تونس.. تغيير بانتظار التفعيل

epa02529568 Protesters clash with riot police during a protest against Tunisian President Zine El Abidine Ben Ali, in Tunis, Tunisia, 14 January 2011, after Tunisian President Zine El Abidine Ben Ali's address to the nation. Tunisia's leader Zine el-Abidine Ben Ali left the country after a month-long popular revolt that claimed

انتفاضة التونسيين أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي (الأوروبية)


زهير حمداني
 
أحدثت ثورة الشارع التونسي تغييرات هائلة وغير مسبوقة هوت بحكم الرئيس بن علي الذي امتد زهاء ربع قرن وصف بالفساد والتسلط وحكم الفرد وحزب واحد عشش في مفاصل الدوله وهياكلها، ولم ينه تسلم الوزير الأول السابق محمد الغنوشي الرئاسة بمقتضى الفصل 56 من الدستور الجدل حول مآلات الوضع في البلاد والتطورات المحتملة.
 
وقد خرجت عدة مسيرات في عدة مدن تونسية رافضة التغيير الجديد باعتبار أنه لم يرق إلى تطلعاتهم وحجم التضحيات التي قدموها في الانتفاضة التي استمرت قرابة شهر.
 
ويقول محللون إن بن علي الحاكم الفرد قد ذهب، لكن نظامه وحزبه بقيا، باعتبار أن الغنوشي نفسه من أهم أركان النظام، كما أن عبد الله القلال الذي ظهر عن يمينه يعرفه التونسيون بكونه جلادا عندما تولى وزارة الداخلية ورفعت ضده قضايا دولية بالتعذيب، وليس فؤاد المبزع بأفضل سمعة وهو عضو عتيد في التجمع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم).
 
رفض للماضي

undefinedويرى البعض أن تغييرا جديدا قد يحصل في هرم السلطة، في الفترة المقبلة، حيث سيسلم الغنوشي مهام الرئاسة إلى رئيس مجلس النواب بمقتضى الفصل 57 من الدستور الذي يمنحه مثل هذه الإصلاحية في حالة شغور منصب رئيس الجمهورية، وهو ما يصفه خبراء القانون الدستوري كذلك في الحالة.
 
ويؤكد أستاذ القانون الدستوري بجامعة الكويت فتحي الحامدي أن الحالة هنا أقرب إلى الاستقالة باعتبار ما حصل فرارا من قبل رئيس الجمهورية، وفي هذه الحالة يطبق الفصل 57 من الدستور.
 
وأضاف أن الثورة التي قامت بها الفئات المحرومة تفتح المجال أمام تأسيس الجمهورية الثالثة في البلاد، إذ لا بد من القطع مع ما بقي من رموز النظام البائد وحل الحزب الحاكم ومجلسي النواب والمستشارين.
 
ترشيد الثورة
وعلى النخبة السياسية- وفقا للحامدي- ترشيد هذه الثورة في اتجاه إنشاء مجلس تأسيسي يضع دستورا جديدا ويفتح المجال لإقامة نظام دستوري برلماني تكون فيه صلاحيات الرئيس شرفية.
 
كما قال مصباح شنيب النقابي والناشط في صلب الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض "نطلب من الغنوشي أن يتوجه بخطاب واضح إلى الشعب وأن يعيد سلطة القانون وأن يحترم إرادة الشعب".
 
ورأى أن الشعب يرفض وجود التجمع الدستوري الديمقراطي، وهو حزب الرئيس المخلوع الذي كان أساسا لما حصل في تونس.
 
تجميل النظام
من جهته قال الناشط السياسي عبد اللطيف المكي الأمين العام الأسبق للاتحاد العام التونسي للطلبة للجزيرة نت إن هناك تخوفا من الالتفاف على الجهد الشعبي غير المسبوق للشعب وإنتاج نظام حكم جديد بنفس الوجوه القديمة، وألا يتم الانفتاح إلا على القوى الهامشية في المشهد السياسي التونسي.
 
وأضاف أن التيارات السياسية الحقيقية التي لها امتداد جماهيري، في إشارة إلى حركة النهضة، لم تدع حتى الآن إلى اللقاءات مع محمد الغنوشي في الأيام الماضية سواء بصفته رئيسا لمجلس الوزراء أو رئيسا مؤقتا للجمهورية، مما يدل على تواصل الإقصاء رغم الوعود بالانفتاح على كل التيارات.
 
وأكد المكي أن اعتماد الفصل 56 في عملية التحول السياسي يبقى مقبولا باعتبار أنه سيوفر وقتا أكبر لبناء مؤسسات جديدة ديمقراطية وتهيئة الأوضاع لبناء ديمقراطي لهياكل الدولة، لكنه أكد على ضرورة مشاركة الجميع في إقامة هذا البناء.
 
مخاوف

"
الإفراط في الصرامة والمطالبة بحل الحزب الحاكم قد تدفع الأمور نحو الأخطر وتجر إلى حالة أكبر من الفوضى
"

من جهته قال محمد القوماني عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي أن سرعة الأحداث كانت فوق التوقعات وفاجأت الجميع، مشيرا أن الأولوية الآن لوقف أعمال النهب والسلب والفوضى التي تتخذ مسارا خطيرا، وقد تهدم كل ما بناه الشعب بتضحياته، والتي عزاها إلى مليشيات لبعض العائلات المتنفذة مع دخول عصابات إجرامية على الخط.

 
وأكد أن حالة الفوضى الراهنة قد تضرب التوجه نحو بناء دولة ديمقراطية ومؤسسات ديمقراطية، وحذر من أن الإفراط في الصرامة والمطالبة بحل الحزب الحاكم قد تدفع الأمور نحو الأخطر وتجر إلى حالة أكبر من الفوضى خاصة أنه أمسك بأجهزة وإداراتها لفترة طويلة.
 
وأشار إلى أن المعارضة متباعدة في المواقف والرؤى ولم تتفق على أجندة واحدة، وتجاوزتها الأحداث في غالبية الأحيان، كما أن هناك شحنات قد تتطور إلى خلاف جوهري بينها، مما يدخل البلاد إلى مسار غير محمود العواقب، وذكر بنموذج العراق الذي تواصل الخلاف بين فرقائه لفترة طويلة مما كبل أجهزة الدولة.
 
وقال الصحفي عبد الله الزواري إن التغيير يتم من خلال إزالة كل الأحقاد ومحاسبة المسؤولين وتتطلب الاعتراف بكل الأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات وإطلاق جميع المعتقلين وعودة كل المهجرين.
 
وأكد أن أي تصور جديد لا بد أن يكون بحضور شخصيات وزعماء سياسيين، مثل أحمد نجييب الشابي وراشد الغنوشي ومنصف المرزوقي ومية الجريبي وغيرهم من الشخصيات الفاعلة.
المصدر : الجزيرة

إعلان