تعكف أجهزة الأمن المصرية على كشف ملابسات الاعتداء الذي تعرضت له كنيسة القديسين بالإسكندرية وسط شكوك متزايدة بتورط تنظيم القاعدة في ارتكابه، في حين اتسعت رقعة المسيرات المنددة لتشمل طلاب الجامعات بعدد من المحافظات، كما انتهز بعض ممثلي المنظمات الحقوقية الحادث لطرح عدد من المطالب للخروج من دائرة "الاحتقان الطائفي".
وتواصل مجموعة كبيرة من وكلاء النائب العام المصري سلسة تحقيقات موسعة تشمل أصحاب السيارات التي كانت متوقفة أمام الكنيسة وقت وقوع التفجير، وأصحاب المنازل المجاورة للكنيسة وشهود العيان والمصابين الذين تحسنت حالتهم، والاستماع لأقوال أفراد الحراسة المعينين على الكنيسة.
من جهتها انتهت مصلحة الطب الشرعي من التعرف على هوية ثلاث جثث من ضحايا التفجير -الذي سقط فيه 22 قتيلا وأكثر من تسعين مصابا- كانت مجهولة منذ وقوع الحادث، وتبين أنها لفتيات تم تسليمهن لذويهن بعد أن صرحت النيابة بدفنهن.
كما تسلمت النيابة العامة بالإسكندرية تقرير مصلحة الطب الشرعي الخاص بتشريح وفحص 18 جثة (10 إناث و8 ذكور) وبعض الأشلاء لضحايا الحادث، كشف أن معظمهم أصيبوا بإصابات تفجيرية وبعضهم بحروق لهيبية وتهتك داخلي بأعضاء الجسم نتيجة تطاير الشظايا واختراق أجسام معدنية لأجسادهم.
إعلان
واستبعدت أجهزة الأمن فرضية أن الانفجار نتج عن سيارة مفخخة بعد أن تبين أن السيارة المشتبه فيها قد انفجرت من الخارج وليس من الداخل، مما يعني أنها اشتعلت نتيجة شدة التفجير. ورجح المساعد الأول بوزارة الداخلية لشؤون الأمن اللواء عدلي الفايد أن تكون العبوة الناسفة الشديدة الانفجار كانت محمولة بواسطة انتحاري.
وقال مصدر أمني لرويترز طلب عدم ذكر اسمه إن قوات الأمن تأكدت من أن مرتكب الاعتداء مهاجم انتحاري ذو صلة بتنظيم القاعدة. وقال مصدر آخر إن الشرطة شددت الإجراءات الأمنية في الموانئ والمطارات المصرية لمنع أي شخص قد يكون متورطا من الفرار خارج البلاد أثناء سير التحقيق.
وقال مصدر أمني آخر إن الأمن يقوم بإعداد قائمة بأولئك الذين وصلوا إلى مصر في الآونة الأخيرة من دول يعرف أن القاعدة تقوم بتجنيد عملاء فيها.
مسيرات غضبمسيرة حاشدة لمئات المسيحيين بالقاهرة تنديدا بتفجير الإسكندرية (الفرنسية)
ويتزامن التحقيق في الانفجار مع استمرار مظاهرات المسيحيين تنديدا بالحادث.
فقد نظم مئات من المسيحيين المصريين مسيرة حاشدة مساء أمس جابت شوارع منطقة شبرا بالقاهرة للتنديد بالاعتداء.
ورفع المشاركون في المسيرة شعارات تندد بالتقصير الأمني، وتطالب بإقالة وزير الداخلية ومحافظ الإسكندرية ومدير أمنها.
كما طالب المتظاهرون بسرعة ضبط الجناة في الاعتداء. وقامت قوات الأمن بتفريق المتظاهرين بعد قيامهم برشق سيارات الشرطة بالحجارة والاعتداء على أفرادها. وفرضت الأجهزة الأمنية إجراءات مشددة حول الكنائس بعد يومين من التفجير.
كما نظم أنصار حزب التجمع المعارض وقفة بالشموع مساء أمس للتعبير عن تضامنهم مع أسر ضحايا الحادث، كما أكد مسؤولو الحزب المشاركون في الوقفة عن إدانة هذا التفجير باعتباره عملا إرهابيا يستهدف وحدة الوطن.
إعلان
وفي جامعة المنوفية احتشد الآلاف من الطلاب في مجمع الكليات بشبين الكوم يتقدمهم رئيس الجامعة الدكتور محمد عز العرب ونواب رئيس الجامعة وعمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس، في مسيرة تنديد بالحادث.
