القضاء يخنق زرداري داخليا وخارجيا

مهيوب خضر-إسلام آباد
قالت المحكمة العليا في باكستان كلمتها بشأن المستفيدين من مرسوم المصالحة الوطنية بأن لا حصانة لأحد، وهو قرار أدخل الرئيس آصف علي زرداري في دوامة البحث عن مخرج، وسط حرج ألمّ برئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني المسؤول الأول عن تنفيذ الحكم، وذلك في وقت بدأت فيه المعارضة تلوح بخيار الدعوة إلى انتخابات مبكرة لإنقاذ النظام السياسي.
وأصدرت المحكمة العليا الثلاثاء الماضي تفاصيل قرار بطلان مرسوم المصالحة الوطنية الذي وقعه الرئيس الأسبق برويز مشرف نهاية العام 2007 وألغى بموجبه تهم فساد عن كاهل قرابة ثمانية آلاف شخص يتقدمهم الرئيس آصف علي زرداري.
وأشار القرار إلى أن جميع القضايا التي أغلقت سيعاد فتحها بما فيها القضايا المسجلة خارج البلاد، في حين كان زرداري يعتقد أن الحصانة التي يمنحها إياه كرسي الرئاسة بحكم الدستور ستحول دون فتح ملفات القضايا المتعلقة به.
من جانبه وعقب يومين من صدور حكم المحكمة، أمر رئيس الوزراء جيلاني وزير العدل في حكومته بتنفيذ قرار المحكمة الذي أدخل الحكومة في حرج شديد بين قضاء مستقل لا يهادن أحدا ورئيس هو في المنظور الحزبي مسؤوله الأول، فضلا عن تورط وزراء في الحكومة بتهم فساد متعددة.

هز كرسي الرئاسة
واعتبر الخبير الإستراتيجي طلعت مسعود أن قرار المحكمة هز بلا شك كرسي الرئاسة الذي يجلس عليه زرداري، وأن الرجل بات في وضع لا يحسد عليه يزج بمستقبله السياسي في خانة المجهول.
وأضاف مسعود للجزيرة نت أن موقف رئيس الوزراء جيلاني لا يقل صعوبة عن الرئيس زرداري، حيث بات مضطرا لتحديد موقفه إما بمناصرة الرئيس أو الوقوف مع القضاء.
ولم يستبعد مسعود إجراء تغيير قريب في تشكيلة الحكومة الحالية في ظل استبعاده لتدخل مباشر من قبل الجيش في الأزمة.
يشار إلى أن الرئيس زرداري استبق حكم المحكمة بجولة مكوكية في عدد من المدن الباكستانية شرح أثناءها موقفه واجتهد كثيرا في تبرئة نفسه من التهم الموجهة إليه، مقرا بتراجع شعبيته من جهة ومتهما جهات -لم يسمها وحددها مراقبون بأنها الجيش وحزب نواز شريف المعارض- بتدبير مؤامرة ضده أكد أنه سيواجهها بكل قوة.

جميع المطلوبين
ونفى أحسن إقبال القيادي في حزب الرابطة الإسلامية جناح نواز شريف وجود أية نية للحزب في زعزعة استقرار النظام السياسي بالبلاد، إلا أنه شدد في المقابل على ضرورة تنفيذ الحكومة لحكم المحكمة وتقديم جميع المطلوبين بتهم فساد إلى العدالة دون محاباة أو مجاملة.
وأعرب إقبال في حديثه مع الجزيرة نت عن أمله في أن لا يقع صدام بين القضاء والحكومة، إلا أنه أوضح أيضا أن صبر المعارضة على الفساد والمفسدين قد ينفد كما هو حال الشارع الباكستاني، بما قد يدفع إلى مطالبة الحكومة بإجراء انتخابات عامة مبكرة للخروج من المأزق الذي تعيشه البلاد.
ورأى المحلل السياسي وحيد حسين أن الخطر الحقيقي الذي يحدق بالرئيس يكمن في البند 63 من الدستور والذي يمكن أن تستغله المعارضة وغيرها للدعوة إلى إعادة النظر في أهلية الرئيس لخوض انتخابات الرئاسة.
وأضاف حسين للجزيرة نت أن البند 248/2 من الدستور يتحدث عن حصانة للرئيس من القضايا الجنائية وليس المدنية، مشيرا إلى توقع حدوث مواجهة واضطراب في الوضع السياسي في ظل مؤشرات تقول بأن رئيس الوزراء جيلاني لن يتخلى عن زرداري.
ويقول خبراء قانونيون إن للمحكمة العليا الحق في طلب مساعدة الجيش لتنفيذ حكمها إذا ما شعرت بتباطؤ الحكومة في ذلك.
كما خرجت أصوات من المحكمة العليا تطالب بمحاكمة الذي وقّع قرار مرسوم المصالحة الوطنية الجنرال برويز مشرف المستقر حاليا في لندن، أما زرداري فعليه انتظار حكم المحكمة العليا في إسلام آباد بشأن تهم الفساد ضده، وربما حكم آخر من محكمة سويسرية.