السباق على السلطة بلبنان مرتبط بالتغييرات الإقليمية

الانتخابات النيابية اللبنانية -التي ستجرى في السابع من يونيو/حزيران القادم- تشغل مراكز القرار المحلية والإقليمية والدولية.
ويتجلى في المعركة المقبلة ارتباط الانتخابات بالسيطرة على السلطة لأنها تطلّ على الشأنين الداخلي والإقليمي اللذين طالما أدى اضطرابهما إلى اندلاع التوترات والأحداث في مختلف مراحل حياة لبنان السياسيّة.
وتخاض المعركة بتطلعات مختلفة لدى كل من الفرقاء المتنازعين على السلطة في معسكري الموالاة والمعارضة.
ويعتقد المحلل السياسي إبراهيم بيرم في حديث للجزيرة نت أن "المعركة مهمة لارتباطها بمستقبل المحورين السياسيين الموالاة والمعارضة، وبمستقبل النظام السياسي وهوية البلد".
" يعتقد المحلل السياسي إبراهيم بيرم في أن "المعركة مهمة لارتباطها بمستقبل المحورين السياسيين الموالاة والمعارضة، وبمستقبل النظام السياسي وهوية البلد" " |
ويضيف أن "الموالاة تعتبر المعركة مصيرية محاولة تثبيت أن الأكثرية البرلمانية الآن هي أكثرية حقيقية، وبالتالي تؤكد على أحقية البرنامج الاقتصادي الذي بدأ به الرئيس الراحل رفيق الحريري عام 1992، وتريد الإبقاء على السلطة بيدها تكريسا للصيغة السياسية التي بدأت عام 2005".
وبرأيه فـ"المعارضة تخوض الانتخابات لتأكيد أنها هي التي تمثل الأكثرية الشعبية، وأن أكثرية الموالاة كانت مزيفة، وبالتالي تريد تكريس معادلتها السياسية التي أرستها خلال السنوات الأربع الماضية".
ويقول إيلي الفرزلي -النائب السابق لرئيس مجلس النواب المنتمي للمعارضة- للجزيرة نت "الانتخابات النيابية السابقة كانت نتيجة لأحداث جسام، وقعت ضمن حرب دولية اتّخذ قرارها في قمة النورماندي بين الرئيسين الفرنسي جاك شيراك والأميركي جورج بوش وبعد فشل حروب إسرائيل وهذه الحرب الدولية في تحقيق أهدافها، أعتقد أن هذه الانتخابات أصبح لها طابع مرحلي عادي بدليل أن الاتفاق السعودي السوري قد حسم مسألة حكومة الوحدة الوطنية بعد الانتخابات".
رؤية المستقبل
غير أن نائب تيار المستقبل الدكتور عزام دندشي يرى أن المعركة المقبلة مهمّة حيث تحمل عدة تحديّات. ويتحدّث للجزيرة نت بقوله: "لا يزال التحدي الأول الذي تحمله الانتخابات القادمة هو تثبيت سيادة واستقلال لبنان. والثاني: مشروع قيام الدولة بمؤسساتها الشرعية والدستورية. والثالث: تثبيت العيش المشترك واعتبار الطائف هو الناظم الأساسي للحياة السياسية في لبنان، وأن تبقى الثوابت الوطنية في وثيقة الطائف هي التي تحدد المرحلة السياسية المقبلة. والرابع: أن لبنان ليس ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية والدولية".
وتلتقي مختلف الآراء على أن المعركة القادمة تجري في ظروف مختلفة عن سابقتها. فبيرم يرى غياب "تأثير استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وشعار خروج الجيش السوري من لبنان، ما يضع المعارضة في موقع الهجوم، وتريد الحصول على الأكثرية، والموالاة في موقع الدفاع حاليا محاولة الحفاظ على الأكثرية النيابية التي حصلت عليها في المعركة السابقة".
" يعتقد إيلي الفرزلي نائب رئيس البرلمان سابقا أنّ "الظروف الراهنة تتناقض مع ظروف 2005 تناقضا إستراتيجيا كبيرا. ففي 2005 جرت المعركة تحت عنوان "الانتخابات الآن" لاستثمار دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري" " |
ويعتقد الفرزلي أنّ "الظروف الراهنة تتناقض مع ظروف 2005 تناقضا إستراتيجيا كبيرا. ففي 2005 جرت المعركة تحت عنوان "الانتخابات الآن" لاستثمار دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وتحت عنوان حرب دولية شنت بقرار في قمة النورماندي وتحت عنوان حرب كونية صهيونية على العراق وسوريا وإيران وضمن مخطط كانت آخر فصوله الحرب على غزة".
الشعارات المتناقضة
ويستنتج أنه "بسبب تغيّر المناخ الدولي والإقليمي والمحلي، ستؤدي المعركة إلى نتائج مختلفة بدأت تتبين بوضوح". وقال أن من آثارها "الشعارات المتناقضة بين الحلفاء، كالشعار الذي رفعته الموالاة "لبنان أولا"، فرفضه حليف أساسي لطارحيه هو وليد جنبلاط، عندما قال إن لبنان أوّلا مفرغا من العروبة يعني الانهزام".
ويقارب دندشي المتغيرات الإقليمية والدولية من منظور مختلف بقوله "هناك تغييرات تجري في المنطقة، ولها تداعياتها على لبنان. منها المصالحات العربية، ووصول نتنياهو وحكومة متطرفة جدا في إسرائيل. وسيكون لها انعكاسها على الساحة اللبنانية".
ويصف الفرزلي المعركة "بالانتقالية متوقعا إعادة تموضع الفئات بعد الانتخابات". ويخلص بيرم إلى أن "المعركة الحالية مختلفة من حيث المقدمات عن المعركة السابقة، وبالتالي من حيث النتائج أيضا".