أولويات فتح في ذكرى انطلاقتها

رأت قيادات في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) أن من أولويات الحركة -وهي تعيش ذكرى انطلاقتها السادسة والأربعين- العمل على تحقيق الوحدة الفلسطينية وإعادة ترتيب وضعها الداخلي.
وبينما اعتبرت بعض تلك القيادات أن فتح أصبح لها موقف رسمي يعتمد العملية السلمية والمفاوضات، وآخر قاعدي يتخذ من المقاومة بغض النظر عن شكلها طريقا، رأت قيادات أخرى أن فتح كانت وما زالت حركة تحرر وطني "وأن المفاوضات لم تكن سوى وسيلة لتحقيق أهدافها".
وأكد عضو اللجنة المركزية بالحركة محمود العالول أن لفتح أولويتين: أولاهما داخلية تتعلق بتصليب وضعها التنظيمي والداخلي وإعادة بنائه بما يتناسب مع متطلبات المرحلة القادمة، والثانية خارجية تتعلق بإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية.
وأوضح أن هذين الأمرين يعدان مدخلا أساسيا لمواجهة التطرف الإسرائيلي والتحديات الراهنة "عبر المقاومة السلمية".
وأكد العالول في حديثه للجزيرة نت أن فتح ما زالت تعتبر نفسها حركة تحرر وطني، وهو ما أكده برنامجها السياسي بمؤتمرها السادس في أغسطس/آب 2009، وأن المفاوضات "المتوقفة الآن" وسيلة وليست هدفا، لافتا إلى عدم خوضها مجددا إذا كانت "عبثية كالتي كانت تتم"، لا سيما أن الاحتلال يستغلها لمزيد من الانتهاكات.

أزمات طبيعية
وحتى الأزمات الداخلية التي تعيشها الحركة، يرى المسؤول الفتحاوي أنها طبيعية وتعبر عن بنية فتح الجماهيرية والمتوسعة "التي تتسم بالتعددية والشفافية".
أما القيادي بالحركة حسام خضر الذي يوصف بأنه معارض، فنبه إلى أن أهم أولويات فتح استكمال مشروعها الوطني والتحرري، واستكمال إنجاز مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود 1967، وإنجاز المشروع الديمقراطي للشعب الفلسطيني بما يضمن تداول السلطة واحترام سيادة القانون، إضافة إلى إنجاز الوحدة.
وأوضح خضر للجزيرة نت أنه لم يعد خافيا وجود موقفين لفتح، حيث فتح الرسمية التي اختارت المفاوضات خيارا إستراتيجيا رغم تنكر الاحتلال لمجمل عملية السلام واستحقاقاتها، وموقف جماهيري "قاعدي" جاهز لأي خيار وفي سبيل إنجاز ذات الهدف لقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، "ولا يعني ذلك أن الحركة منشقة".
ورأى أن ما يجري بين الرئيس محمود عباس وعضو اللجنة المركزية محمد دحلان يميل إلى الإشكال الشخصي أكثر منه إلى أزمة فتحاوية، مبينا أن الأزمة الحقيقية تكمن بين قدرة قيادة الحركة على تنفيذ المشروع الديمقراطي داخلها، آخذة بعين الاعتبار القاعدة الفتحاوية ومطالبها، وبين العمل بجانب أحادي سواء بالسلطة أو بغيره.
كما تواجه فتح -حسب خضر- أزمة أخرى تضاف إلى الانقسام الداخلي هي أزمة التنسيق الأمني مع الاحتلال، فإسرائيل برأيه تتنكر لاستحقاقات هذا التنسيق كالانسحاب من المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، وإحداث تقدم في المفاوضات، والإقرار بالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، "وبالتالي لا يوجد هناك تقدم بالمسار السياسي".
ورأى القيادي الفتحاوي أن مؤتمر الحركة السادس شكل انتكاسة ديمقراطية حقيقية، مرجعا ذلك إلى سوء التحضير وسوء إدارة العملية الانتخابية. وأضاف أن القيادة المنتخبة لم تنفذ شيئا من قرارات وتوصيات المؤتمر التي من أبسطها قرار عدم ازدواجية مواقع تنفيذية لعضو اللجنة المركزية، بل جمعت القيادة بين عضوية المركزية وعضوية أي هيئة أو سلطة أخرى.

ورغم كل الظروف فإن فتح -كما يقول خضر- آخذة في التطور الإيجابي عبر محاولات حثيثة من القاعدة الفتحاوية لإجبار القيادة على أن تكون في مستوى المسؤولية.
الأشخاص والأدوات
من جانبه اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري أن احتفاظ فتح بدورها القيادي تراجع لأن برنامجها فشل، وأصبحت بحاجة إلى التغيير في السياسات والأشخاص والأدوات.
ورأى أن فتح -وبأي الأساليب السلمية أو المقاومة- لم تحقق أهدافها "وليس هذا حالها وحدها"، وأن المطلوب من الجميع مراجعة التجارب السابقة بكافة أشكالها، وتبني إستراتيجية جديدة قادرة على تحقيق الأهداف الوطنية.