ندوة تندد بتفشي العنصرية في أوكرانيا
19/5/2009
محمد صفوان جولاق-كييف
قال حقوقيون وخبراء اجتماعيون إن للفكر العنصري جذورا في أوكرانيا تمتد إلى منتصف القرن الماضي، لكنه لم يكن ظاهرا كما هو الآن، لأنه كان أمرا مخزيا بالنسبة للمجتمع السوفياتي الذي رفع شعار "صداقة الشعوب". وأكد أولئك الخبراء أن الفكر العنصري بدأ بالتبلور في البلاد بعد انفصال أوكرانيا عن الاتحاد السوفياتي السابق في التسعينيات.
جاء ذلك في ندوة عقدت في العاصمة الأوكرانية شارك فيها ممثلو مؤسسات وجمعيات ومنظمات حقوقية ناقشت تفشي ظاهرة العنصرية وكراهية الأجانب في أوكرانيا، وحقوق وواجبات الأجانب المقيمين على أراضيها.
وقال المشاركون إن العنصرية في أوكرانيا عززت مكانتها بتشكيل عدة أحزاب ومنظمات اجتماعية تحمل أفكارا عنصرية وترفع شعارات عديدة في هذا الإطار، وفي مقدمتها حزب الحرية، ومنظمة محبي الوطن (باتريوت) وجماعة حليقي الرؤوس.
تجاهل رسمي
وبيّن ممثلو المؤسسات المشاركة في الندوة أن من الأسباب الرئيسية لانتشار العنصرية في البلاد التجاهل الرسمي الدائم لصيحات المحذرين منها، وسماحها بترخيص قيام أحزاب ومنظمات عنصرية، الأمر الذي يناقض الاتفاقية الأممية الموقعة في العام 1966.
وأوضح المتحدثون أن الجهات الرسمية كانت قبل العام 2006 تنكر أي وجود للعنصرية في البلاد، لكنها أجبرت على الاعتراف بوجودها بعد سلسة ضغوط خارجية أوروبية، وتفاقم ظاهرة الاعتداء على الأجانب في العديد من المدن، ولكنها لم تتخذ أي إجراء عملي صارم لمكافحتها رغم اعترافها بها.
وقال ماكسيم بوتكيفيتش الناشط في مركز التأثير الاجتماعي ومدير مشروع بلا حدود في حديث للجزيرة نت "يؤسفنا القول إننا نلمس تعتيما رسميا مقصودا على قضية انتشار العنصرية في أوكرانيا ودعما ماديا ومعنويا لبعض أحزابها ومنظماتها وجماعاتها من قبل بعض الجهات والشخصيات الحكومية".
شعبية متزايدة
وأوضح بوتكيفيتش أن حزب الحرية العنصري لم يتمكن من الحصول إلا على 1% فقط من أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية السابقة، ولكنه حصد 36% من الأصوات في انتخابات المجلس المحلي لمدينة ترنوبل ليفوز بها، مشيرا إلى أن هذا مؤشر خطير يدل على أن شعبية الحزب في تزايد مستمر ومتسارع.
وعزا الناشط ذلك التغير إلى أن الشعب الأوكراني فقد الأمل بأن تتمكن حكومة البلاد وسلطاتها وأحزابها الشهيرة من إجراء أي تغيير إيجابي يخدم قضاياهم وينهي الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها حسب تعبيره.
وقال بوتكيفيتش إن "الإحصاءات الرسمية تبين أن عدد المنتسبين إلى هذه الأحزاب والجماعات لا يتجاوز الألفين، لكن لدينا إحصائيات تؤكد أنهم يتجاوزن ثمانية آلاف، وأن مؤيديهم يتجاوزون 25 ألفا، وهذه أرقام خطيرة تستدعي تحركا جادا لكبحها، وإلا فإن الظاهرة ستتفاقم كما حدث في روسيا".
من جهة أخرى تضمنت الندوة استعراضا مفصلا للعديد من القوانين المتعلقة بحقوق الأجانب المقيمين على الأراضي الأوكرانية بغرض العمل أو الدراسة أو اللجوء أو حتى السياحة، وتضمنت أيضا واجبات ودور الأجانب تجاه العنصرية، وخاصة عند التعرض لإحدى مظاهرها، كتقديم ومتابعة الشكاوى وإعلام المؤسسات الحقوقية المعنية، وعدم القيام بردود فعل انتقامية.
حقوق الأجانب
وقالت كسينيا بروكونوفا محامية مشروع بلا حدود للجزيرة نت إنه ينبغي على الأجنبي أن يعرف حقوقه في القانون الأوكراني، لأن العنصرية تنتشر أيضا بين الشرطة بشكل واسع.
وأضافت أن على الأجانب "أن يساهموا في مكافحة العنصرية لأنهم أكثر المعنيين بها، لا نريد أن يسكتوا عن الاعتداءات التي يتعرضون لها ولا نريد ردود فعل غاضبة تزيد الأمر سوءا، بل تعاونا حكيما يقضي على أصل ومسببات هذه الاعتداءات، وهو الفكر العنصري".
واستعرضت الندوة مواد مسموعة مرئية لبعض الاعتداءات التي تعرض لها أجانب في كييف، ورصدتها كاميرات مراقبة الأبنية المجاورة، كما جرى شرح تفاصيل الاعتداءات وبعض طرق التعامل معها.
المصدر : الجزيرة