التعذيب يقلق الفلسطينيين

عوض الرجوب-الخليل
رغم مضي نحو ثمانية أشهر على توقيع حركتي التحرير الوطني الفلسطينية (فتح) والمقاومة الإسلامية (حماس) اتفاق المصالحة الوطنية في القاهرة، فإن حالة حقوق الإنسان لا تزال متردية، والتعذيب لا يزال مستمرا في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفق مؤسسات حقوقية.
واللافت أن الاهتمام بقضايا التعذيب لم يتوقف عند حد كشفها ونشرها ضمن بيانات صحفية، بل ذهبت بعض المؤسسات إلى إصدار كتب تفصيلية حول ظاهرة التعذيب وأشكاله والموقف القانوني منه، وحقوق ضحايا التعذيب وسبل حمايتهم.
ويرى حقوقيون أن وقف التعذيب يتطلب بدرجة أساسية محاسبة مرتكبي الجرائم والمسؤولين عنهم، والمتسترين عليهم، مطالبين بموقف رسمي واضح برفض التعذيب.
لا تغيير
ففي بيان أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يوافق 11 ديسمبر/كانون الأول، جددت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان مطالبتها كافة الأطراف الفلسطينية "بضرورة العمل الجاد على تنفيذ بنود اتفاق المصالحة الوطنية، لكي يلمس المواطن الفلسطيني تغيرا إيجابيا وواضحا على وضع حقوق الإنسان التي تعرضت لانتهاكات جسيمة منذ وقوع حالة الانقسام".
وأكدت الهيئة أن جهود المصالحة لم تعكس نفسها بشكل إيجابي على حالة حقوق المواطن الفلسطيني الذي يتطلع إلى إنهاء الانقسام وبداية مرحلة جديدة يتمتع فيها بكامل حقوقه وحرياته.
وفي تقريرها لحالة حقوق الإنسان خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أكدت الهيئة استمرار قيام الأجهزة الأمنية، بانتهاك حق الموقوفين والمحتجزين بسلامتهم البدنية، معتبرة "كل أشكال سوء المعاملة والتعذيب التي تمارسها الأجهزة الأمنية في قطاع غزة والضفة الغربية، أعمالاً محظورة يجب تجريمها ومعاقبة مرتكبيها".

في السياق ذاته أصدر مركز المعلومات العدلي بوزارة العدل الفلسطينية ومركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب كتابا بعنوان "المرشد الوطني لمناهضة التعذيب" ويهدف إلى رفع الوعي بموضوع مناهضة التعذيب والوقاية منه.
ويتضمن المرشد معلومات حول التعذيب في الاتفاقيات الدولية، وواجبات الدولة بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، ورصد وتوثيق قضايا التعذيب، وحقوق ضحايا التعذيب وتعويضهم.
ويقول معد الكتاب الناشط الحقوقي ماجد عاروري إن المرشد جاء ليعزز الثقافة الرسمية والشعبية لمناهضة التعذيب ويساعدهم على معرفة كل الآليات التي من شأنها مناهضة ومنع التعذيب، وملاحقة من يرتكبون مثل هذه الجرائم وخاصة على المستوى القضائي.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن المرشد يحاول أن يوضّح لكل طرف مسؤوليته لمنع حدوث التعذيب، موضحا أن مناهضة التعذيب تتطلب جملة إجراءات وخطوات على مختلف المستويات الرسمية والشعبية.
وأكد عاروري أن موضوع التعذيب يشهد مدا وجزرا في الأراضي الفلسطينية، مشيرا إلى "توجهات جدية على مختلف المستويات الرسمية الشعبية لإزالته".
جريمة بلا عقاب
وفي تلخيصه لحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، أكد منسق أعمال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في الضفة الغربية سميح محسن، استمرار الاعتقال التعسفي وما ينتج عنه من ممارسة التعذيب على نطاق واسع.

وأضاف أن الفترة من صيف 2007 وحتى النصف الأول من العام الجاري، شهدت ممارسة التعذيب على نطاق واسع، فيما شهد النصف الثاني من العام الجاري تحسنا طفيفا، لكن دون اجتثاث التعذيب بشكل كامل.
وأضاف أن المنظمات الأهلية تواصل عملها لوقف هذه الممارسة لكونها من الانتهاكات الأكثر وحشية ضد الإنسان بسبب إمكانية تعريض الشخص الواقع تحت التعذيب للموت، مشيرا إلى أن التثقيف استمر على مدى 17 عاما، ومع ذلك فإن التعذيب لا يزال يمارس.
ورأى أن المرشد الوطني الصادر مؤخرا قد يضيف شيئا للثقافة المناهضة للتعذيب "لكن إذا لم يتم محاسبة مقترفي جرائم التعذيب وفق المؤسسة القضائية الفلسطينية فإن التعذيب سيستمر".
وقال إنه في حال عدم معاقبة الأشخاص الذي يمارسون التعذيب والمسؤولين عنهم والذين يعلمون بوجود ممارسة للتعذيب دون التبليغ عنه، ومحاكمتهم قضائيا فإن الجريمة سوف تستمر.
وطالب محسن وزارة العدل الفلسطينية، المشاركة في إصدار الكتاب، باعتبارها من مكونات الجهاز الرسمي الفلسطيني باتخاذ موقف واضح وصريح وبرفضها للتعذيب.