محاضر يقترح حلولا للأزمة المالية
شرين يونس-أبوظبي
قال رئيس وزراء ماليزيا السابق محاضر محمد إن الحكومات والمؤسسات الدولية فشلت في استخلاص الدروس من الأزمات الاقتصادية السابقة واتخاذ الإجراءات الضرورية لتجنب الأزمة المالية العالمية الحالية، وشدد على أهمية استعادة الحكومات لدورها في الإشراف والمراقبة على النظام المالي والنقدي العالمي.
جاء ذلك في محاضرة ألقاها محاضر الأربعاء بمركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية في أبوظبي تحت عنوان "الأزمة المالية العالمية: الدروس المستفادة والفرص المتاحة".
وحسب المسؤول السابق الذي يشغل حاليا الرئاسة الفخرية لمؤسسة بيردانا للقيادة، فإن المقولة الرأسمالية بأن السوق ينظم نفسه بنفسه ثبت فشلها عبر الأزمة الحالية، وأضاف أنه "لو كان الجميع من حكومات وقطاع مالي ورجال أعمال استوعبوا دروس أزمة الثلاثينيات من القرن الماضي أو أزمة دول شرق آسيا في التسعينيات، ما كان العالم تعرض حاليا لأسوأ أزمة مالية على الإطلاق.
وأوضح محاضر أن الدول الكبرى تدرك الآن أنها ليست بحصانة وبمنأى عن الأزمات المالية، وللخروج من الأزمة قامت بنفس ما اتخذته ماليزيا من إجراءات اشتراكية -وهي إجراءات أدانتها وقتها- لمساعدة الاقتصاد على التعافي.
ووصف السياسي الماليزي الأزمة الحالية بأنها حدثت نتيجة سوء استخدام من فئة من الأثرياء لتحقيق أرباح هائلة، ونتيجة للثقة المفرطة لقدرة السوق على تصحيح نفسه، مع غياب الشفافية والتهرب الضريبي، وهي أفكار على الحكومات –حسب محاضر- إعادة النظر فيها وتعديلها لتجنب تكرار هذه الأزمات مستقبلا.
ودعا محاضر إلى ضرورة اجتماع الدول الغنية والفقيرة للمشاركة بوضع أنظمة مالية وبنكية جديدة، تعيد للحكومات دورها في الإشراف والمراقبة، مع عدم إعطاء البنوك حقوقا غير محدودة وألا يتاح الإقراض بشكل مفرط، واشتراط الحصول على موافقة الحكومة قبل وضع أي سياسات خاصة بسوق المال.
مؤشرات مغلوطة
وأكد محاضر أهمية وضع مؤشرات جديدة لقياس ازدهار البلدان بعدما أظهرت الأزمة الحالية عدم شفافية ومصداقية المؤشرات السابقة، وتقليل حدود المضاربة لأقل المستويات لحماية الدول الفقيرة من ممارسات المضاربين و"رجال الأعمال المارقين".
وتطرقت المحاضرة -التي شهدت حضورا كثيفا- لدور وكالات التصنيف والسلطة السياسية والاقتصادية التي تتمتع بها، وهي تصنيفات وصفها محاضر بعدم الدقة والموضوعية.
وردا على سؤال عن الوقت الذي يحتاجه العالم للتعافي من الأزمة الحالية، أجاب محاضر بأن الاقتصادات خرجت بالفعل من عمق الأزمة ولكن التعافي لم يتم كلية، وتوقع استحالة عودة الدول الغنية لنفس القدر من الثراء الذي كانت عليه مسبقا، وأن الأزمة ستفرز الكثير من الدول الفقيرة.
ورأى محاضر أن منظمة التجارة العالمية فكرة جاءت من الدول الغنية وأرغمت عليها الدول الفقيرة، وأضاف أن واقع الحال يؤكد أن فتح الحدود سيكون في اتجاه واحد من الدول الثرية للفقيرة باعتبار الأولى هي مالكة السلع والرأسمال والتكنولوجيا.
وسخر محاضر من الفكرة بالقول "ما داموا يدعون لفتح الحدود، فدعونا نطالبهم بفتحها أمام ملايين العمال من الدول الأخرى والسماح لهم بالهجرة إلى أوروبا، وهو مطلب لن تستمع إليه الدول الغنية بأي حال".
وردا على استفسار البعض بشأن نظام الصيرفة الإسلامي وطرحه بديلا للنظام المالي الحالي، رأى محاضر أنه رغم محدودية تأثر النظام المالي الإسلامي بالأزمة العالمية، دعا لتوخي الحذر عند طرح منتجات لهذا النظام الإسلامي شبيهة بالنظام التقليدي وعدم استنساخ الأخير، وإلا تعرضت الصيرفة الإسلامية أيضا لسوء استخدام مماثل.
ودعا محاضر لعودة ربط العملات بقيمة الذهب بديلا عن الدولار لأنه أكثر استقرارا وكذلك لضرورة دعم الدول للمؤسسات المتوسطة والصغيرة، قائلا إنه على الحكومات التكفل برفاهية المواطنين وليس ضمان ثراء بعض الأشخاص فقط.