صدام ومظاهرات في الإسكندرية

نظم المئات من أعضاء هيئة التدريس وطلاب جامعة الإسكندرية اليوم مسيرة للتنديد بحادث كنيسة القديسين الذي سقط فيه 22 قتيلا وأكثر من تسعين مصابا، في وقت أصيب فيه 25 من الشرطة و15 مسيحيا خلال مظاهرة بالقاهرة.
وأفاد مراسل الجزيرة نت بالإسكندرية أحمد عبد الحافظ أن المسيرة التي طافت مجمع الكليات النظرية وانتهت بوقفة احتجاجية أمام مبنى الجامعة بالشاطبي شارك فيها رئيس الجامعة وعمداء وأساتذة وطلاب 17 كلية.
وأصدرت الجامعة واتحاد الطلاب بيانين شجبا فيهما "الاعتداء الإجرامي" الذي استهدف أبناء الشعب مسيحيين ومسلمين، إلى جانب توجيه الدعوة إلى أبناء الوطن لتوحيد الجهود من أجل النهوض بمصر "والتصدي للهجمة الغريبة الإجرامية".
كما نظم المئات من أعضاء لجنة التنسيق بين النقابات المهنية بالمحافظة مظاهرة أخرى اليوم أمام محكمة الحقانية وسط المدينة رافعين لافتات مكتوبا عليها "عاش الهلال مع الصليب"، "لا للإرهاب"، "معاً سنقاوم الإرهاب"، "الإرهاب لا دين له ولا وطن" مرددين هتافات "عاشت مصر آمنة" و"لا للإرهاب."

مصادمات
من ناحية أخرى تواصلت المناوشات على فترات متقطعة، بين قوات الأمن ومئات من المسيحيين الغاضبين الذين ردوا على محاولات تفريقهم بإلقاء الحجارة على قوات الأمن، مما أدى إلى تحطيم زجاج عدد من السيارات الموجودة في المكان.
وفرقت قوات الأمن العديد من الاحتجاجات المسيحية الغاضبة التي جابت العديد من الشوارع المحيطة بالكنيسة باستخدام قنابل الغاز المسيلة للدموع، وقامت بإغلاق جميع الطرق المؤدية إلى الكنيسة وفرضت طوقا أمنيا على المنطقة.
واشتبكت قوات مكافحة الشغب مع متظاهرين قذفوا بالحجارة والزجاجات، مطالبين بالقصاص لضحايا الحادث وإقالة وزير الداخلية حبيب العادلي، ومنددين بالتقصير الأمني في حماية الكنائس.
وتمكنت قوات الأمن بالمحافظة من احتواء مظاهرة محدودة بمنطقة العصافرة، رفع خلالها المتظاهرون الصلبان الخشبية ورددوا هتافات منددة بحادث الإسكندرية، وبالحكومة.
وردد المتظاهرون هتافات "نموت نموت ويحيا الصليب" و"حسني مبارك يا طيار قلب القبطي مولع نار" و"حق القبطي راح فين يا حاكمنا بالحديد قتلوا إخوتنا في يوم العيد" و"يا حاكمنا بالمباحث قتلوا ولادنا في الكنايس".
مظاهرات بالقاهرة
من ناحية أخرى أصيب 25 من أفراد الشرطة المصرية بينهم خمسة ضباط إضافة إلى 15 من المسيحيين في مظاهرات شرقي القاهرة.
وأفاد مراسل الجزيرة أن إصابات الشرطة جاءت نتيجة قيام المسيحيين، الذين تظاهروا أمام كاتدرائية العباسية شرقي العاصمة القاهرة أمس، برشقهم بالحجارة وزجاجات المياه.
ورفع المتظاهرون صلبانا خشبية ورددوا هتافات تندد بما اعتبروه استهدافا لهم، وطالبوا بإقالة وزير الداخلية، كما تعرض بعضهم لموكب شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية ووزير الأوقاف الذين زاروا الكاتدرائية ظهر اليوم نفسه لتقديم العزاء للبابا شنودة الثالث.
وخلال زيارته للكاتدرائية قال شيخ الأزهر أحمد الطيب إن "القيادات الإسلامية لم تأت للاعتذار لأن من ماتوا هم أهلنا، بل جئنا لنتصدى للإرهاب الذي يستهدف ضرب مصر وتحويلها إلى عراق آخر".
وانتقد شيخ الأزهر دعوة بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر التي طالب فيها بحماية المسيحيين في مصر، واعتبرها تدخلا غير مقبول في شؤون مصر، كما أعلن إنشاء لجنة تحت مسمى بيت العائلة المصرية تضم قيادات الأزهر والكنيسة.
دعوات
وفي هذا السياق دعا نشطاء وسياسيون عبر شبكة الإنترنت إلى مشاركة المسيحيين احتفالاتهم بعيد الميلاد بعمل "دروع بشرية" من شباب المسلمين أمام الكنائس ليلة عيد الميلاد، تعبيرا عن تضامن المصريين في حادث كنيسة القديسين.
وأعلنت قوى سياسية عن تنظيم وقفة احتجاجية يوم الجمعة المقبل في تمام الرابعة في جميع محافظات مصر، على أن يرتدي جميع المشاركين فيها الملابس السوداء في وقفة صامتة حاملين المصحف أو الإنجيل تعبيرا عن الاستياء واستنكار الحادث "الإرهابي".
واستجاب عشرات المواطنين معظمهم من الشباب، من المسلمين والمسيحيين لدعوات للتبرع بالدم لإنقاذ أرواح المصابين والتعبير عن التضامن الشعبي مع ذويهم.

التحقيق
وفيما يتعلق بالتحقيق، أمر المحامى العام الأول بسرعة إحضار تقرير الأدلة الجنائية الذي سيحدد مركز التفجير ومحتوى العبوة الناسفة وكيفية تصنيعها.
وذكرت مصادر أمنية أن التحقيق يجري حاليا مع سبعة أشخاص يشتبه بتورطهم في الحادث، بينما أطلق سراح عشرة آخرين بعد احتجازهم فترة قصيرة.
وقال مسؤولون مصريون إن هناك إشارات إلى وجود "عناصر أجنبية" وراء التفجير الذي رجحوا أن يكون انتحاريا.
وقالت مصادر طبية للجزيرة نت إنه تم التعرف على معظم الجثث، ولم يبق سوى جثتين وأشلاء أربع جثث أخرى استخدم اختبار الحامض النووي في تحديد هويتها، ويرجح أن يكون بينها الانتحاري منفذ الهجوم.
وكانت جماعة عراقية على صلة بتنظيم القاعدة هددت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي باستهداف الكنائس المصرية، ردا على احتجاز "أسيرات مسلمات في أديرة"، في إشارة إلى مسيحيات تردد على نطاق واسع أن السلطات سلمتهن للكنيسة رغم اعتناقهن الإسلام.
وتعهد الرئيس المصري حسني مبارك السبت بملاحقة مدبري الهجوم، ودعا المصريين للوحدة في مواجهة الإرهاب قائلا إن الهجوم استهدف المسلمين والمسيحيين في نفس الوقت.
في المقابل، حمل رموز في المعارضة المصرية النظام المسؤولية في الحادث، وطالبوا بإقالة وزير الداخلية لفشله في مكافحة الإرهاب.