حوار السلطة يقسم معارضي موريتانيا

مسعود ولد بلخير متحدثا في المهرجان - مهرجان المعارضة المشاركة بالحوار في العاصمة نواكشوط

مسعود ولد بلخير متحدثا في مهرجان المعارضة المشاركة بالحوار في العاصمة نواكشوط (الجزيرة نت)

أمين محمد-نواكشوط

تصاعدت حدة السجال السياسي بين مكونات منسقية المعارضة الموريتانية بعد انقسامها إلى فريقين متخاصمين فريق انخرط في حوار مع النظام ومع أغلبيته الحاكمة، وفريق آخر رفض الحوار وتمسك بشروط وممهدات للحوار سبق أن اتفقت عليها المعارضة في رسائل سابقة تبادلتها مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.

وبلغ السجال أوجه بالاتهامات وبالهجوم العنيف الذي شنه الزعيم المعارض ورئيس مجلس النواب مسعود ولد بلخير على حلفائه ورفقاء دربه السابقين وغرمائه الحاليين، وهي الاتهامات التي سبقتها تصريحات ناقدة صدرت من هذا الطرف أو ذاك.

اتهامات
واتهم ولد بلخير رفقاء الأمس بالسعي لإشعال البلاد عن طريق العنف وإثارة الحروب الأهلية، وأشار إلى أن الخلاف الذي حصل بين الأحزاب المشاركة في الحوار وتلك المقاطعة له لم يتم على أساس الحوار مع النظام وإنما على أساس النهج المختلف، فتلك الأحزاب تريد العنف والحروب الأهلية ونحن نريد الحوار وتسوية الأمور بالطرق السلمية.

وقال بلخير إن هذه الأحزاب سبق أن فشلت في إطلاق ثورة في البلاد على غرار الثورات التي شهدتها بعض البلدان العربية، وبعد أن منيت مساعيها تلك بالفشل باتوا يلعنون الحوار ويقولون إنه لا فائدة له، وإنه لم يقدم إلا مزيدا من تكريس وتعزيز صلاحيات ولد عبد العزيز.

وأشار إلى أنهم فشلوا أيضا في فهم الشعب وما يريد، فبينما يريد الشعب تنمية واستقرارا وحوارا، فإنهم يريدون فوضى وحروبا أهلية ليموت من يموت، ويشرد من يشرد، كل ذلك من أجل أن تنظم انتخابات رئاسية على حظهم العاثر يدفعهم هذه المرة للوصول إلى سدة الحكم، ولكن هيهات فلا حظ لهم في قيادة البلاد، حسب قوله.

وطالبهم بالتوبة والاعتذار للشعب، والتوجه إليه لمعرفة ما إن كان حقا يريد الحوار والاستقرار أم يريد الثورات والفوضى والحروب الأهلية؟

ولد حرمة: شعرة معاوية لم تنقطع بشكل كامل بين الطرفين المعارضين (الجزيرة نت)
ولد حرمة: شعرة معاوية لم تنقطع بشكل كامل بين الطرفين المعارضين (الجزيرة نت)

رفض
وردا على هذه الاتهامات تقول منى بنت الدي -وهي المسؤولة الإعلامية في أكبر أحزاب المعارضة تكتل القوي الديمقراطية الذي يترأسه زعيم المعارضة أحمد ولد داداه– إن المعارضة لم ترفض الحوار الجدي المسؤول بل هو مطلب رئيسي لها، ولكنها ترفض ما تصفه بالمسرحيات السمجة، والنتائج الهزيلة التي توصل إليها هذا الحوار.

وأضافت بنت الدي في حديث للجزيرة نت أن الدليل على سلمية حزبها وسلمية أحزاب المعارضة الجادة هو تعاطيها مع الظلم الذي يقع عليها منذ نحو عشرين عاما، حيث زورت الانتخابات ضدها، وألقي زعماؤها خلف القضبان، وسلطت الدعايات الكاذبة ضدهم، ومنعوا أحيانا من حقوقهم في التظاهر والتجمع ومع ذلك رفضوا الفتنة، وحافظوا على السلم الأهلي، وانحازوا لمصلحة البلاد.

ولكن المشكلة الرئيسية بحسب بنت الدي هو أن البعض قد تعب من النضال، وبات يمجد الطغمة العسكرية، ويغازل نظام ولد عبد العزيز، "أما المعارضة وحزب التكتل بشكل خاص فهي مستمرة في نضالها، ولم ولن تكل من النضال ضد الظلم والاستبداد، خصوصا أنها الآن تتنسم عبق الثورات، وتستظل بالظلال الوارفة للربيع العربي".

وبينما يرى البعض أن المستوى الذي وصل إليه السجال يعتبر كافيا في قطع جميع وشائج القربي وسابق الود بين الطرفين اللذين ظلا -إلا في حالات استثنائية نادرة- رفيقي درب منذ انطلاق ما يعرف بالمسلسل الديمقراطي بالبلاد بداية تسعينيات القرن الماضي.

إلا أن رئيس حزب الصواب عبد السلام ولد حرمة، وهو أحد أحزاب المعارضة المشاركة في الحوار والمنظمة لمهرجان اليوم، يقول للجزيرة نت إن شعرة معاوية لم تنقطع بشكل كامل بين الطرفين المعارضين.

ويلقي باللائمة ابتداء على أحزاب المعارضة الرافضة للحوار في خطابها المناوئ للحوار وللمشاركين فيه، وخصوصا خلال نشاطاتها الأخيرة التي وصفت فيها الحوار تارة بالملهاة وتارة بالمسرحية الهزيلة.

ويشير إلى أن مصلحة الساحة السياسية أن يكون هناك مستوى من التدافع يحافظ على اللباقة السياسية، وعلى الحوار المتمدن بين الطرفين، خصوصا وأن الخصم الحقيقي لكلا الطرفين هو النظام وليس الطرف المعارض الآخر.

جانب من الجمهور في مهرجان المعارضة المشاركة بالحوار في العاصمة نواكشوط (الجزيرة نت)
جانب من الجمهور في مهرجان المعارضة المشاركة بالحوار في العاصمة نواكشوط (الجزيرة نت)

استغراب
ويرى الكاتب الصحفي محمد سالم محمدو في حديث للجزيرة نت أن قوة الاتهامات المتبادلة بين الطرفين ليست مستغربة ذلك أن التقارب بين ولد بلخير وتلك المعارضة ظل دائما موضوع شد وجذب، كما أن علاقاته بزعيم المعارضة أحمد ولد داداه ظلت متوترة بالغالب، يضاف إلى ذلك أن مسعود غاضب جدا من المعارضة التي بدأت باحتضان معارضيه ومناوئيه داخل حزبه التحالف الشعبي.

ولكن المستغرب –بحسب ولد محمدو- هو أن يهتف رئيس حزب معارض (بلخير) لم يعلن بشكل عملي دخوله للأغلبية بالمجد لرئيس يواجه أزمات متعددة خصوصا على المستوى المعيشي للسكان ودفع وتيرة التنمية إلى الإمام.

ويجزم بأن الحوار وفي ظل السجال الحالي لن يؤدي إلى حلحلة فعلية في الوضع السياسي، خصوصا وأن قوى المعارضة المشاركة بالحوار لا تملك –باستثناء بلخير- قدرة فاعلة فى إقناع الجماهير بنتائج الحوار، وخاصة بالنظر إلى مصادرة النظام بسرعة لنتائج الحوار من خلال اعتبارها جزءا من برنامج الرئيس في حملته 2009.

المصدر : الجزيرة