جدل حقوقي بشأن أوضاع السجون التونسية

وضعية السجون في العالم العربي.. السجون التونسية نموذجا
 
 
خميس بن بريك-تونس
 
بالرّغم من أنّ الحكومة التونسية قد أعلنت مرارا أنّه ليس لديها ما تخفيه من أسرار داخل سجونها، يرى البعض أنّ رفضها قبول شروط منظمة هيومن رايتس ووتش لزيارة فئة معينة من المساجين يثير الشكّ حول حقيقة ما يحدث في الداخل.
 
ورفضت السلطات -أثناء مفاوضات تحضيرية أجرتها هذا الشهر مع وفد من المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان- شروط هذه الأخيرة للقيام بزيارات فجائية للسجون، ومقابلة شريحة معيّنة من السجناء "السياسيين".
 
وقالت الحكومة التونسية الخميس الماضي إنها فوجئت أثناء المفاوضات المبدئية بموقف المنظمة الرّامي إلى اقتصار زيارتها فحسب على فئة محددة من المساجين، وهو شرط لم توافق عليه وزارة العدل لأنّه يكرّس -حسب رأيها- مبدأ التمييز بين المساجين.
 

"
الحكومة تحاول وضع عقبات أمام مساعي المنظمة لزيارة المساجين السياسيين والمحكوم عليهم في قضايا الإرهاب، لأنّها تخشى أن يضفي تقريرها مصداقية على بيانات قاتمة أوردتها سابقا منظمات تونسية
"

الناشط لطفي حيدوري

اتهامات


لكن عضو المجلس الوطني للحريات (المحظور) لطفي حيدوري أكد للجزيرة نت أنّ "الحكومة تحاول وضع عقبات أمام مساعي المنظمة لزيارة المساجين السياسيين والمحكوم عليهم في قضايا الإرهاب، لأنّها تخشى أن يضفي تقريرها مصداقية على بيانات قاتمة أوردتها سابقا منظمات تونسية".
 
ويرى حيدوري أن رفض السلطات استقبال وفد من المنظمة داخل سجونها دون أن تكون تلك الزيارة مؤطرة من قبلها أمر "يترك المجال لبعض السجناء السياسيين -الذين يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة- للقيام بتصريحات مزعجة".
إعلان
 
وتحدثت تقارير سابقة للرابطة التونسية لحقوق الإنسان وللمنظمة الحقوقية التونسية "حرية وإنصاف" (محظورة) عن أنّ "المساجين يعانون من تفشي الأمراض نتيجة الاكتظاظ، وأنّ المساجين السياسيين يتعرضون لانتهاكات كالتعذيب والحبس الانفرادي".
 
وتقرّ منظمة هيومن رايتس –التي سبق أن تحدثت عن وجود انتهاكات داخل السجون التونسية- بأنها متمسّكة بمعرفة حقيقة ما يجري لمن تصفهم بالمساجين السياسيين والمحكومين بقضايا الإرهاب، معوّلة على وعود الحكومة التونسية بتحقيق ذلك.
 
وكانت وزارة العدل التونسية قد فتحت سجونها منذ عام 2005 للجنة الدولية للصليب الأحمر، ووعدت منظمة هيومن رايتس بزيارة سجونها منذ ذلك التاريخ، ثمّ كررت تعهدها العام الماضي أمام لجنة الأمم المتحدة لمجلس حقوق الإنسان، لكن بدون أن تنجح الزيارة.
 
ويقول حيدوري إنّ "السلطات تسمح بزيارة الصليب الأحمر لسجونها لأنّ تقاريرها بشأن الوضع الصحيّ للمساجين تتبادلها بشكل سريّ مع الحكومة خلافا لما تقوم به منظمة هيومن رايتس التي تكشف عن تقاريرها بشكل علنيّ، وبالتالي أخشى ألا تتحقق الزيارة".
 
من جانب آخر، اعتبر عضو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين (المحظورة) سمير ديلو أنّ "ذريعة الحكومة بأنّ شروط منظمة هيومن رايتس لزيارة عدد معيّن من المساجين السياسيين يتعرضون لسوء المعاملة من قبيل التفرقة أو التمييز بين المساجين شيء يدعو إلى السخرية".
 
وقال ديلو للجزيرة نت إنّ "إدارة السجون هي التي من تكرّس التمييز بين المساجين بوضع علامات مميزة على بطاقات زيارة المساجين السياسيين والمتهمين في قضايا الإرهاب لمعاملتهم بطريقة خاصّة".
 

"
المنظمة أرادت فرض شروط ومواصفات واهية في التعامل مع الهوية السجنية، رأت فيها الحكومة أنها لن تعكس الوضع بصفة موضوعية وإنمّا ستكرس مبدأ عدم المساوة بين المساجين
"

الإعلامي برهان بسيس

مواصفات واهية


في المقابل، يقول الإعلامي برهان بسيس إنّ "الحكومة التونسية لا ترفض زيارة المنظمة لسجونها، وإنها على استعداد لاستقبال وفودها، لكن بشرط الاتفاق على جملة من المبادئ تماما كما هو جار العمل به في كل بلدان العالم".
إعلان
 
وأكد للجزيرة نت أنّ "المنظمة أرادت أن تفرض شروطا ومواصفات واهية في التعامل مع الهوية السجنية، رأت فيها الحكومة أنها لن تعكس الوضع بصفة موضوعية وإنمّا ستكرس مبدأ عدم المساوة بين المساجين".
 
وتابع "على كل حال ليست هذه المنظمة أكثر موضوعية أو حرفية في التعامل مع هذه المهام من غيرها من منظمات مثل الصليب الأحمر الدولي التي تتعامل معها تونس بكل شفافية ومصداقية".
 
يذكر أنّ السجناء التونسيين يتمتعون منذ سنوات بعفو رئاسي خلال الاحتفال بذكرى تولي الرئيس زين العابدين بن علي الحكم في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1987. وقد شمل عفو العام الماضي 22 سجينا ينتمون لحركة النهضة الإسلامية.
المصدر : الجزيرة

إعلان