تزايد هجرة الفلسطينيين من وطنهم

محمد محسن وتد-أم الفحم
حذر عدد من الشخصيات الوطنية والدينية والأكاديمية من اتساع هجرة الفلسطينيين وتحديدا الشباب وأصحاب الكفاءات لأرض الوطن. وتتزامن هذه التحذيرات مع "يوم المهاجرين العالمي" الذي يصادف الثامن عشر من ديسمبر/كانون الأول الحالي.
ورغم خطورة الظاهرة واتساعها فإن الإحصائيات الرسمية والبيانات المتعلقة بمعدلات الهجرة -التي تقدر بالآلاف سنويا- تنعدم منذ تولي الحكومة الإسرائيلية الحالية مقاليد الحكم، وذلك في ظل غياب إستراتيجية ورؤى وطنية لتثبيت الفلسطيني في أرضه وإكسابه الآليات للتصدي للمشروع الصهيوني بتفريغ فلسطين من شعبها.
وأبدت العديد من الأوساط خشيتها من تنامي الظاهرة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، حيث دأبت المؤسسة الإسرائيلية على خلق بيئة حياتية طاردة للفلسطينيين وتضييق الحيز عليهم، مقابل استقدام اليهود من جميع أنحاء العالم وتوطينهم بفلسطين التاريخية.
وتشير الإحصائيات إلى أن عدد الفلسطينيين بالضفة وغزة والقدس وأراضي 48 بلغ نحو 5.5 ملايين نسمة مقابل نحو 5.7 ملايين يهودي.

تحريم الهجرة
ودفعت الظاهرة رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري إلى تجديد فتواه التي تحرم على الفلسطينيين الهجرة الاختيارية والإقامة الدائمة للجماعات أو العائلات أو الأفراد خارج الوطن، محذرا من اتساع الظاهرة خصوصا في أوساط الشباب وذوي الكفاءات.
وتحدث صبري للجزيرة نت عن دوافع تجديد فتواه بالقول "لاحظت أن الشباب الذين يذهبون للدراسة أو للعمل خارج فلسطين لا يعودون للوطن، بل يستقرون بالدولة التي هاجروا إليها وكأنهم ينون الإقامة الدائمة هناك".
وشدد على ضرورة حظر هذا النهج لتفويت الفرصة على الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى لتفريغ فلسطين من الشباب والأدمغة وأصحاب الكفاءات، ليتسنى له مصادرة المزيد من الأراضي والعقارات وتوظيفها للاستيطان.
وطالب المؤسسات الفلسطينية بخلق بيئة مجتمعية حاضنة لاستقطاب الكفاءات العلمية الشابة وتشجيعهم على العمل بالوطن عبر مضاعفة الرواتب.
ولفت إلى أن الكثير من الفلسطينيين ممن هجروا وطنهم أبدعوا وتميزوا بالمهجر، داعيا جامعة الدول العربية لوضع خطة لإعادتهم للوطن والاستثمار بالمشاريع التنموية.

بطش ورهان
وعزا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس الدكتور محمود محارب اتساع الظاهرة إلى تمادي الاحتلال الإسرائيلي في بطشه وقمعه للشعب الفلسطيني، في ظل غياب أي مشروع سياسي اجتماعي من شأنه أن يلبي تطلعات الشباب.
وبيّن في حديثه للجزيرة نت أن انتشار البطالة بالأراضي الفلسطينية المحتلة واتساع ظاهرة الفقر وعدم توفر فرص العمل وانعدام الأطر لاستيعاب أصحاب الكفاءات، يدفع الشباب وحتى العائلات للهجرة، خصوصا مع انفتاح أسواق دول الخليج أمامهم، واستيعابهم بالعديد من الدول الأوروبية.
ويرى محارب هجرة الشباب للوطن قضية إستراتيجية، داعيا الحركة الوطنية الفلسطينية لوضع خطة عمل ورؤى واضحة لإغلاق أبواب الهجرة، بغية مواجهة إسرائيل التي تراهن على تفريغ فلسطين من شعبها لحسم الصراع.

من جانبه انتقد مسؤول ملف القدس في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) حاتم عبد القادر تعاطي الدول العربية ومختلف الفصائل الفلسطينية مع تعزيز صمود الشعب الفلسطيني بوطنه، وذلك في ظل غياب الرؤى والإستراتيجيات لمواجهة المشروع الصهيوني.
وقال للجزيرة نت إن الشباب الفلسطيني يعيش حالة إحباط لانعدام الحل السياسي وضياع الحلم بالاستقلال وإقامة الدولة، لذا هناك من يختار الهجرة والبعض تفرض عليه ومنهم من يطرد ويجد ذاته مشردا، خصوصا وأن الحكومات الفلسطينية المتعاقبة لم تضع حلولا لهذه القضية.
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي عمل على خلق بيئة طاردة، حيث بات الفلسطيني وخصوصا بالقدس المحتلة عاجزا عن توفير المقومات لوجوده، فتكاليف "الصمود والبقاء والمعيشة باهظة جدا".
وخلص بالقول "نتحدث عن ظاهرة مقلقة ويجب قرع ناقوس الخطر حيال ما ينتهجه الاحتلال من ممارسات وسياسة مبرمجة للتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني".