التحرك المصري عقب انتقادات الخرطوم

30/6/2010
عماد عبد الهادي-الخرطوم
ما زالت الانتقادات، التي وجهها وزير الخارجية السوداني الجديد علي أحمد كرتي للدور المصري بالسودان وما أثارته من رد فعل مصري، تثير مواقف متباينة لا سيما بعد إرسال القاهرة وفدا للتقصي إلى الخرطوم.
وفي حين فضلت الخرطوم والقاهرة إجراء حوارهما والإجابة على استفساراتهما المتبادلة في أجواء مغلقة بما يساهم في حل جميع العقد، أشار محللون سياسيون إلى ما اعتبروه تخوفا مصريا مشروعا.
غير أنهم لم يستبعدوا سكوت الطرفين عن البوح بما تمت مناقشته بتفصيل بين مصر وشمال السودان من جهة، ومصر وجنوب السودان من جهة أخرى.
وكان وفد مصري رفيع المستوى بقيادة الوكيل في رئاسة الجمهورية المصرية خالد العرابي أجرى مباحثات سرية مع المسؤولين في الخرطوم وحكومة جنوب السودان استمرت لعدة أيام دون إعلان كامل عما تم التباحث حوله بين الأطراف الثلاثة.
رسالة عتاب
وتوقع المحللون أن يكون الوفد المصري قد حمل للخرطوم رسالة عتاب من القاهرة على تصريحات وزير الخارجية التي وصف فيها الدور المصري في السودان بالضعيف، ومبررات لموقف مصر من حركة العدل والمساواة والمقابلة التي حظي بها رئيسها في القاهرة.
وعلى الرغم من مسارعة الخرطوم لمحاولة تفسير انتقادات وزير الخارجية والقول بأنها فهمت في غير مقصدها، بدا أن الجانب المصري بحسب المراقبين أكثر حرصا على معرفة المزيد.
فقد أكد المحلل السياسي محمد موسى حريكة عدم سعادة الخرطوم بمواقف مصر الأخيرة من التعامل مع متمردي دارفور، كما أن مصر نفسها غير سعيدة بتمسك الخرطوم بمنبر الدوحة التفاوضي على حساب ما تعتبره القاهرة خصوصيتها.
ولم يستبعد في تعليقه للجزيرة نت تخوف مصر من عودة الدبلوماسية الخشنة في السودان بتعيين أحد المتشددين وزيرا للخارجية، لكنه استدرك بالقول إن مجموعة عوامل تدفع بالحذر المصري إلى درجة الخوف من مستقبل العلاقات خاصة أن الجميع ينتظر انفصال الجنوب.

خطوات مربكة
وقال إن الذاكرة المصرية لم تنس الخطوات المربكة التي عادة ما تخطوها الخرطوم خاصة بعد استفتاء الجنوب السوداني في تقرير مصيره الذي ربما ألهاها -أي الخرطوم- عن إيجاد حلول لأزمة دارفور "وبالتالي من الممكن أن تتأثر القاهرة بهذه التداعيات".
من جهته لم يستبعد المحلل السياسي محمد علي سعيد ما سماها بمعاناة القاهرة في فهم إستراتيجيات الخرطوم منذ بداية التسعينيات "مما يجعل تنسيقهما محل شك في كثير من القرارات الكبيرة".
وقال للجزيرة نت إن الحكومة المصرية ربما سعت لتأكيد أنها ما زالت قادرة على لعب دور في الملف السوداني "لكنها في ذات الوقت متخوفة من شكل الحكومة الجديدة بعد انتقادات وزير الخارجية علي كرتي لموقف القاهرة من قضايا السودان".
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين الشفيع محمد المكي فأشار إلى ما سماها بمشروعية التخوف المصري من انفصال الجنوب وعدم اكتمال السلام في دارفور.
وقال إن القاهرة "ربما نادت في لقاءاتها بوحدة السودان لكنها ربما أكدت أيضا للجميع أن ليس بمقدورها غير الدعوة مع احتفاظها بعلاقات متميزة مع الجنوب والشمال في آن واحد".
المصدر : الجزيرة