عائلة سوهارتو.. أفول بعد سطوع

11/1/2011
محمود العدم-جاكرتا
تمتعت عائلة الرئيس الإندونيسي الأسبق أحمد سوهارتو خلال فترة حكمه بنفوذ كبير شكل امتدادا طبيعيا لحالة الحكم المستبد السائدة في البلاد, والتي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود من الزمان. ولكن النفوذ السياسي والشعبي للعائلة أصبح يتلاشى بعد أن أجبر سوهارتو على التنحي حتى وفاته عام 2008.
ويقول رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان شهر الدين دامينج إن طبيعة الحكم العسكري الديكتاتوري الذي اعتمده الرئيس سوهارتو في إدارة شؤون البلاد، شكلت مصدر قوة لأفراد عائلته, الذين تمكنوا من السيطرة على شؤون البلاد الاقتصادية والسياسية وحتى الاجتماعية, وقدموا نموذجا صريحا لحكم العائلات الفاسدة.
ويؤكد للجزيرة نت أن العائلة أساءت استخدام السلطات التي حصلت عليها خلال فترة حكم سوهارتو, وقامت بالتلاعب في المال العام، وتم استغلاله في إنشاء مؤسسات وشركات اقتصادية عملاقة تقدر استثماراتها بالمليارات, وهي محل تحقيق ومتابعة في المحاكم حتى الآن.
ولم يبرّئ دامينج العائلة من التورط في قضايا تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان, وقال إنه "رغم أنهم يعتبرون أبرياء من الناحية القانونية, فإن الواجب الأخلاقي يتطلب منهم التبرؤ من التاريخ الأسود للحكم الدكتاتوري المتعلق بالاعتداء على حريات المواطنين وحرمانهم من أبسط حقوقهم, بدلا من العمل على تبييض سجل الرئيس سوهارتو المتعلق بهذه القضايا".

أداة مالية
وكشف تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية قبل نحو عام أن الحكومة الإندونيسية على مدار فترة حكم الرئيس سوهارتو كانت مجرد أداة مالية لعائلته, التي امتلكت أكثر من حصة الربع في معظم الشركات الإندونيسية الكبرى, مثل مطاحن الدقيق ومصانع الإسمنت والأسمدة والطرق وشركات الأخشاب ومزارع زيت النخيل, وقدرت ثروة العائلة بنحو 16 مليار دولار، بحسب مجلة فوربس.
إعلان
وبدأت ملامح أفول شمس عائلة سوهارتو عقب إجباره على التنحي بعد ثورة شعبية في أعقاب الأزمة الاقتصادية التي عصفت في البلاد أواخر تسعينيات القرن الماضي, والتي نتج عنها تصويت البرلمان على وجوب عزله, وتمت على إثره استقالته وتسليم مهام منصبه وسلطاته جميعها لنائبه يوسف حبيبي في مايو/أيار 1998.
وتم تقديم سوهارتو نفسه للمحاكمة بتهم تتعلق بقضايا فساد في 2000، وبسبب حالته الصحية كانت محاكمته تؤجل في كل مرة, ولم يصدر بحقه حكم حتى وفاته مطلع عام 2008.
ويقول النائب في حزب العدالة والرفاه الإسلامي محفوظ صديق إن تقديم سوهارتو للمحاكمة -رغم عدم صدور حكم بحقه- كان إيذانا بفتح ملفات تتعلق بفساد لدى أفراد عائلته الذين استثمروا فترة حكمه للتطاول على القانون والإثراء بشكل غير مشروع, حيث بدأت المحاكم الإندونيسية آنذاك تنظر في ملفات هذه القضايا.
وأضاف صديق للجزيرة نت أنه بدخول عهد الإصلاح فإن النفوذ السياسي والشعبي لعائلة الراحل سوهارتو أصبح يتلاشى ويتآكل, بدليل ضآلة الأصوات التي حصل عليها حزب ابنته توتوت, التي لم تؤهلها للحصول على أي مقعد في البرلمان.

تهم بالفساد
وفي عام 2000 أمرت وزارة المالية بتجميد أصول مالية تبلغ قيمتها نحو 135 مليون دولار لشركات تتبع للعائلة، ويديرها الابن الأصغر لسوهارتو هوتومو ماندالا بوترا (تومي)، الذي ينظر إليه في إندونيسيا بأنه رمز للفساد في ظل حكم والده بعد تخلفه عن سداد الديون المتراكمة عليه.
وفي 2002 حكم بالسجن لمدة 15 عاما على هوتومو لدفعه مالا لقاتل محترف ليقتل قاضيا في المحكمة العليا, ولكن أفرج عنه بعد أن قضى أقل من نصف المدة بسبب نظام تخفيف العقوبات.
وأثار الإفراج عنه بهذه الطريقة انتقادات من جماعات حقوق الإنسان المحلية والأجنبية، وفسر النائب صديق الأمر بأنه مجرد قضية قانونية ليست لها علاقة بقوة نفوذ العائلة وسطوتها, "إذ لو كان الأمر كذلك لما أدين أساسا في القضية، ولواجه حكما بالسجن لعدة سنوات".
إعلان
المصدر : الجزيرة