مظاهرة نسائية بمصر والعسكري يعتذر

أنس زكي–القاهرة
شاركت آلاف النساء والشابات المصريات في مسيرة حاشدة مساء الثلاثاء بالقاهرة للتنديد باستخدام العنف المفرط من جانب قوات الجيش، وخصوصا واقعة سحل إحدى الشابات وتعريتها خلال الاشتباكات التي جرت الأيام الماضية قرب مقر مجلس الوزراء، في حين عبر المجلس العسكري الحاكم في مصر عن "أسفه لسيدات مصر العظيمات لما حدث من تجاوزات خلال الأحداث الأخيرة".
وانطلقت المسيرة -التي تصدرتها ناشطات سياسيات من ميدان التحرير في وسط القاهرة- وتوجهت إلى مقر نقابة الصحفيين ودار القضاء العالي على بعد مئات الأمتار.
وجاءت المسيرة استجابة لدعوات من عدة قوى سياسية، وردا على المؤتمر الصحفي الذي عقده الاثنين عضو المجلس العسكري اللواء عادل عمارة، واعترف فيه بما حدث للفتاة من ضرب وسحل أديا إلى تعرية جزء من جسدها، موضحا أن الواقعة تخضع للتحقيق.
ولم تقتصر المشاركة في المسيرة على السيدات، حيث شارك الكثير من الرجال بينهم ناشطون سياسيون وشخصيات عامة، مثل عمرو حمزاوي ومصطفى النجار، اللذين انتخبا مؤخرا عضويْن في مجلس الشعب المقبل، ووحيد عبد المجيد منسق اللجنة الانتخابية بالتحالف الديمقراطي، الذي يقوده حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين.
وبعد قليل من بدايتها وصل عدد المشاركين في المسيرة إلى نحو ثلاثة آلاف شخص ردد معظمهم هتافات تنادي بسقوط حكم العسكر، وتوجه انتقادات حادة لما حدث من اعتداء على الناشطات.

بيان اعتذار
وبينما كان المتظاهرون يغادرون ميدان التحرير، أصدر المجلس العسكري بيانا عبر فيه عن "أسفه لسيدات مصر العظيمات لما حدث من تجاوزات خلال الأحداث الأخيرة بمظاهرات مجلسي الشعب والوزراء، ويؤكد احترامه وتقديره الكامل لسيدات مصر وحقهن في التظاهر، والمشاركة الفعالة والإيجابية في الحياة السياسية عن طريق التحول الديمقراطي الذي تشهده مصر".
وأكد بيان المجلس العسكري "اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمحاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات"، ودعا المواطنين إلى "التلاحم والتكاتف ونبذ العنف والخلافات في هذه اللحظات الحرجة من تاريخ مصر"، كما طالب بإتاحة "الفرصة لاستكمال العملية الديمقراطية، وإنهاء الانتخابات البرلمانية في توقيتاتها المحددة للبدء في إرساء الاستقرار".
وفي الوقت نفسه، دعا البيان إلى استعادة الهدوء لفترة زمنية حتى يستطيع "الكشف عن عناصر البلطجة المندسة والمأجورة، والتي تهدف في المقام الأول إلى الإساءة إلى الثوار وشباب مصر العظيم"، كما أكد البيان استعداد المجلس العسكري لمناقشة أي مبادرة من القوى السياسية تسهم في استقرار وسلامة مصر.
وكانت واقعة سحل الناشطة سيطرت على معظم وسائل الإعلام المحلية في اليومين الماضيين، في ظل حالة واسعة من الاستهجان لما حدث، خاصة أن اللقطات المصورة أوضحت أحد جنود الجيش وهو يركل الفتاة ويسحبها على الأرض، وهو ما أدى إلى تعرية جزء من جسدها، لكن جنديا آخر سارع بتغطيتها قبل أن يتمكن المتظاهرون من استعادتها إلى موقع تمركزهم في مواجهة قوات الجيش.

زيادة القتلى
يذكر أن عدد قتلى اشتباكات مجلس الوزراء ارتفع الثلاثاء إلى 13 إضافة إلى مئات المصابين، في حين قالت مصلحة الطب الشرعي إن تسعة من القتلى مصابون بأعيرة نارية حية، وهو ما يثير تساؤلات بشأن إعلانات سابقة من مصادر عسكرية بعدم استخدام الرصاص الحي في مواجهة المتظاهرين.
واندلعت الاشتباكات قبل أيام عندما حاولت قوات من الجيش فض اعتصام كان ينظمه عشرات الأشخاص منذ أكثر من أسبوعين أمام مقر مجلس الوزراء للمطالبة بسرعة نقل السلطة من المجلس العسكري إلى المدنيين، وللاعتراض على إسناد رئاسة الحكومة الحالية إلى كمال الجنزوري (77 عاما) الذي سبق له العمل وزيرا ثم رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي اضطر للتنحي تحت ضغط ثورة 25 يناير الماضي.
واتهم المجلس العسكري طرفا ثالثا لم يكشف عن هويته بالاعتداء على المتظاهرين وقوات الجيش على حد سواء، كما اتهم عناصر من البلطجية بالاندساس بين المتظاهرين، لكن بعض المتظاهرين قالوا للجزيرة نت إنه "حتى لو كان ذلك صحيحا، فلماذا لا يتم القبض على هؤلاء البلطجية".
جدير بالذكر أن من بين قتلى أحداث مجلس الوزراء الشيخ الأزهري عماد عفت، وهو ما دعا عددا من أعضاء نقابة الدعاة في الأزهر إلى تنظيم وقفة احتجاجية حدادا على روحه، كما أقامت نقابة الدعاة تأبينا له في الجامع الأزهر بعد صلاة ظهر الثلاثاء بحضور مفتي الجمهورية علي جمعة نائبا عن شيخ الأزهر أحمد الطيب.
ورثى المفتي الفقيد الشيخ عفت وقال إنه اعتاد على الذهاب إلى ميدان التحرير منذ انطلاق ثورة 25 يناير ليوضح للناس أمر دينهم، مشيرا إلى أنه سيتم تكريمه بعدة طرق بينها إطلاق اسمه على أكبر قاعة في دار الإفتاء المصرية.