أوقاف البوسنة المصادرة.. حق يأبى النسيان

قصر الرئاسة البوسني بناه النمساويون على أرضية مصلى

قصر الرئاسة البوسنية بناه النمساويون على أراض صودرت من الأوقاف (لجزيرة نت) 

إبراهيم القديمي-سراييفو

تقول آخر إحصائية صادرة عن المشيخة الإسلامية البوسنية إن الاحتلال النمساوي المجري أواخر القرن التاسع عشر, قام بتأميم 10% من الأوقاف البوسنية أغلبها أراض شاسعة أوقفوها لصلاة العيد ومنها مصلى سراييفو المشهور الذي صادره المحتلون وبنوا فيه ثلاثة مبان إدارية أصبحت فيما بعد مقرات للرئاسة البوسنية ووزارة الخارجية ومبنى محافظة سراييفو.

وقامت المملكة اليوغسلافية عام 1918 بتأميم 6.27% من إجمالي مساحة البوسنة شملت مصادرة أربعة ملايين دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع تقريبا) من الأراضي الزراعية الثمينة التي وهبت للأوقاف الإسلامية. وتقول الإحصائية إنه تمت مصادرة 12.5 مليون دونم من أملاك خاصة بالمسلمين سجلت في الوثيقة الرسمية في عام 1938.

"
وضع العثمانيون عند فتحهم البوسنة الأسس الأولى لنظام الأوقاف الإسلامية الذي يعد أحد الأسباب الرئيسية لاعتناق البوسنيين الإسلام
"

ووضع العثمانيون عند فتحهم البوسنة الأسس الأولى لنظام الأوقاف الإسلامية الذي يعد أحد الأسباب الرئيسية لاعتناق البوسنيين الإسلام, وكان الغازي خسروف بك والي سراييفو وأربعون من أثرياء البوسنة قد أوقفوا ممتلكاتهم وأراضيهم.

ويؤكد مستشار إدارة الأوقاف أن عمليات التأميم ابتلعت 95% من أملاك الأوقاف الإسلامية في البوسنة, ولم تقتصر على الأراضي الزراعية بل طالت كتاتيب التعليم والمساجد ومباني ذات أغراض مختلفة بعضها هدم وبعضها حول إلى مستودعات للبضائع أو حظائر للماشية ومواقف للسيارات.

وقال نظيم خليلوفيتش للجزيرة نت إن الحكومة البوسنية طالبت بإصدار قانون يقضي باسترجاع ملكية الأوقاف الإسلامية بناء على طلب المسلمين.

غير أن المندوب السامي الأوروبي السابق في البوسنة ولفغانغ بيتريتش أرسل خطابا لرئيس مجلس الوزراء البوسني آنذاك زلاتكو لاجومجيا أوضح فيه أن الاتحاد الأوروبي لا يلزم الحكومة البوسنية بإصدار قانون يعيد الأوقاف المؤممة لإدارة الأوقاف.


مبنى وزارة الخارجية شيد أيضا على
مبنى وزارة الخارجية شيد أيضا على

اليونسكو والأوقاف
ولم تلق الكثير من الأوقاف والآثار السياحية والدينية المسجلة تحت حماية منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو) مثل جسر موستار الذي دمر أثناء الحرب في البوسنة أي اهتمام من قبل اليونسكو رغم مناشدات المشيخة الإسلامية حسب خليلوفيتش.

ويبين خليلوفيتش أن الحكومة البوسنية تقدمت بدعوى أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ طالبت فيها بإزالة الكنيسة التي بنيت على أنقاض مسجد ديفيتشي وإزالة المبنى السكني الذي بني على أنقاض مسجد زاملاز وقد جاء قرار المحكمة مخيبا للآمال عندما قضى ببقاء الوضع على ما هو عليه.

نظيم خليلوفيتش يقول إن 95% من ممتلكات الأوقاف تمت مصادرتها (الجزيرة نت)
نظيم خليلوفيتش يقول إن 95% من ممتلكات الأوقاف تمت مصادرتها (الجزيرة نت)

دور تنموي
ورغم أن حكومة يوغسلافيا الاشتراكية أغلقت إدارة الأوقاف عام 1959, إلا أن الأوقاف ساهمت بدور تنموي هام في البوسنة في تاريخها الطويل، وأنشأت خمس مناطق باسمها وهي مدينة أوقاف إسكندر وأوقاف غورني وأوقاف دوني وأوقاف سانسكي موست وأوقاف كولن .

وتغطي العائدات المالية للمباني المؤجرة والأراضي الزراعية المستصلحة قبل تأميمها نفقات جميع المدارس الإسلامية التي تؤمن السكن والمأكل والتعليم لطلبة العلم ونفقات مراكز الأيتام واحتياجات الفقراء والمساكين وتكاليف الدعاة المنتشرين في القرى والمدن البوسنية. غير أن التأميم أبقى على 5% من ممتلكات الأوقاف التي لم تستطع مواجهة تلك الأعباء كما يوضح خليلوفيتش.

ويثني خليلوفيتش على دور الأوقاف الإسلامية في نشر الفضيلة والتنمية الروحية وتربية الأطفال في المجتمع البوسني رغم الضغط الشيوعي الذي استمر أكثر من ثلاثة عقود.

المصدر : الجزيرة

إعلان