التفتيش يؤخر شاحنات على حدود سوريا

نقولا طعمة–لبنان
بسبب تشديد السلطات السورية إجراءات التفتيش اصطفت مئات شاحنات النقل الخارجي على الحدود اللبنانية السورية عند نقطتي "العبودية" و"العريضة" لجهة الشمال اللبناني، ينتظر كل منها دوره في التفتيش قبل السماح بالدخول إلى الأراضي السورية، ومنها إلى بقية البلدان العربية. وتضطر الشاحنة للانتظار ثلاثة أو أربعة أيام حتى يصل دورها في التفتيش.
وأفادت مصادر أمنية بأن قرار التشديد بالتفتيش اتخذ منذ نحو أسبوعين في سوريا بعد ضبط أسلحة مخبأة في إحدى الشاحنات، وكانت عبارة عن أسلحة صيد أوتوماتيكية (بومب أكشن).
وتقوم الجمارك السورية بإجراءات التفتيش تساعدها قوى الأمن العام اللبناني والجمارك اللبنانية بعد نقل مركزيهما إلى تخوم النهر الكبير، وهي الحد الفاصل بين البلدين.
وتعتبر الحدود السورية المنفذ البري الوحيد للبنان للعبور إلى الخارج، نحو سوريا، وتركيا شمالا، والدول العربية المختلفة شرقا كالعراق، وجنوبا كالأردن ومصر ودول الخليج العربي.
وقال ريمون بشراوي (ضابط جمرك لبناني) للجزيرة نت "التشديد على الحدود بلغ ذروته بعد ضبط تلك الشحنة، وتستغرق الشاحنة أكثر من نصف ساعة للتفتيش وهي داخلة إلى الأراضي السورية، بينما لا تخضع للتفتيش عينه وهي داخلة إلى لبنان".
طابور الشاحنات
وقد اصطفت الشاحنات مسافة بعيدة بما يزيد على الكيلومترين بين الحدود، والداخل اللبناني، وافترش السائقون أطراف الطرق بالحصائر بجانب شاحناتهم، يشربون الشاي والقهوة، ويطبخون طعامهم على سخانات غاز صغيرة ريثما يصل دورهم.

جل السائقين سوريون، لذلك يتحدثون بحذر، وقال أحدهم إنهم "من حمص، وإن التأخير سببه إجراءات عادية"، وأنحى باللائمة على تغيير موقع الأمن العام والجمرك اللبنانيين لتبرير إجراءات التشديد في التفتيش.
وتجمع آخر ضم ثمانية سائقين افترشوا الأرض في بلدة العبودية، ولدى سؤالهم عن اسم أحدهم، بدا التحفظ على وجوههم، وقال أحدهم للجزيرة نت "نحن محمد، ونايف، وعلي، وعبد اللطيف، وعمر، كلنا من حمص. وصلنا اليوم إلى الحدود تقل شاحناتنا الفحم من مرفأ طرابلس".
ويوضح أحدهم أن "الازدحام يؤخر العبور، فبدلا من قيامنا بنقلة كل يومين، نقوم بنقلة كل أربعة أيام، والبقية تعتبر خسارة لنا”.
ويقضي محمد وحيد وعزام الريس (سائقان سوريان أيضا) بعض الوقت في صيانة ناقلتيهما، قال محمد إنه يمكث منذ ثلاثة أيام على مقربة من الحدود، ويقترب كل يوم قليلا قبل بلوغ نقطة التفتيش، موضحا أن "السبب هو التدقيق بالتفتيش على الحدود نظرا للأحداث التي تجري في سوريا، والأرجح بسبب كشف دخول أسلحة بواسطة الناقلات".
ويقول عزام إنه أمضى ثلاثة أيام دون أن يصل دوره، والسبب هو روتين التفتيش على الحدود، والتشديد بدأ منذ عشرة أيام.
شركات النقل
عن سبب الازدحام الأيام العشرة الأخيرة، قال بشير قشوع مدير شركة نقل عبر الحدود: عثرت الأجهزة الأمنية السورية واللبنانية أكثر من مرة على أسلحة مهربة من لبنان بواسطة الناقلات |
بشير قشوع مدير لشركة نقل عبر الحدود، وعضو نقابة مالكي الشاحنات اللبنانية، قال للجزيرة نت إن "الوضع الاقتصادي تراجع بنسبة ٨٠% متأثرا بالتطورات السورية، وبسبب أوضاع العراق، حيث تأثرت الحركة أيضا بسبب تراجع حركة العبور منذ أشهر. كما أن تصدير البضائع من سوريا تراجع مما أثر على الوضع الاقتصادي السوري أيضا".
وعن الازدحام الأيام العشرة الأخيرة، قال إنه بسبب اكتشاف أسلحة مهربة إلى سوريا، إذ عثرت الأجهزة الأمنية السورية واللبنانية أكثر من مرة على أسلحة مهربة من لبنان بواسطة الناقلات.
وأوضح أنه عثر على ناقلة منذ نحو شهر، فتم نقل مركزي الجمارك، والأمن العام اللبناني إلى تخوم الحدود التصاقا بالنهر، بعد أن كانا بعيدين نحو خمسمائة متر، وباتت الشاحنات تنجز أوراقها في مساحة ضيقة مما فاقم الازدحام.
وأضاف أن إجراءات جديدة اتخذتها السلطات السورية منذ أقل من شهر تضيف شيئا من صعوبات المرور، وهي النسخة الأصلية لشهادات المصدر المصدقة وفق مواصفات "شركة مراقبة النوعية"SGS العالمية" على غرار ما هو معمول به في العراق، بعد أن كانت السلطات السورية تكتفي "بفاكس" لهذه الشهادات، ويستغرق الحصول عليها بضعة أيام.
وقال "كنا نفضل بقاء لبنان محايدا، وعدم زجه في أحداث الجوار، فأصحاب العمل يهمهم الاستقرار لأنهم يريدونه لاستمرار أعمالهم".