الشباب غابوا وقضاياهم حضرت بمؤتمر السكان بالدوحة
رؤى زاهر-الدوحة
خلت الوفود الرسمية بمعظمها من الشباب لكن قضاياهم حضرت بقوة في ثاني أيام المؤتمر العربي للسكان المنعقد بالعاصمة القطرية، وأثار هذا الغياب انتقادات عدد من المشاركين والفئة الصغيرة التي حضرت المؤتمر من الشباب.
وقال منسق المنتدى المتوسطي للشباب والطفولة بالمغرب ياسين أيصبويا إنه رغم وجود محاور تبحث سبل تفعيل أدوار الشباب لتحقيق أهداف المؤتمر، فإن الوفود لم تعنى كثيرا بإشراك شباب في صفوفها.
ووجه الشاب أحمد هنداوي عضو الهيئة الاستشارية للشباب بجامعة الدول العربية أسئلة للمشاركين حول مفاهيم ومصطلحات إشراك الشباب، وقال للجزيرة نت إنه يستبعد القصد في تغييب الشباب عن الوفود، وأضاف "لو كان التغييب مقصودا فإن المشكلة أكبر".
وقال أيضا إن الغياب يتصاغر أمام الواقع "فالمؤتمر مجرد مناسبة عابرة لكن المشكلة الأكبر هي غياب أي سياسات حكومية للاعتماد على الشباب وإشراكهم في عمليات صنع القرار".
نزف قاتل
ويبدو هذا التغييب عاملا مشجعا على ارتفاع نسب الهجرة العربية بين الشباب، ويقول أيصبويا بمداخلته إن العالم العربي يشهد نوعين من الهجرة الأول هجرة أيد عاملة والثاني هجرة عقول، لكن "الظاهرة تبقى شبابية بامتياز".
وأشار إلى أن "نحو 50% من الأطباء العرب و23% من المهندسين و15% من العلماء، يهاجرون إلى الولايات المتحدة وكندا سنويا، وأن 54% من الطلاب العرب الذين يدرسون بالخارج لا يعودون إلى بلادهم" لأسباب عدة أبرزها القمع السياسي وانعدام الفرص المناسبة وتباين المستويات المعيشية بين الدول العربية والغرب.
"هذا النزف القاتل" كما يرى الباحث سيترك آثارا عميقة على العالم العربي لعدة أجيال "ذلك أن حرمان عجلة التقدم بأي بلد من العقول والأدمغة والخبرات اللازمة لتحريكها يترك آثاره السلبية على مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والثقافية والتربوية والصحية".
وقال أيصبويا إن الدول العربية تنظر لمهاجريها نظرة مادية ضيقة تتمثل في كونهم مصادر للعملة الصعبة دون أدنى اعتبار لخبراتهم المهاجرة.
ويطالب "النخب السياسية العربية" بالتحرك لوقف الهجرة وإعادة المهاجرين وتوفير الظروف المناسبة لهم للإنتاج، مشددا على أنه رغم خصوصية كل دولة فإن إصلاح الوضع يتطلب حكما ديمقراطيا ونظم تعليم صحية واقتصادا منتعشا.
سياسة متكاملة
لكن رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة سيرا أستور ترى أن العبء لا يقع على عاتق الحكومات وحدها، وقالت للجزيرة نت إن "حل مشكلة الشباب تحتاج لسياسة متكاملة، فهم الشباب الأساسي يتمثل في فرص العمل".
وأضافت أن الشباب ينتظرون من حكوماتهم توفير فرص عمل لهم "لكن يجب أن يكون الشباب قادرين على خلق فرص عمل لأنفسهم، بينما يتوجب على الدولة توفير البيئة المناسبة من تشريعات وبيئة مالية وسياسات ضرائبية محفزة وغيرها".
ولم يبد وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني ماريو عون تفاؤلا إزاء المستقبل، وقال بحديث للجزيرة نت إن إصلاح الأوضاع يتطلب "تضامنا عربيا شبيها بسياسة الاتحاد الأوروبي بحيث تساهم الدول الغنية بدعم الفقيرة وتشجيع الاستثمار فيها".
ودون هذا التضامن حسب عون "تبقى توصيات المؤتمرات مجرد حبر على ورق" إذ أن العرب ليسوا مؤهلين حتى الآن لمثل هذا التضامن الذي "يحتاج لقرار سياسي" غير متوفر حاليا.