تحريض إسرائيلي على فلسطينيي 48

محمد محسن وتد-أم الفحم
تشهد بعض المدن الإسرائيلية مظاهرات لجماعات يمينية متطرفة تمادت في تحريضها الدموي ودعت لقتل أي عربي يتزوج من فتاة يهودية ويسكن بمدينة إسرائيلية، وأجازت قتل اليهودي الذي يبيع ويؤجر للعرب.
وقد أذكى هذا التوجهَ فتوى عنصرية صدرت مؤخرا بعدما وقع عليها خمسون حاخاما يهوديا قبل أن تحصل على دعم 300 آخرين، تطالب اليهود بعدم تأجير أو بيع بيوت أو أراض للعرب.
وأحرجت هذه الفتوى المؤسسة الدينية والسياسية، حيث ميز بعض الحاخامات -لحفظ ماء الوجه- بين اعتماد مصطلح العربي "الجيد" و"المعادي" للدولة، عندما يدور الحديث عن البيع أو التأجير.
ورغم ذلك، فالقضية ما زالت تتفاعل وتحديدا في المدن المختلطة التي يقطنها 120 ألف فلسطيني تستهدفهم الفتوى بشكل مباشر.
واعتبرت الفتوى امتدادا للمشهد العنصري بالكنيست الإسرائيلي الذي يشرع قوانين عنصرية تستهدف العرب، ومن ضمنها قانون لجان القبول للسكن في البلدات اليهودية.
وطالب الأعضاء العرب في مجالس المدن المختلطة الرؤساء باتخاذ مواقف معارضة، وقدمت هيئات وجمعيات حقوقية وشخصيات عربية مذكرات لمسؤولين إسرائيليين طالبتهم بتقديم الحاخامات للمحاكمة.
وتشهد مدينة يافا حراكا شعبيا في هذا المجال، حيث طالب العضو البلدي أحمد المشهراوي رئيس البلدية باتخاذ موقف معارض للفتوى.
وتبنى المجلس طرح المشهراوي الذي أكد أنه "لا يمكن الصمت حيال هذه الفتاوى"، وقال "الأخطر أن الموجة تتسع، ويوميا نسمع أصواتا تتمادى بتحريضها وتبتكر أساليب متعددة لاستهداف العرب، وهذا مؤشر على فقدان السيطرة على زمام الأمور".

نقل الصراع
وفي تعليقه على أبعاد هذه الفتوى، قال الباحث الاجتماعي سامي أبو شحادة إن "قيادة المستوطنين والتيار الديني القومي اتخذت قرارها بنقل الصراع من الضفة وغزة إلى الداخل، وتحديدا المدن المختلطة التي تشهد مشاريع تهويد غير مسبوقة".
وأضاف في حديث للجزيرة نت "نلمس تصريحات عنصرية صادرة عن قيادات دينية وسياسية، فالعنصرية كانت متجذرة في المجتمع الإسرائيلي لكنها كانت مستترة، حيث حولت مؤخرا إلى مشروع يترجم على أرض الواقع".
وتابع أبو شحادة "نشهد موجة لطرد العرب العمال وإجبارهم على مغادرة المنازل المستأجرة وتهديدهم بالاغتيال، وبعض الجماعات اليهودية صرحت بأنها ستشكل عصابات مهمتها تطهير المدن من الوجود العربي".
وعن سؤال حول استمرار هذا السلوك داخل المجتمع الإسرائيلي، قال الباحث الاجتماعي إن "التحريض بات نهجا في الإعلام والكنيست، وأرى أن ترجمة التحريض إلى مجازر سيزداد في المستقبل القريب.. نطالب المجتمع الدولي بتوفير الحماية للأقلية الفلسطينية قبل حدوث مجازر بحقهم، فهم غير قادرين على حماية أنفسهم أمام مجتمع مدجج بالأيدولوجية العنصرية والسلاح".
مناخ عدواني
ومن أجل مواجهة هذه الفتوى، طالبت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل المستشار القضائي بالعمل بإقالة الحاخامات من مناصبهم، علما بأن منهم موظفي دولة.
وقال رئيس اللجنة محمد زيدان "تأتي الفتوى في سياق المظاهر العنصرية التي تستهدف الوجود العربي، فإسرائيل تنمي وتشرعن هذه العنصرية وتوفر المناخ التحريضي، وعليه سنتابع الموضوع قضائيا".
وتابع للجزيرة نت "لا نستغرب هذه التطورات، فالجو الرسمي السياسي والثقافي بإسرائيل تحريضي وعدواني للعرب".

عواقب وخيمة
من جهته، قال رئيس قائمة "عرب يافا" عمر سكسك "نستطيع قراءة السياسة بعيدة المدى لإسرائيل التي تتجه نحو الفاشية والعنصرية، وستأتي علينا أيام عصيبة وكارثية".
وأكد للجزيرة نت أن "هناك تصريحات وصلت حد تشجيع قتل العرب.. هي بداية لأحداث ستكون لها عواقب وخيمة، وبدلا من لجم جوقة المحرضين، تقف إسرائيل ساكتة، وهذا دليل قاطع على أن واضعي السياسة يقفون وراء الحملة".
على صعيد آخر، قدمت مؤسسة "ميزان" لحقوق الإنسان شكوى للحكومة الإسرائيلية، طالبت فيها بملاحقة المحرضين ولجم الظاهرة، منتقدة اعتبار الإرهاب الكلامي تعبيرا عن الرأي إن كان صاحبه غير عربي، وإن كان عربيا يكون رأيه خطرا على الدولة وأمنها.
وقد لخص عضو بلدية عكا أحمد عودة الوضع القائم حاليا وتداعياته على المستقبل القريب بالقول إن "الفتوى ضربة قاصمة لما يسمى التعايش المشترك بين اليهود والعرب، وتكشف زيف الديمقراطية، وتفضح التحريض والعنصرية التي يجب معالجتها بشكل عاجل".