هل ينجح الشارع في التشيك بتعطيل اتفاقية الرادار

أسامة عباس–براغ
رغم اعتراضات الشارع التشيكي ومختلف القوى السياسية المعارضة وحتى التهديدات الروسية، فقد مضت الحكومة اليمينية الحالية في توقيع اتفاقية إقامة الرادار الأميركي الذي سيتبع منظومة الدرع الصاروخي وسط أوروبا المثيرة للجدل.
وقد أكد المسؤولون الحكوميون من أميركيين وتشيكيين على الحاجة الماسة لمثل هذه الاتفاقية التي تساهم في تعزيز الأمن الإقليمي والدولي برأيهم، وذهب رئيس وزراء جمهورية التشيك ميريك توبولانيك أبعد من ذلك حين قال إن الاتفاق يعكس "رغبة مشتركة لحماية العالم الحر".
من جهتها قالت وزيرة الخارجية الأميركية كونوليزا رايس إن "اتفاق الدفاع الصاروخي مهم باعتباره حجر زاوية ليس فقط لأمن الولايات المتحدة وجمهورية التشيك، وإنما أيضا لأمن دول حلف شمال الأطلسي وأمن المجتمع الدولي ككل".
الناطقة بإسم وزارة الخارجية التشيكية زوزانا أوبلاتالوفا أكدت أن الاتفاقية بشأن إقامة الرادار في البلاد لن تدخل حيز التنفيذ إلا بعد طرحها على البرلمان، ونقل عن ألكسندر فوندرا نائب رئيس الحكومة للشؤون الأوروبية أن ذلك سيتم العام القادم بعد معرفة الرئيس الأميركي القادم.
وشرحت أوبلاتالوفا للجزيرة نت بعض تفاصيل الاتفاقية، ومنها أنه يسمح لضابط تشيكي واحد مع عدد من الجنود بالوجود وبشكل دائم في القاعدة الرادارية.
كما سيتاح لأجهزة الملاحة الجوية الرسمية الاطلاع على المعلومات التي سيلتقطها الرادار، في حين أن عدد العسكريين الأميركيين في القاعدة لن يتجاوز 250 فردا، بالإضافة إلى أن نفقات بناء وتشغيل القاعدة ستتحملها واشنطن، في حين ستؤول ملكيتها في حال خروج الأميركيين إلى التشيك، ويتوجب على الأميركيين حينئذ مغادرة البلاد خلال عامين من تاريخ إعلان انتهاء الاتفاقية.
وتعهد الطرف الأميركي بالعمل على الربط بين مهام القاعدة ومنظومة الدفاع الصاروخية الجماعية لحلف الناتو الذي يجري العمل على بلورته، وسيحق لطرف ثالث زيارة القاعدة بعد موافقة الطرفين التشيكي والأميركي.
ولفتت المسؤولة التشيكية إلى وجود اتفاقية أخرى لا علاقة لها بالاتفاقية الموقعة وسيتم التوقيع عليها لاحقا، وتنص على تحديد الوضع القانوني للجنود الأميركيين على الأراضي التشيكية، إضافة إلى قضايا أخرى مرتبطة بوضع الشركات الأميركية التي تريد المساهمة في بناء القاعدة وحراستها.

معارضة شعبية
وتقول آخر استطلاعات الرأي إن أكثر من ثلثي الشارع التشيكي يعارضون توقيع الاتفاقية، وعززت "حركة بلا قواعد" التشيكية من تحركاتها عبر تنظيم مظاهرات حاشدة نددت بموقف الحكومة التشيكية، وحاولت إفساد حفل التوقيع الذي شارك فيه إلى جانب الوزيرة الأميركية نظيرها التشيكي كاريل شفارتسينبيرغ.
ورأى الناطق باسم الحركة يان توماش في حديث للجزيرة نت أن المظاهرات والاعتصامات ستستمر حتى يتم إجبار الحكومة على التراجع عن إقامة القاعدة، مشيرا إلى أن أعداد المواطنين الرافضين للقاعدة يزدادون بشكل مستمر.
وشارك الثلاثاء في المظاهرة التي تمت وسط العاصمة براغ واتجهت نحو منزل السفير الأميركي في دائرة براغ السادسة أكثر من خمسة آلاف مواطن هتفوا جميعا "لا للقواعد" و"لا للاتفاقية الرادارية الأميركية".
وحسب توماش فإن هذه المظاهرت ستكون حاضرة بشكل مكثف مستقبلا، وسيكون تأثيرها أقوى في مجال إضعاف شعبية الحكومة اليمينية الحالية، الأمر الذي لا بد أن يحملها على التراجع حسب رأيه.
ويشدد توماش على أن هذه الاتفاقية لو عرضت اليوم على البرلمان فإنها لن تمرر، وهو ما اضطر الحكومة -بنظره- إلى تأجيل طرحها إلى العام القادم بعد معرفة من سيقود البيت الأبيض، مرجحا أن يتم تأجيل الموضوع مرة أخرى أو إلغاء فكرة إقامتها أصلا.