جدل حول مشروع "تنظيم السلطات" بتونس

إيمان مهذب-تونس
أثارت بعض فصول مشروع التنظيم المؤقت للسلطات العمومية في تونس الكثير من الجدل، حيث اختلفت الأطراف التي تناقش المشروع حول توزيع الصلاحيات بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس التأسيسي، وكذلك آلية التصويت على الدستور الجديد.
وكانت القوى السياسية الكبرى المتحالفة داخل المجلس الوطني التأسيسي، الممثلة في حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، قد قدمت للجنة التنظيم المؤقت للسلطات العمومية مقترحا لمشروع يتضمن 22 فصلا، يحدد الأحكام العامة والسلطات الثلاث، ومهام رئيس الجمهورية، وسبل تشكيل الحكومة.
اختلافات جوهرية
في ضوء ذلك، قال القيادي بحزب التكتل خميس قسيلة للجزيرة نت إن "لجنة (السلطات) المؤقتة استأنفت عملها بعد توقف لأكثر من 18 ساعة بسبب اختلافات جوهرية بين التكتل والمؤتمر والحزب الديمقراطي التقدمي من جهة وحركة النهضة من جهة أخرى".
وأوضح أن هذه النقاط الخلافية تتعلق بالصلاحيات التشريعية لرئيس الحكومة التي اعتبر أن فيها تغولا غير مبرر، مشيرا إلى أن الصلاحيات الممنوحة لرئيس الحكومة تحيد عن التوازن بين السلطات.
وأشار قسيلة إلى وجود خلاف آخر حول آلية تعين الحكومة "حيث كان الاتفاق ينص على تصعيد الحكومة وإعطائها الثقة بنسبة خمسين زائد واحد، لكن في إسقاطها وحجب الثقة عنها اقترحت حركة النهضة نسبة الثلثين، فاقترحت البقية الحفاظ على النسبة ذاتها في كلتا الحالتين" مؤكدا أنه لا يمكن تصعيد الحكومة بنسبة وإسقاطها بنسبة أرفع.
حلول اتفاقية

في المقابل، ذكر رئيس كتلة حركة النهضة بـالمجلس الوطني التأسيسي نور الدين البحيري أن "لجنة تنظيم (السلطات) المؤقتة تواصل مناقشة مشروع مقترح تقدمت به كل من حركة النهضة والمؤتمر والتكتل، حيث إن بعض نقاط مشروع مازالت تتطلب المزيد من التمحيص" وأكد استمرار التباحث حتى يتم الوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف ويحقق مصلحة البلاد ولا يرهنها لأي جهة.
وأوضح البحيري في حديثه للجزيرة نت أن "النهضة ضد عودة الاستبداد وضد تغول رئاسة الجمهورية وعودة بن علي بشكل آخر، وكذلك ضمان عدم طغيان أي مؤسسة من المؤسسات على الأخرى" مؤكدا ضرورة الحفاظ على مبدأ العمل الجماعي المشترك.
ادعاءات
ووصف ما يقال بشأن سعي حركة النهضة إلى منح صلاحيات موسعة لرئيس الحكومة بأنه "ادعاء مخالف للحقيقة" لافتا إلى أن مشروع السلطات المؤقتة لم تقدمه حركة النهضة بمفردها للجنة، بل قدمته الأحزاب الثلاثة (النهضة والمؤتمر والتكتل) وقد حرر ونوقش من جانب ممثلي الأحزاب الثلاثة.
وأشار البحيري إلى أنه من حق الأطراف المشاركة في صياغة المشروع التراجع عن قرارها، وعما ارتأته في السابق صالحا ومفيدا للبلاد، دون التنصل من مساهمتها في تقديم هذا المشروع.

وكان حزب المؤتمر من أجل الجمهورية والذي يشغل زعيمه منصف المرزوقي منصب رئيس البلاد، قد أصدر بيانا شدد على رفضه لقبول رئاسة صورية، مشددا على ضرورة وجود رئاسة ذات صلاحيات حقيقية في إطار نظام يعطي للرئاسات الثلاث (رئاسة البلاد، ورئاسة الحكومة، والمجلس التأسيسي) دورها ومكانتها في تسيير المرحلة الصعبة التي تنتظر الجميع.
ضغوط
في غضون ذلك، أرجع ممثل شبكة "دستورنا" جوهر بن مبارك، امتناع حزبي المؤتمر والتكتل عن التصويت على بعض فصول مشروع السلطات المؤقتة إلى الضغط الذي مارسه المجتمع المدني والشارع التونسي لرفض هذا المشروع، بالإضافة إلى الضغوط الداخلية المهولة التي تعرضت لها هذه الأحزاب من قواعدها مما دفعها للتراجع نهاية الأمر.
وكانت شبكة "دستورنا" قد دعت أمس الأربعاء إلى وقفة احتجاجية أمام الوطني التأسيسي للمطالبة بإرساء مسار ديمقراطي شفاف.