على الثروات والممتلكات والمواريث الضخمة".
ومن جانبها اعتبرت ديانا غولتسا النائبة بالبرلمان ( البوندستاغ ) عن حزب اليسار المعارض أن ما أظهره التقرير عكس تخلي حكومة ميركل عن بعض العدالة الاجتماعية بسياستها الاقتصادية.
وانتقدت غولتسا -في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه- تخلي الحكومة الحالية عن إصدار قوانين للحد الأدنى للأجور وتقليصها للإعانات الاجتماعية ومساعدات البطالة، وخفضها مساعدات السكن وإلغاء المنحة المالية للوالدين للذين يتلقون مساعدات الضمان الاجتماعي.