معارضة عنصرية تتشكل في أوكرانيا
9/12/2010
محمد صفوان جولاق-كييف
من رحم الثورة البرتقالية في العام 2004 ولدت الديمقراطية في أوكرانيا، كما يرى محللون، وفي ظل الديمقراطية خرجت إلى الوجود حركات وتجمعات وأحزاب قومية تحمل فكرا تحرريا يوصف بأنه فكر عنصري ويعتبر محل جدل كبير. وفي مقدمة هذه الحركات حزب "الحرية" و"اتحاد القوميين الأوكرانيين".
وقد ظن الاتحاد السوفياتي السابق أنه سحق هذا الفكر بالقضاء على حركة التحرر الثورية في أوكرانيا التي نادت بالانفصال عنه وقاتلت ضده أواسط القرن الماضي، لكنه عاد وبات اليوم ذا ثقل وحضور قوي في البلاد، تستند حركاته وأحزابه إلى قاعدة شعبية واسعة، جلها من فئة الشباب.
معارضة جديدة
وفي ظل التراجع القائم في شعبية أحزاب المعارضة البرتقالية وقادتها، وعلى رأسهم الرئيس السابق فيكتور يوتشينكو ورئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو، يرى البعض أن أحزاب الفكر التحرري "العنصري" باتت تشكل معارضة جديدة ذات حضور وتأثير.
وفي ظل التراجع القائم في شعبية أحزاب المعارضة البرتقالية وقادتها، وعلى رأسهم الرئيس السابق فيكتور يوتشينكو ورئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو، يرى البعض أن أحزاب الفكر التحرري "العنصري" باتت تشكل معارضة جديدة ذات حضور وتأثير.
يقول المحلل السياسي ميكولا سازونوف إن هذه الأحزاب حققت نتائج جيدة في الانتخابات المحلية قبل شهرين، خاصة في غرب البلاد حيث تنشط نسبيا، وتمكنت من الفوز بإدارة بلديات مدن وحصدت عدة مقاعد في أخرى.
وقال للجزيرة نت إن أنصار هذه الأحزاب باتوا في مقدمة أي نشاط للمعارضة، وقد يشكلون فيه الأغلبية، والتظاهرات الرافضة لقوانين الضرائب قبل أيام تدل على ذلك، فهم باتوا يأخذون مواقع رئيسية في المعارضة قد تمكنهم قريبا من قيادتها.
الأسباب
ويطرح حضور هذه الأحزاب في أوكرانيا تساؤلات عن الأسباب التي تدعم نشاطها المتسارع، وتهافت شريحة واسعة من فئة الشباب على تأييدها ودعمها.
المحلل فياتشيسلاف شفيد رأى أن الشباب يجدون في هذه الأحزاب ملاذا يسير بهم نحو مستقبل أفضل، حتى وإن كانت ذات طابع قومي عنصري "طائش" ومثير للجدل، على غرار الحزب الألماني النازي، وذلك بعد أن سئموا سماع وعود الأنظمة المتعاقبة "المعتدلة"، ولم يعودوا يصدقونها.
وقال إن الشباب سئم تبعية البلاد لروسيا تارة أو للغرب تارة أخرى، وفكر هذه الأحزاب يجاهر بعدم التبعية التي تفرض على البلاد استحقاقات سياسية واقتصادية واجتماعية تعرقل آمالها بالتطور.
مخاوف
وتفرض هذه الأحزاب على النظام والمجتمع مخاوف حقيقية في ظل ظهورها المتنامي على الساحتين السياسية والاجتماعية، خاصة أنها تنادي بقطع العلاقات مع روسيا والغرب وبطرد الأجانب ومن لا ينتمي إلى عرق "السلافيان" الأوكراني والمذهب "الأرثوذكسي".
وتفرض هذه الأحزاب على النظام والمجتمع مخاوف حقيقية في ظل ظهورها المتنامي على الساحتين السياسية والاجتماعية، خاصة أنها تنادي بقطع العلاقات مع روسيا والغرب وبطرد الأجانب ومن لا ينتمي إلى عرق "السلافيان" الأوكراني والمذهب "الأرثوذكسي".
فقد طعن الائتلاف الحاكم -على سبيل المثال- بنتائج الانتخابات المحلية في المدن التي فازت بها هذه الأحزاب، واستدعى الادعاء العام رئيس حزب "الحرية" أوليغ تياهنيبوك قبل أيام للتحقيق بتهمة إثارة الفوضى في البلاد من خلال المشاركة في المظاهرات حيث كسر أنصار حزبه بلاط ساحة الاستقلال وسط العاصمة كييف.
ورد الحزب على هذه الاتهامات بوصفها ذرائع تهدف إلى إرهاب أنصاره ووقف نشاطه الرافض لسياسات النظام.
ورأى المحلل شفيد أن سبب تنامي هذه الأحزاب لا يعود إلى أنها الأفضل، بل لأن باقي الأحزاب حنثت وتحنث بوعودها فأوجدت لدى الشعب فراغا من الثقة، وتطورُ نشاطها وتأثيرها وصولا إلى الحكم قد يشكل خطرا كبيرا على مستقبل البلاد التي ترتبط بعلاقات سياسة واقتصادية واجتماعية واسعة مع دول الجوار، وفي مقدمتها روسيا.
وأضاف أن المجتمع الأوكراني يضم إلى جانب العرق السلافياني الأوكراني الأرثوذكسي -وهو العرق الأبيض الأوسع انتشارا- أعراقا وقوميات وإثنيات ودينات أخرى تقدر بنحو 115 في بعض المناطق، وفي مقدمتها العرق السلافياني الأرثوذكسي الروسي، والتتري المسلم، واليهودي وغيرها، الأمر الذي يهدد المجتمع تهديدا مباشرا لأن هذه الأحزاب تشهر العداء للغير وتدعو إلى إبعادهم ومن بينهم الأجانب من طلاب وتجار مستثمرين ولاجئين.
المصدر : الجزيرة