باكستان في دوامة الشد والجذب بين الساسة والجيش

مهيوب خضر-إسلام آباد
تستمر لعبة الشد والجذب بين السياسيين والجيش في باكستان, لعبة أدخلت البلاد في دوامة "من يقيل من؟" بعيدا عن المصلحة العليا للبلاد.
61 عاما مرت على استقلال باكستان, تقاسم خلالها السياسيون والجيش الحكم بالتناوب 31 عاما للجيش و30 عاما للساسة المدنيين. طيلة ستة عقود تتالت الانقلابات لتضر بمصالح البلاد العليا وخسرت معها باكستان بنغلاديش وبقيت كشمير قيد السيطرة الهندية فيما برز المشروع النووي كأحد أهم الإنجازات التي تحسب للمعسكرين.
وعند تقييم العقود الستة التي مضت من عمر باكستان سرعان ما تبرز عقبة خلاف الساسة والجيش على السلطة كأحد معوقات التقدم بما يعاكس النموذج الهندي حيث مؤسسات سياسية قوية دفعت بالبلاد للوصول إلى قمة هرم القوى الإقليمية في المنطقة ومنافسة الصين التي تعتبر بالنسبة لباكستان صديقا إستراتيجيا يمكن أن يوفر لها الحماية وقت الحاجة.
فساد الساسة
الخبير الإستراتيجي طلعت مسعود يؤكد أن فرص نهوض باكستان من كبوتها صعبة طالما لا تزال وجوه من الماضي تحكم البلاد وتحاول السيطرة على الحكم |
الخبير الإستراتيجي طلعت مسعود يرى أن فساد الساسة وضعف قدراتهم على اتخاذ قرارات حاسمة كان السبب وراء تدخل الجيش في الحكم من فترة إلى أخرى.
وأضاف في حديثه مع الجزيرة نت أن أكبر إنجاز حققته باكستان عقب استقلالها هو تأسيس جيش قوي، مشيرا إلى أنه مقابل هذا الجيش كان هناك ساسة حولهم الفساد الإداري والمالي إلى تجار لا هم لهم سوى سرقة المال العام بما أضاع فرصا كثيرة للتقدم والازدهار رغم موقع باكستان الجغرافي الذي يربط جنوبي آسيا بوسطها ويؤهلها للبروز كقوة اقتصادية لا يستهان بها.
مسعود استبعد أي فرص لنهوض باكستان من كبوتها طالما لا تزال وجوه من الماضي تحكم البلاد وتحاول السيطرة على الحكم، محذرا من حرب أهلية مقبلة إذا ما أعاد التاريخ نفسه وعاد الجيش للحكم من جديد.
وشدد مسعود على أن ابتعاد الجيش الهندي عن التدخل في شؤون الحكم كان السبب الرئيسي في نجاح التجربة الديمقراطية التي دفعت بالبلاد نحو النفوذ الإقليمي.
وفيما سعت باكستان منذ استقلالها لتأمين حدودها الشرقية مع الهند بعد ثلاث حروب خاضتها ضدها, قضى انضمامها إلى الحرب على ما يسمى الإرهاب بخسارة أفغانستان ونظام طالبان الموالي لها.
وتحولت حدودها الغربية إلى مصدر للتوتر كان كفيلا بتدهور الأوضاع في الحزام القبلي ودخول باكستان في حرب مفتوحة مع مسلحي طالبان بأمر من الجيش بعيدا عن البرلمان والمؤسسات الديمقراطية.
غياب القادة
رئيس معهد الدراسات السياسية خالد رحمن يعتقد أن بقاء باكستان على الخارطة السياسية عقب كل الأزمات التي مرت بها ولا سيما تدافع العسكر والساسة على الحكم هو إنجاز بحد ذاته.
وبين في حديثه للجزيرة نت أن أزمة باكستان الحقيقية تكمن في القيادة، مشيرا إلى أنه عقب وفاة محمد علي جناح مؤسس باكستان ولياقت علي خان لم تعرف باكستان شخصيات قيادية يمكن أن تأخذ بيد البلاد إلى الأمام.
وأوضح أن السياسات الخاطئة أفرزت مظاهر الفقر والجوع, بسبب الفساد وليس بسبب نقص الموارد فالبلد غني بطاقات زراعية وصناعية. وحذر رحمن من أن الاستقرار السياسي الغائب عن باكستان منذ استقلالها سيقود البلاد إلى الهاوية.
وأعرب عن أمله في أن تنجح التجربة الحالية عقب استرداد الأحزاب السياسية السلطة من يد الجنرال برويز مشرف في مضاعفة قوة ونفوذ المؤسسات السياسية التي يجب أن تقود -على حد تعبيره- البلاد حسب الدستور وليس الجيش الذي تنحصر مهمته في تأمين حدود البلاد من أي عدوان خارجي.