جدل حول مستقبل حركة اللجان الثورية بليبيا

خالد المهير-بنغازي
طرحت تلميحات نجل القذافي سيف الإسلام الخميس الماضي حول فكرة انتهاء اللجان الثورية بمجرد الوصول إلى أهدافها تساؤلات بشأن مستقبل هذه اللجانالتي تعتبر التنظيم السياسي الأوحد في الجماهيرية الليبية، وقد ظل داعما قويا لأفكار وسياسات القذافي الأب منذ تأسيسها عام 1978.
واستند هذا التنظيم إلى سبع مهام وأهداف أبرزها تحريض الجماهير على تفجير الثورة الشعبية وتمكينها من الاستيلاء على السلطة والثروة والسلاح، وممارسة الرقابة الثورية عن طريق كشف الممارسات التي تقوم بها عناصر معادية للثورة والتي تتعارض مصالحها الخاصة مع مصالح الجماهير.
وتعليقا على تلميحات سيف الإسلام القذافي، قال أبرز مفكري اللجان الثورية ورئيس المدرج الأخضر رجب بودبوس للجزيرة نت إن اللجان الثورية ليست ضد الإصلاح، ومطالبها أكثر من الإصلاح مشيرا إلى أنها ليست ضد حرية التعبير، وأي فكرة غير هذه ليست صحيحة.

رمضان بوخيط انتقد عناصر اللجان الثورية(الجزيرة نت)
الديمقراطية المباشرة
ومضى بودبوس بعيدا، إذ قال إن "حركة اللجان الثورية تطالب ليس فقط أن يعبر الشعب بحرية، ولكن أن يقرر أيضا بحرية". ونبه إلى أن الحركة "ليست دائمة وأبدية" وإلا كانت حزبا من الأحزاب التي تحكم على الدوام، بل هي "ترتبط بهدف معين يتلخص في الديمقراطية المباشرة الفعالة، حينها ينتهي تأثيرها".
وأوضح رئيس المدرج الأخضر أن الحركة ولدت لتأسيس نظام ديمقراطي مباشر، وليست مجرد توجه للقائد (في إشارة إلى القذافي) إلى جانب توجهها الحضاري رغم كل الصعوبات التي تواجه عملها.
وفي معرض رده على سؤال للجزيرة نت بشأن موقف الحركة إذا ما وصل سيف الإسلام سدة الحكم، استبعد بودبوس هذا لاعتبارات السلطة في الجماهيرية "في يد الناس" وعدم وجود إرث "ولا وراثة إلا لمن يموت، والشعوب لا تموت" متسائلا: أين هي السلطة التي يصل إليها؟
أما العضو البارز في اللجان الثورية بمدينة بنغازي فائز العريبي فأشار للجزيرة نت إلى أن دور وطبيعة الحركة توعوي في المجتمع الليبي من خلال المهام الدائمة لها، والتي تعتبر ناقوسا لأي إنحراف فيما يتعلق بمصالح المجتمع، إضافة إلى دورها التحريضي من أجل مشاركة سياسية واسعة عبر المؤتمرات الشعبية الأساسية.
وفي اعتقاد العريبي أن الحركة يمكن أن تستمر "في تأكيد مهامها المنحازة للجماهير" مشيرا إلى أن الجماهير هي الرئة التي تتنفس من خلالها الحركة، ومجالها الحيوي العمل بما يؤكد مصالح المواطن على جميع الأصعدة.

حزب سياسي شمولي
بالمقابل، وصف الناشط المدني محمد سحيم في حديث للجزيرة نت مستقبل الحركة بالضبابي، متوقعا زوالها.
ودلل على هذا الرأي بقوله "خلال فترة السيطرة المطلقة للجان الثورية على ساحة العمل السياسي في ليبيا والممتدة من السبعينيات حتى منتصف التسعينيات انخفض معدل التأييد الشعبي لها إلى أسوأ ما يكون نتيجة للممارسات التعسفية المتأتية بفعل "السلطة المطلقة".
وعزا سحيم الأسباب إلى التكوين الفكري للجان الثورية كحركة أيديولوجية تعتمد فكرة "الصواب المطلق والخطيئة المطلقة" وخلو سجل الحركة السياسي من أي تجربة تنافسية أو ممارسة سلمية للتدافع السياسي.
فحال اللجان الثورية -بحسب سحيم- نموذج جيد للحديث عن حزب سياسي شمولي يفقد كل عوامل الحياة ويقطع كل علاقاته مع الواقع، وكل أساسيات البقاء والوجود السياسي غير متوفرة لدى حركة اللجان الثورية، مستقبلها في انتظار "الحسم" بقرار في أي لحظة.
ويؤكد الناشط المدني أن لحظة اتخاذ القرار بحسم الموقف من وجود الحركة قد تطول "لكن الأقرب إلى الواقع هو فكرة حل التنظيم وإعلان وفاته".
من جهته، انتقد سجين الرأي سابقا رمضان بوخيط عناصر اللجان الثورية قائلا إن ممارستهم لا تمت بصلة للثورية بل أساؤوا إلى مفهوم الثورة.
أما الشارع الليبي، فتباينت آراؤه حول الأمر. ولم تتمكن الجزيرة نت من الحصول على أرقام تتضمن أعداد عناصر اللجان الثورية، وفرق العمل الثوري، والتشكيلات المسلحة نظرا لطبيعة المعلومات التي توصف بالسرية.