الخرطوم قبل ساعات من الاستفتاء

عماد عبد الهادي-الخرطوم
بدا وجه العاصمة السودانية الخرطوم قبل ساعات من بداية استفتاء تقرير مصير الجنوب كالحا رغم احتفالاتها بأعياد الاستقلال، إلا من لافتات شملت كثيرا من شوارعها الرئيسية لمنبر السلام العادل -حزب الانفصاليين الشماليين- الذي يتزعمه الطيب مصطفى خال الرئيس السوداني عمر البشير.
ويبدو أن زيادة أسعار السلع وبشكل مفاجئ قد أخذت من هموم المواطنين السودانيين أكبر من همهم بقضية الانفصال من عدمه وما يمكن أن تحمله أيام المستقبل القريب.
لكن في المقابل يمثل نشاط منبر السلام العادل الحدث الموازي -المستهجن حينا والمرحب به حينا آخر- بين عدد من المواطنين الذين اعتبروا أن زيادة الأسعار في الوقت الحالي "محاولة حكومية للاعتراف بما يمكن أن يمثله انفصال الإقليم من تهديد اقتصادي منتظر".
حسرة سودانية
ورغم الحسرة على ضياع جزء من الوطن -كما وصفه بعض المتحدثين- فإن هناك من يرى أن اختيار الجنوبيين للانفصال "خطوة قد تدفع الشمال إلى تطوير مقدراته السياسية لمجاراة واقع محلي بدت القبيلة فيه والجهة أكبر سماته".
غير أنهم أجمعوا في تمنياتهم ألا يؤدي انفصال الجنوب إلى خلق دولة عدائية ديدنها الحرب مع جارتها الشمالية، مشيرين إلى عدة قضايا عالقة ربما تمثل شرارة الحرب المقبلة كقضية أبيي والحدود بين الدولتين.
فقد تساءل طبيب تحفظ على ذكر اسمه عن كيفية انفصال المواطن في الشمال عن حكومة المؤتمر الوطني والمواطن في الجنوب عن حكومة الحركة الشعبية، مشيرا إلى أن الطرفين "لا يهتمان كثيرا للاستفتاء بقدر حاجتهما لمن يمثلهما خير تمثيل".

فرح برلماني
وقال الطبيب للجزيرة نت إن الحدث الغريب ليس في انفصال الجنوب، ولكن في تصفيق النواب بالمجلس الوطني لقرار زيادة الأسعار التي تؤكد المعاناة على المواطن الذي دخلوا المجلس الوطني لتمثيله والدفاع عن حقوقه.
أما المعلم بالمعاش علي الحسين فقد أكد أن "العاصمة الخرطوم مشغولة بهموم حياتها اليومية"، متمنيا ألا تؤدي الخلافات على بعض القضايا إلى صراع جديد بين الدولتين حال الانفصال.
وجه مكفهر
واعتبر الحسين في حديثه للجزيرة نت أن وجه الخرطوم "سيكون بهذا الشكل مكفهرا طالما أنها تتوقع مزيدا من المشكلات التي أعيا بعضها كاهلها".

ومن جهته، قال المهندس حديد المأمون جقدول إن انتظار ساعة الاستفتاء ومتابعة ما يجري بين مسؤولي الشمال والجنوب "جعل مواطن العاصمة يفضل الانزواء بعيدا عن المشاركة في كافة المجالات مهما كانت مستوياتها".
ورغم تأييده لحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم كما لكل الشعوب فإن المهندس السوداني يرى أن "قرار الانفصال يمثل انتكاسة للسودان، ويشكك في قدرة السودانيين على استيعاب بعضهم بعضا ومن ثم استيعاب الآخر.