قمة الدوحة العربية.. جدلية الغياب والحضور

1/4/2009
يطرح مستوى التمثيل المصري في القمة العربية الحالية بالدوحة ومستوى التمثيل العربي المنخفض في القمم العربية عموما سؤالا جوهريا عن أسبابه، وعن أثره على المصالحة العربية التي باتت مطلب الجميع.
ورغم أن "نسبة المشاركة" على مستوى القادة بقمة الدوحة "على المستوى العددي" تبدو كبيرة بالمقارنة مع قمة دمشق السنة الماضية (16 مقابل 13) ورغم أن "مسألة الغياب" تلك قديمة قدم العمل المشترك نفسه، فإنها أصبحت في الآونة الأخيرة مشهدا متكررا يكاد يقضى على ما تبقى من النظام الرسمي العربي المتهالك، كما يقول العديد من المحللين.
ولعل غياب الرئيس المصري محمد حسني مبارك باعتباره قائد أكبر دولة عربية، واكتفاءه بإيفاد وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية مفيد شهاب لتمثيله، وهو نفسه الذي مثله في قمة دمشق الماضية، مثال حي على تلك الحالة.
أسباب معروفة
ولئن لم توضح القاهرة سبب غياب مبارك صراحة، إلا أن المتحدث باسم الخارجية المصرية حسام زكي قال للجزيرة إن الأسباب معروفة للأطراف المعنية، دون أن يوضح هوية هذه الأطراف. غير أن المسألة تحتاج إلى تفسير.
وبينما ذهب البعض إلى أن خفض مستوى التمثيل عموما مرتبط بـ"سيادة" الدولة و"تقديرها" أصر آخرون على أنه "رسالة سياسية" إلى البلد المضيف.
إعلان
ولم يجد بعض المشاركين في القمة من صحفيين وكتاب -ممن استطلعت الجزيرة نت آراءهم- غضاضة في القول إن الأمر يتجاوز ما هو معلن إلى مسألة "التحسس" الناجمة عن بروز قوى عربية لم تكن معروفة بدور مركزي في قيادة القافلة العربية، وإلى شعور تلك القوى "التقليدية" بأنها أصبحت على الهامش و"لكنها لا تريد أن تسلم القيادة ببساطة وعن رضى" وفقا لتعبير أحد الصحفيين العرب فضل عدم ذكر اسمه.

قناة الجزيرة
أما الصحفي الفلسطيني عبد الباري عطوان فلم يستبعد –في تصريح للجزيرة نت- أن يكون الغياب المصري تحديدا مرتبطا بقناة الجزيرة، التي دأبت جهات مصرية رسمية، سرا وعلانية، على اتهامها بالإساءة إلى الدور المصري أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، وما تبعه، باعتبار أنها "عرت النظام المصري وفضحته" بحسب تعبير عطوان.
ولعل هذا ما أومأ إليه مفيد شهاب نفسه في الجلسة الافتتاحية للقمة أمس، عندما كرس جزءا هاما من خطابه للإعلام العربي الذي دعاه أن يكون "على مستوى المسؤولية".
وفي ذلك إشارة –على ما يبدو- إلى أن الغياب ناتج عن الخلافات المتراكمة التي أصر شهاب على أنها "ما زالت قائمة" وأن "محصلتها مزيد من الشقاق العربي" وأن "المصالحة لا بد أن تتأسس على المصارحة".
بيد أن العديد من الصحفيين يستغربون مثل هذا المنطق، ويتساءل عطوان "كيف نتصارح ونحن لم نلتق، هاتوا ملاحظاتكم وضعوها على الطاولة ولنتكاشف" ويذهب إلى أن الغياب وفق هذا المنطق يمكن وصفه "بالهروب".
وقد يكون من المفارقة تواتر الدعوة إلى المصارحة والمكاشفة مع الشكوى من وسائل الإعلام، كما يقول بعض المحللين.

غياب آخر
أما غياب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، فقد وجد كذلك اهتماما وصدى له في المركز الإعلامي للقمة، باعتبار أن بوتفليقة من بين الرؤساء الذين حرصوا على حضور أغلب القمم منذ قدومه إلى السلطة قبل نحو عشر سنوات.
وبرغم التبرير الرسمي للتغيب وربطه بالانشغال بالانتخابات الرئاسية التي ستشهدها البلاد يوم 9 أبريل/نيسان المقبل، إلا أن بعض الصحفيين رده إلى مرض بوتفليقة و"عدم تحمله عناء الأسفار والاجتماعات الطويلة" وهو ما ينفيه بشدة الصحفي الجزائري العربي زواق في تصريح للجزيرة نت، مشيرا إلى أن الرئيس يجول البلاد طولا وعرضا في الحملة الانتخابية.
إعلان
أما العاهل المغربي محمد السادس، فإن مشاركاته في القمم العربية وزياراته الخارجية عموما أصبحت معدودة في السنوات الماضية، على عكس والده الحسن الثاني الذي احتضنت بلاده في عهده العديد من القمم العربية والإسلامية.
المصدر : الجزيرة