قمة باريس لم تقطع الشك في مشروع الاتحاد المتوسطي

ولادة الإتحاد من أجل المتوسط في باريس

عبد الله بن علي-باريس

اعتبر باحثون وسياسيون فرنسيون أن القمة التأسيسية للاتحاد من أجل المتوسط التي انعقدت الأحد في باريس، لم تمثل انطلاقة فعلية لتحالف جديد بين دول شمال وجنوب المتوسط.

وانتقد هؤلاء في حديثهم مع الجزيرة نت "تحاشي" القمة موضوع الصراع العربي الإسرائيلي الذي يشكل في نظرهم العقبة الأساسية في وجه أي تعاون جامع لبلدان المتوسط، مشيرين إلى غياب مصادر واضحة لتمويل المشاريع الكبرى التي أعلن عنها في ختام ذلك اللقاء.

وقال نائب رئيس المعهد الفرنسي للعلاقات الإستراتيجية ديدييه بيون إن نتائج القمة لا تبعث على التفاؤل، مؤكدا أنها "لم تفض إلى ميلاد حلف جديد بين الشمال والجنوب ولا حتى إلى حلحلة الأزمات الكبرى التي تدمي المنطقة".

ديدييه بيون (الجزيرة نت)
ديدييه بيون (الجزيرة نت)

ورأى أن اللقاء يمكن أن يعد نجاحا شكليا للدبلوماسية الفرنسية التي استطاعت جمع 43 رئيس دولة وحكومة حول طاولة واحدة رغم الخلافات العميقة بين بعضهم" بدون تحقيق نجاح جوهري، إذ يرى أن المشاريع المتعلقة بمكافحة تلوث البحر المتوسط وإنشاء طرق سيارة بحرية والتعاون في ميدان الحماية المدنية التي أعلن عنها في ختام القمة، لا تعكس تطلعات دول جنوب المتوسط التي تحتاج إلى نقل التقنية والاستثمارات المباشرة وترغب في حرية تنقل الأشخاص بين ضفتي المتوسط.

من جانبها اعتبرت الباحثة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية خديجة محسن فنان أن منبع الشك في المشاريع التي دعت إليها القمة، يأتي من غياب مصادر واضحة لتمويل المشاريع المعلنة والمستقبلية ومن "تعويم" المشروع الأصلي للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.

ورأت الباحثة أن المبادرة التي انتهى بها المطاف إلى مجرد امتداد للشراكة الأوروبية المتوسطية المعروفة بمسار برشلونة الذي يجمع الكل على أنها باءت بالفشل الذريع.

وأشارت محسن فنان إلى أن مصير الاتحاد يبقى رهينا بمعالجة الصراعات القائمة في المنطقة، موضحة أنه "إذا كانت النتيجة بعد خمس سنوات هي مجرد نزع تلوث البحر المتوسط، فهذا سيكون بالتأكيد مدعاة لخيبة أمل كبيرة".

خديجة محسن فنان (الجزيرة نت)
خديجة محسن فنان (الجزيرة نت)

أما وزير الداخلية الفرنسي السابق جان بيار شوفينماه فقد عبر عن أسفه لما أسماه إفراغ المشروع من محتواه، مؤكدا في تصريح لأسبوعية "لوجورنال دو ديمانش" أن فرض ألمانيا مشاركة كل بلدان الاتحاد الأوروبي كان بمثابة وأد للمبادرة الفرنسية.

من جهته يرى الخبير الاقتصادي من أصل مغربي عبد الحفيظ أمازيغ الذي شارك في كل المؤتمرات التحضيرية للقمة أن "أهم خطر يحيق بالمشروع هو إصرار الطرف الأوروبي على تمرير أولوياته المتمثلة في إدماج إسرائيل في المنطقة وتأمين وارداته من المحروقات ومكافحة الهجرة السرية والإرهاب دون إيلاء أي اهتمام يذكر لتطلعات سكان الضفة الجنوبية".

وندد أمازيغ بما أسماه غياب روح المسؤولية لدى الأطراف العربية المتوسطية، كاشفا أن ممثلي تلك البلدان كانوا "في كل اللقاءات التمهيدية يفاوضون للحصول على مناصب في هيئات الاتحاد وليس من أجل انتزاع الموافقة على مشاريع اقتصادية وعلمية قد تفيد شعوبهم".

المصدر : الجزيرة

إعلان