معارضة لبنان تطلب رفض المحكمة

سلام خضر


محمد العلي-بيروت

تتجه أزمة لبنان السياسية إلى مزيد من التصعيد مع تحرك حزب الله وحلفائه لطلب اجتماع فوري مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان، لدفع الحكومة التي يترأسها سعد الحريري إلى التزام موقف مناهض للمحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى سقوطها على الأرجح حسب مراقب عارف بالوضع اللبناني.

وظهرت نذر التأزم بوضوح بعد نعي زعيم التيار الوطني الحر النائب ميشال عون -خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء الماضي- المبادرة السورية السعودية الهادفة إلى محاولة تجنيب لبنان آثار القرار الاتهامي المرتقب لمحكمة الحريري، وتوجيهه الشكر لكل من المملكة وسوريا على جهودهما.

وأتبع هذا الإعلان باجتماع لأركان المعارضة -التي يمثل حزب الله محورها- في منزل عون شمالي بيروت، طالب المشاركون فيه الرئيس سليمان بعقد اجتماع فوري للحكومة للرد على المحكمة الدولية.

ويأتي هذا الطلب رغم أن اجتماعات الحكومة متوقفة منذ شهرين، بسبب إصرار حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر على وضع ما يعرف ببند شهود الزور في مقدمة جدول أعمالها للتصويت عليه.

ولحد الآن يلتزم الرئيس اللبناني موقفا وسطيا يسعى لعدم نقل الأزمة إلى داخل الحكومة، ويدعمه في موقفه هذا زعيم اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط.

وكان لافتا أن جنبلاط ألغى مؤتمرا صحفيا كان قد أعلن سلفا أنه سيعقده في منزله دون إبداء الأسباب, في حين أشار رئيس كتلة الوفاء للمقاومة البرلمانية القيادي في حزب الله النائب محمد رعد، إلى أن المعارضة لديها خطوات أخرى ستتخذها، في تلميح لما قاله عون.

الحريري: الطرف الثاني لم يف بالالتزامات المطلوبة (الفرنسية-أرشيف)
الحريري: الطرف الثاني لم يف بالالتزامات المطلوبة (الفرنسية-أرشيف)

"التفاهم جاهز"
وجاءت هذه التحركات بعد أن كان رئيس الحكومة قد صرح يوم الجمعة الماضي لصحيفة الحياة اللندنية بأن التفاهم السوري السعودي حول أزمة القرار الاتهامي المرتقب "جاهز منذ أشهر، والطرف الثاني لم يف بالالتزامات المطلوبة منه بموجب التفاهم"، دون أن يوضح ما إذا كان المقصود بالطرف الثاني حزب الله وحلفاؤه أم سوريا نفسها.

ومعلوم أن علاقة سعد الحريري بسوريا شابها التوتر بعد اغتيال والده رفيق الحريري، حيث اتهمت قوى 14 آذار -التي يشكل تيار الحريري جزءا منها- دمشق بالضلوع في الاغتيال.

غير أن تصريحات للحريري في السادس من سبتمبر/أيلول الماضي برأت سوريا من هذا الاتهام، وتحسنت العلاقة نوعا ما بين الجانبين بعد زيارة قام بها الحريري إلى دمشق.

كما سبق أن التقى الحريري في نيويورك ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، وفي الإطار نفسه عقد الرئيس الأميركي باراك أوباما لقاء مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي كان لبنان مدرجا على بنوده وفق ترجيحات المراقبين.

إسقاط الحكومة
ومع عدم ظهور إشارات على توافق أميركي سعودي على المبادرة السورية السعودية -المعروفة اختصارا في لبنان بـ"س س"- نقل عن كلينتون الاثنين قولها خلال برنامج تلفزيوني من أبو ظبي أنها تعمل "مع السعوديين والفرنسيين والمصريين وغيرهم لمحاولة ضمان استقرار لبنان".

وأضافت أن الجهود المبذولة "تهدف لمنع أي جهة خارجية، أو أي جهة داخل لبنان تأخذ تعليماتها من جهات خارجية، من اتخاذ أي خطوات يمكن أن تزعزع استقرار لبنان وربما تتسبب في نشوب نزاع".

ويرى مراقبون في بيروت أن الولايات المتحدة الأميركية هي المسؤولة عن إفشال المسعى السوري السعودي بدليل توجيه عون الشكر للبلدين، كما أنه يمثل "صفعة" لسوريا التي حضر رئيسها بشار الأسد برفقة ملك السعودية إلى قصر بعبدا اللبناني في 30 يوليو/تموز الماضي.

ويرى المراقبون أن حزب الله جهز نفسه لمثل هذا الاحتمال، وأنه لم يكن ينتظر صدور القرار الظني، وسيقدم على الأرجح على إسقاط الحكومة بحكم امتلاكه مع حلفائه لأكثر من ثلث الأصوات داخلها، مما سيدفع الرئيس سليمان إلى بدء استشارات نيابية جديدة لتشكيل حكومة بديلة.

المصدر : الجزيرة

إعلان