نواب فرنسا يتبنون قانون إبادة الأرمن

أقرت الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب) قانونا يجرم إنكار الإبادة وبينها الإبادة الجماعية للأرمن التي يُتهم بها العثمانيون في الحرب العالمية الأولى. ويأتي ذلك وسط تهديدات تركية من أن تبني القانون ستكون له عواقب وخيمة على العلاقات بين البلدين.
وكان مجلس النواب الفرنسي قد شرع أمس الأربعاء في نقاش حول مشروع القانون الذي اقترحه عضو من حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية الحاكم بتأييد معظم النواب الفرنسيين.
وبعد تصويت الجمعية الوطنية الفرنسية على مشروع القانون سيتم رفعه إلى مجلس الشيوخ لإقراره. ويقترح المشروع معاقبة الأشخاص الذين ينكرون أو يقللون من شأن عمليات الإبادة بالسجن لمدة تصل إلى عام واحد وغرامة بـ45 ألف يورو (59000 دولار).
وقد حذرت تركيا على لسان مسؤوليها من أن إقرار مشروع القانون الذي يدين إنكار تعرض الأرمن للإبادة، سيدفع بها إلى فرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية على فرنسا.
وقال رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان مساء أمس إن الخطوة التي ينوي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الإقدام عليها سوف تسيء إلى العلاقات بين فرنسا وتركيا.
وأضاف قائلا "أمامنا مجموعة خيارات، خطابي غدا سيركز على ما سنقوم به في المرحلة الأولى من خطتنا لاتخاذ عقوبات ضد فرنسا، أما المرحلة الثانية فسنكشف خلالها عن هذه العقوبات".
وقد ذهب وزير خارجية تركيا أحمد داود أوغلو في مقابلة سابقة مع صحيفة لوموند الفرنسية إلى حد وصف المشروع بأنه "هجوم على تاريخ تركيا"، مشيرا إلى أن الرئيس ساركوزي كان قد وعد بالتخلي عن المشروع.
كما تظاهر آلاف من المهاجرين الأتراك والفرنسيين ذوي الأصول التركية اليوم الخميس أمام الجمعية الوطنية الفرنسية احتجاجا على مناقشتها مشروع القانون، وقالوا إنّ دوافع التحرّك الجديد سياسية هدفُها الحصول على أصوات الناخبين الفرنسيين من أصول أرمنية في الانتخابات المقبلة.
غير أن فرنسا على لسان وزير الشؤون الأوروبية، جان ليونيتي قللت من أهمية التهديدات التركية، ووصفتها بأنها جوفاء.
لكن الوزير الفرنسي مع ذلك دعا إلى حوار هادئ مع أنقرة
وقال "أعتقد أنه ينبغي أن نعود إلى حوار أكثر رصانة لأنه لا جدوى من إثارة الكراهية من هذا الجانب أو ذاك".
تجدر الإشارة إلى أن الطبقة السياسية في فرنسا على مختلف توجهاتها تتفق على ضرورة تبني مشروع القانون الذي يُجرّم إنكار الإبادة الجماعية للأرمن، بل إن أصواتا من داخل الحكومة طالبت بالتعجيل بتطبيقه.

معارضة
غير أن الصحافة الفرنسية كشفت أن هناك سياسيين يعارضون هذه الخطوة وبينهم وزير الخارجية ألان جوبيه الذي يخشى من انعكاسها على العلاقات الثنائية بين فرنسا وتركيا، وأشارت الصحف إلى أن جوبيه ربما يكون قد أبلغ ساركوزي بهذه المخاوف.
يشار إلى أن فرنسا هي خامسة أكبر سوق للصادرات التركية وسادسة أكبر البلدان المستورد للبضائع والخدمات منها.
وتؤكد وكالة الصحافة الفرنسية أن الأزمة بين باريس وأنقرة تأتي في وقت يجري فيه التعاون بين البلدين في بعض القضايا الدولية وأهمها الأحداث في سوريا والملف النووي الإيراني.
ويعد الرئيس الفرنسي من أشد منتقدي مسعى تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وكان قد أبلغ أنقرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بأنها إذا لم تعترف بأن قتل الأرمن آنذاك كان إبادة جماعية، فإن فرنسا ستبحث جعل إنكار ذلك جريمة.
وتقول أرمينيا -يدعمها في ذلك مؤرخون وبرلمانيون- إن نحو 1.5 مليون أرمني مسيحي قتلوا في ما يعرف الآن بشرق تركيا أثناء الحرب العالمية الأولى في عملية متعمدة للإبادة أمرت بها الحكومة العثمانية آنذاك.
غير أن تركيا تنفي أن تكون أعمال قتل الأرمن تمثل إبادة، وتقول إن كثيرا من المسلمين الأتراك والأكراد لقوا حتفهم أيضا مع غزو القوات الروسية لشرق الأناضول بمساعدة من مليشيات أرمنية في كثير من الأحيان.