دعوة بالجزائر للاهتمام بالزوايا

21/10/2010
هشام موفق-الجزائر
في ندوة أقيمت بالعاصمة الجزائرية تحت عنوان "دور الزوايا بمنطقة القبائل في إصلاح ذات البين"، طالب المشاركون السلطات الجزائرية بمزيد من الاهتمام بالزوايا، وهي مؤسسات دينية اجتماعية.
ودعا علماء وقضاة هذه الزوايا في كلمات ألقوها خلال الندوة التي عقدت أمس، وزارةَ الشؤون الدينية والأوقاف في الجزائر إلى "تهيئة الظروف الملائمة" لخريجي الزوايا من أجل تأدية واجباتهم تجاه المجتمع.
ومنطقة القبائل تقطنها أغلبية أمازيغية مسلمة، وتتكون -مثل أغلب مناطق الجزائر- من مجموعة عروش، والعرش هو مجموعة القرى والمداشر التي تستوطن منطقة ما، وينتسب أهلها في الغالب إلى جد واحد.
وحث العلامة محمد الطاهر آيت علجت في كلمته السلطات على إيجاد حل لطلبة الزوايا، وطالب الوزارة الوصية بمراجعة القانون الجديد للأئمة وعدم حصر الإمامة في "الجامعيين فقط"، مضيفا "لو كان الاهتمام بالزوايا لما ظهر أنبياء جدد في الجزائر".
ومن جانبه، كشف رئيس الرابطة الرحمانية للزوايا العلمية الجزائرية الشيخ مأمون القاسمي عن إعداده لمقترحات نصوص تشريعية وتطبيقية تخص هذا النوع من المؤسسات، لكنه قال "للأسف لم نتلق سوى الوعود من الجهات الرسمية".
يشار إلى أن الزاوية التي يطلق عليها الأمازيغ اسم "ثيمعمرث"، ويعني "المكان العامر بالذكر" ويبنى حوله العمران، يقصدها أهل القرية لتعليم أبنائهم القرآن وعلومه.
وعادة ما تمول هذه الزوايا وتسيّرقد ذاتيا، وكانت أثناء حرب التحرير الجزائرية قاعدة خلفية للمجاهدين، وكانت تؤدي دورا أساسيا في المجتمع كالتربية والتعليم والقضاء وغيرها.
واستعرض بعض المشاركين في الندوة التي نظمتها صحيفة الشروق اليومي، أمثلة لما كانت الزوايا تقوم به في فض الخصومات، كالخلافات العائلية والنزاعات العقارية والصراعات على الحدود بين العروش.

مواكبة العصر
ويرى الكاتب محمد أرزقي فرّاد أن الدور الحقيقي الذي تقوم به الزوايا الآن هو "المجتمع المدني"، وقال للجزيرة نت إن "على الزوايا أن تطور نفسها وتواكب العصر من حيث إدخال مواد جديدة في مناهجها التعليمية كتدريس اللغات وعلوم الحاسوب، بالموازاة مع القيام بدورها الإصلاحي والتربوي والخيري في المجتمع".
ويعتقد فرّاد أن الدولة أهملت الزوايا غداة الاستقلال (1962) فهمّشتها وجردتها من الكثير من أدوارها، ووزعت صلاحياتها على الكثير من الوزارات التي "فشلت في أداء دورها بحكم تجردها من البعد الروحي".
وأضاف "بعد وقوع الفتنة باسم الدين، تفطنت السلطة الجزائرية إلى أنه لو أوليت هذه الزوايا العناية اللازمة لما وقع ما وقع"، مطالبا بأن "تنزل هذه المؤسسات منزلتها لتحارب الفقر والمخدرات والانتحار وغيرها من الظواهر السلبية".
وعن علاقة هذه الزوايا بالطرق الصوفية واعتمادها عليها في مناهجها التربوية، قال الكاتب الجزائري إن "الزوايا بمنطقة القبائل تعتمد في أغلبها على التصوف السني، بخلاف بعض الزوايا في بعض مناطق الوطن التي تعتمد على تصوف الدروشة والزردات (الولائم)".
يذكر أنه تنتشر في الجزائر عدة طرق صوفية ولها مريدون كُثر، وأشهرها التيجانية والقادرية والرحمانية، وكلها تتبنى عقيدة أهل السنة والجماعة، إلا أن المؤرخين اختلفوا في تقييم سلوكها تجاه المستعمر الفرنسي منذ احتلاله الجزائر عام 1830.

"قرية
أغريب"ولم يتطرق المشاركون في الندوة إلى الوضع الراهن بمنطقة القبائل في عرضهم لدور الزوايا، رغم أن عنوان الندوة كان "دور الزوايا بمنطقة القبائل في إصلاح ذات البين".
وأبدى لونيس محالة رئيس عقلاء عرش آث جنّاد -وهو العرش الذي تنتمي إليه قرية أغريب التي هدم بها أحد المساجد مؤخرا- استياءه من تركيز الندوة على دور الزوايا التاريخي، وإغفالها الموضوعات الراهنة التي تستحق النقاش وتسليط الضوء عليها.
وكانت قرية أغريب بولاية تيزي وزو (100 كلم شرق العاصمة الجزائر) قد شهدت مواجهات دامية بين مصالح البلدية وسكان القرية إثر إقدام الأولى على هدم مسجد بدعوى "الرخصة القانونية".
وقال لونيس للجزيرة نت "سمعت اليوم كلاما جميلا عن القرآن وعلومه، لكن للأسف لم نخرج من الدائرة التاريخية وأغفلنا موضوعا حساسا سالت دماؤنا من أجله".
وأضاف أن "قرية أغريب يُهدم مسجدُها والدولة والمجتمع المدني صامتان وكأن الأمر لا يعنيهما.. هذه هي المأساة الوطنية (…) لست أفهم لماذا لا يُتطرق لهذا الموضوع لا في هذه الندوة ولا في غيرها من الندوات".
وناشد المتحدث الرئيس عبد العزيز بوتفليقة التدخل لإنقاذ –كما قال- منطقة القبائل من قبضة سعيد سعدي، وهو رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الذي يتهم بالوقوف وراء عملية هدم المسجد المذكور.
المصدر : الجزيرة