وحدة الصف
ورفع الطلاب لافتات تؤكد على وحدة الصف بين المسلمين والمسيحيين في مواجهة "الإرهاب" وأن "الوحدة الوطنية هي الدرع الواقي للقضاء على محاولات المتربصين بمصر".
كما نظم اتحاد طلاب جامعة عين شمس وقفة احتجاجية أمام قصر الزعفران بجامعة عين شمس ضد الحادث. وشارك في الوقفة رئيس الجامعة ونواب الجامعة وعمداء الكليات ورفع الطلاب لافتات كتب عليها "أيدك في أيدي.. عيدك هو عيدي"، و"وطن واحد شعب واحد والإرهاب لا دين له"، و"مصر بخير طول ما المسجد جنب الدير"، وشعارات أخرى تعبر عن تماسك شباب الجامعة ليكون نموذجا للوحدة الوطنية.
وفي محافظة أسيوط التي تقطنها أعداد كبيرة من الأقباط، نظمت جامعة أسيوط أمس مسيرة سلمية شارك فيها أكثر من خمسة آلاف طالب وطالبة، إضافة إلى العاملين بالجامعة يتقدمهم رئيس الجامعة الدكتور مصطفى كمال ونواب رئيس الجامعة وعمداء الكليات، استنكروا فيها الهجوم على كنيسة القديسين.
الطلاب نددوا باعتداء الإسكندرية (الجزيرة)
عمل وحشي
وطافت المسيرة داخل الحرم الجامعي واستمرت أكثر من ساعتين، حيث ندد الطلاب فيها بالعمل الوحشي الذي استهدف المصريين مؤكدين أن الإرهاب لا يفرق بين مسلم ومسيحي بل يستهدف أمن مصر.
وقال رئيس الجامعة الدكتور مصطفى كمال في كلمته التي ألقاها خلال المسيرة إن ما حدث في الإسكندرية لن يزيد المصريين إلا قوة، وإنهم لن يكونوا مثل العراق.
كما أصدر اتحاد طلاب جامعة أسيوط بيانا ناشد فيه الطلاب ضرورة التصدي للإرهاب العالمي والتطرف الديني والوقوف جميعا في وجه من يريد إلقاء مصر في الهاوية من خلال التفرقة الدينية. وفي نهاية المسيرة وقف طلاب الجامعة وقادتها دقيقة حداد على أرواح المصريين ضحايا حادث الإسكندرية.
إعلان
مطالب من جهتها عقدت منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان مؤتمرا صحفيا تقدمت خلاله بعدد من المطالب لرئيس الجمهورية ومنها إصدار قانون مكافحة العنف الطائفي وازدراء الأديان وإصدار قانون يحظر تولي أي وظيفة أيا كان نوعها على أساس ديني، وإعطاء مساحة مناسبة في الإعلام والتعليم لنشر الثقافة القبطية وقبول التعددية الدينية مثل السياسية، والتركيز على قيم الدولة المدنية ونزع أي مواد في الدستور والقانون تكون لها صبغة دينية.
وطالب رئيس المنظمة نجيب جبرائيل في بيان بأن يتم غل أيدي الأمن في المسائل ذات الصلة ومنها ما يتعلق بالموافقات الأمنية على بناء وترميم الكنائس والإسراع فورا بإصدار قانون بناء دور العبادة الموحد، وكذلك إنشاء نيابة متخصصة ونيابة لمكافحة العنف الطائفي، إضافة إلى المطالبة بإنشاء مجلس قومي للوحدة الوطنية والمواطنة يضم المهتمين بهذه القضايا ويكون تابعا تبعية مباشرة لرئيس الجمهورية.
من جهته قال عضو لجنة السياسات في الحزب الوطني الحاكم في مصر مصطفى علوي إن السنوات الأخيرة لم تشهد رفضا لأي طلب لبناء أو ترميم كنيسة. وأضاف في مقابلة مع الجزيرة أن مثل هذه الطلبات يجب ألا تطرح في هذا الوقت الذي تمر فيه البلاد بأزمة.
ردود دولية وفي الردود الدولية، طالبت وزارة الخارجية الإيطالية بإدراج أعمال العنف وما وصفته بالتمييز الذي يتعرض له المسيحيون في أنحاء العالم، ضمن جدول أعمال مجلس وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الذي سيعقد نهاية الشهر الحالي.
من جانبها، دانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الاعتداء، وطالبت الرئيس المصري حسني مبارك، في رسالة وجهتها إليه، بالعمل على عدم تكرار مثل تلك العمليات.
كما أعرب السفير البريطاني في القاهرة دومنيك إسكويث عن أسفه لما جرى، معتبرًا أن التفجير أصاب جميع من يقدّرون ما سماه قيمة التسامح بين الشعوب.