انتقاد حقوقي لمعاقبة فضائيات عربية

جمال عيد ، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (الجزيرة نت)

القاهرة – محمود جمعة
قوبل مشروع القانون الأميركي الخاص بمعاقبة الفضائيات العربية التي تعتبرها واشنطن معادية لها بانتقاد حقوقي لاذع، إذ أكد مراقبون وحقوقيون أنه يهدف لحماية إسرائيل وبعض الأنظمة العربية غير الديمقراطية، ويقدم نموذجا سيئا للمشرعين العرب للتصدي للحريات في بلادهم.

 
وكان مجلس النواب الأميركي قد أقر في الثامن من الشهر الجاري بأغلبية ساحقة مشروع قانون يسمح للإدارة الأميركية باتخاذ إجراءات عقابية بحق قنوات فضائية تبث مواد إعلامية قد تفسر بأنها "معادية للولايات المتحدة" واعتبار مالكي هذه الفضائيات يشرفون على "منظمات إرهابية".
 
ابتزاز أميركي
وقالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إن مشروع القانون الأميركي "يأتي كضربة موجعة لحرية التعبير، ويمثل تراجعا حادا وإضافيا لوعود الرئيس الأميركي بإصلاح سجل بلاده السيئ في مجال الحريات المدنية والسياسية سواء على الصعيد المحلي أو العالمي". 
 
وفي تصريحات للجزيرة نت، قال جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة إن هذا القانون يتعارض بشدة مع المعايير الدولية والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي صدقت عليه الولايات المتحدة، ويكرر العديد من الأخطاء الجسيمة التي أغرقت بها الإدارة الأميركية السابقة مواطنيها والعرب على السواء.
 
وقالت الشبكة العربية في بيان وصلت الجزيرة نت نسخة منه "إن التهديد بعقاب قنوات بثت مواد إعلامية "معادية" أو "إرهابية" دون وضع تحديد أو تعريف لهذه التعبيرات الفضفاضة، يمثل تعديا، خاصة أن هذه التعبيرات قد تشمل المواد التي تدعم حق مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين أو الأميركي للعراق، وشتان الفارق بين الإرهاب والمقاومة".
 
ودعت الشبكة كل المؤسسات الحقوقية المدافعة عن حرية التعبير وعن حرية الصحافة "لإدانة هذا المشروع وحث الولايات المتحدة على إصلاح هذا الخطأ الشديد عبر التراجع عن هذا المشروع أو فضح هذه الإدارة الجديدة، التي اختلف فيها الأشخاص، ولم يختلف فيها المنهج المعادي للحريات عن الإدارة السابقة".
 
يذكر أن مشروع القانون الأميركي يستهدف القمر الصناعي "نايل سات" الذي تشرف عليه الحكومة المصرية، و"عرب سات" الذي تشرف عليه جامعة الدول العربية، أما القنوات الفضائية التي اعتبرها المشروع محرضة على العنف فمنها قناة "الأقصى" التابعة لحركة "حماس"، وقناة "المنار" التابعة لـ"حزب الله" اللبنانى، وقناتا " الزوراء " و"الرافدين" العراقيتان.

   

"
قال البرعي إن القانون يحمل رسالة واضحة للحكام العرب بأنه يمكنهم تكميم الأفواه التي تنتقد أنظمتهم إلى جانب تلك الأصوات التي لا تعجب الإدارة الأميركية والتي لا تقبل بالهيمنة الإسرائيلية
"

حماية إسرائيل
بدوره قال نجاد البرعي الناشط الحقوقي ورئيس المجموعة المتحدة للمحاماة إن تركيز القانون على قنوات ناطقة بالعربية يؤكد أنه لا يستهدف حماية السياسة الأميركية وإنما حماية إسرائيل وتقديم "خدمة ونموذج جاهز" للأنظمة الاستبدادية في المنطقة العربية.
 
وأوضح البرعي للجزيرة نت "أن إغلاق قنوات وتجريمها لمجرد الخلاف السياسي يتناقض مع أبجديات حقوق الإنسان" معتبرا أن القانون "يكشف الوجه الحقيقي لإدارة أوباما المخادعة والتي تستخدم حقوق الإنسان بشكل انتقائي".

 
تكميم الأفواه
وكان وزراء الإعلام العرب قد صادقوا في يونيو/ حزيران 2008 على وثيقة تتضمن "ضوابط" للقنوات الفضائية في العالم العربي، وتحفظت عليها لبنان وقطر، كما انتقدها عدد كبير من الخبراء والإعلاميين العرب، معتبرين أنها ردة إلى عصر الوصاية على الجماهير وأنها تشكل خطرا على المستقبل.
 
وقال البرعي إن القانون يحمل رسالة واضحة للحكام العرب بأنه يمكنهم تكميم الأفواه التي تنتقد أنظمتهم إلى جانب تلك الأصوات التي لا تعجب الإدارة الأميركية والتي لا تقبل بالهيمنة الإسرائيلية على المنطقة.
 
وعن توقعه لاستجابة الأنظمة العربية المسيطرة على الأقمار التي تستضيف هذه القنوات، قال البرعي "هناك احتمالان الأول أن ترفض لتظهر وكأنها أكثر ديمقراطية من واشنطن، والثاني أن تستخدمه بشكل انتقائي أي ضد بعض القنوات التي تنتقد سياستها، وفي الحالتين سيكون التعامل مع القانون تعاملا سياسيا لا مهنيا، مما يعني أننا أمام حالة مساومة سياسية تستخدم الإعلام مسرحا لها".
 
وخلص الناشط الحقوقي إلى أن المعركة الأميركية ضد الفضائيات الرافضة لسياستها "معركة خاسرة لأنها ضد حركة التقدم وتسيء إلى سمعة أميركا السيئة بالأساس، كما أنه في ظل وجود طريق بديلة كالإنترنت وغيره فإنه لا مجال لمنع وصول الكلمة والصورة إلى الجمهور".
المصدر : الجزيرة