معتصمو التحرير باقون حتى التغيير

عبدالرحمن سعد-القاهرة
على وقع الهتاف بسقوط المشير حسين طنطاوي، وروائح الغازات المسيلة للدموع، واصل الآلاف اعتصامهم في ميدان التحرير لليوم الرابع على التوالي بعد مليونية 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وقاموا بتشكيل لجان للإعاشة، وأخرى للحماية، وقالوا إنهم بصدد الاتفاق على مطالب موحدة، وإعلانها اليوم.
وتخللت ليلة الأحد/الاثنين اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الشرطة في شارع محمد محمود الملاصق للجامعة الأميركية، بالقرب من مقر وزارة الداخلية، التي حاول المعتصمون اقتحامها انتقاما لاعتقال 55 متظاهرا، ومقتل 11، وجرح أكثر من ألف، بحسب تقديرات أطباء الميدان.
وفيما استخف المعتصمون بالبيان الذي أصدرته حكومة عصام شرف، ونفت فيه استخدام الذخيرة الحية ضدهم، وصفوا بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة (رقم 81) -الذي أعرب فيه عن أسفه لأحداث الميدان- بأنه غير كاف.
وطالب والد قتيل الثورة (مينا مجدي) بالتعويض الأدبي والمالي لابنه الذي توفي الجمعة 28 يناير/كانون الثاني بطلق ناري، واصفا المشير طنطاوي بأنه أول رئيس مصري يحكم نيابة عن آخر من وراء الكواليس.
وشكا للجزيرة نت من أنه لم يجد أي اهتمام أو تعويض من مجلس الوزراء، مطالبا بإسقاط نظام حسني مبارك بالكامل، ورحيل المجلس العسكري.

قنايل وهتافات
المعتصمون قضوا ليلتهم في مناقشات سياسية غلب عليها الاختلاف الفكري، ومحاولة تكوين رؤى مشتركة بين مختلف الأفكار، وتواجد شباب قالوا إنهم جاؤوا لحماية الثورة، ومطالبة المجلس العسكري بالرحيل.
وكشف المعتصمون النقاب عن إطلاق قنابل أميركة الصنع مسيلة للدموع عليهم، لكنها تسبب الاختناق المفضي للهلاك، كما أكد للجزيرة نت الدكتور أحمد فايز مسؤول عيادة "كنتاكي" في الميدان.
وتناقل المعتصمون طوال الليل قصص من فقدوا أعينهم خلال عدوان الشرطة، ومنهم الطبيب أحمد حرارة الذي فقد عينه اليمنى في "جمعة الغضب" (28 يناير/كانون الثاني الماضي) ثم فقد اليسرى، في مواجهات السبت (19 نوفمبر/تشرين الثاني).
وبينما ظلت سيارات الإسعاف تطوف على مدار الساعة لتنقل المصابين بالعشرات ليلا من موقع الاشتباكات، والمصابين بالاختناق من جراء إفراط الشرطة في إلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع على المعتصمين، طاف البعض في الميدان، وهو يحمل آثار الشهداء مثل عباءة أو قميص ملطخ بالدماء.
وترددت هتافات ضد المجلس العسكري منها: "ثورة طالعة من التحرير.. ضد ظلمك يا مشير"، و"المسيحية مع الإسلام.. يسقط يسقط كل جبان"، و"يا مشير يا مشير.. لسه الثورة في التحرير".
وشارك في الاعتصام عدد من باحثي جامعة الأزهر، ورفعوا لافتتين تقول الأولى "الأزهر يقرر إنهاء حكم العسكر"، والأخرى "يا طنطاوي قل لعنان.. الأزهر جالك في الميدان".

أبو إسماعيل وسلطان
تجمع المرشح المحتمل للرئاسة حازم صلاح أبو إسماعيل مع أنصاره، وألقى فيهم خطابا حماسيا مساء أمس دعاهم فيه للبقاء بالميدان، ونفى لقاءه مع أي من أفراد المجلس العسكري، وقال إن نزول الميدان مسألة شرف لأن خذلان المعتصمين حرام.
وقال إن الحد الأدنى لمطالبهم يتمثل في إصدار المجلس العسكري قرارا بتحديد تاريخ تسليم السلطة، وأن يعلن إجراء الانتخابات الرئاسية يوم 22 أبريل، والإعادة 29 أبريل، وتسليم السلطة قبل انتهاء الشهر نفسه.
ومن جهته قال أستاذ الشريعة الدكتور صلاح سلطان إن ما حدث مجزرة شاركت فيها قوات الشرطة والجيش، ولا بد من محاسبة العسكر على قراراتهم السلبية، ملوحا بغطاء رأس يخص أحد الضحايا، وقد تلطخ بالدماء، وقال بتأثر "هذه هدية المشير".

خلافات بين المعتصمين
وقد نشبت خلافات حادة بين المعتصمين: هل الانتخابات أم الدستور أولا؟ وقال محمود جابر (معتصم) إنه يؤيد استمرار الاعتصام ليأخذ كل مصري حقه، مستنكرا تباطؤ العسكري في المحاكمات وتطهير الإعلام، ووزارة الداخلية.
وشدد حسن مظهر (معتصم) على أنه لم تعد هناك ثقة بين الثوار والمجلس العسكري متهما المجلس بأنه يعمل لمصالحه الضيقة، وضد الثورة. وقال للجزيرة نت "لا بد من اعتراف العسكري بسقوط نظام الحاكم الفرد".
ومن جهته، طالب محمد أحمد (معتصم) بجدول زمني بمواعيد محددة لنقل السلطة وإطلاق سراح ضباط الجيش المحبوسين، والمدنيين المحالين لمحاكم عسكرية. في حين أيد الدكتور محمد مكاوي (معتصم) استمرار الاعتصام "حتى نثبت للمجلس العسكري أن كرامة المصري لا تُهان"، مشددا على أن نهاية شهر أبريل/نيسان يجب أن تكون موعدا أقصى للانتخابات الرئاسية.
وطالب وليد أحمد ماهر (معتصم) بتوزيع مساجين النظام السابق على سجون مصر المختلفة، و"محاكمة قتلة الثوار محاكمة سريعة وناجزة"، وإصدار قانون العزل السياسي لأعضاء الوطني المحلول، وإلغاء الطوارئ و"وثيقة السلمي".