شارع أبو نواس البغدادي.. تنزه تحت الحراسة المشددة

شارع أبو نوأس وسط بغـــداد

شارع (أبو نواس) وسط بغداد (الجزيرة نت)

يبدأ السير في شارع (أبو نواس) المطل على نهر دجلة من نقطة تفتيش صارمة وينتهي عند نقطة أخرى, فيما تمر سيارات تقل عوائل تقرر تمضية بعض الوقت عند حدائق الشارع فوق المطبات الاصطناعية بحذر، وهي تحدّق في الجنود المدججين بالسلاح ووجوههم مقنعة بألوان مختلفة.

يقول المحامي أنور سلمان -الذي اصطحب زوجته وأولاده في نزهة- إن هذه هي المرة الأولى التي يقرر فيها الذهاب إلى شارع (أبو نواس) بعد أن ضاقت فرص اصطحابهم لأماكن أخرى.

التنزه في (أبو نواس) محفوف بالمخاطر (الجزيرة نت)
التنزه في (أبو نواس) محفوف بالمخاطر (الجزيرة نت)

رعب وخسارة
ولكن المشكلة الجديدة أن شارع (أبو نواس) يواجه المنطقة الخضراء في الجانب الثاني من النهر والتي تتعرض كل يوم لقذائف هاون يقع البعض منها عند ضفة النهر، وهو سبب كاف للرعب.

وعلى امتداد الشارع البالغ 12 كلم والذي يبدأ من جسر الجمهورية في منطقة الباب الشرقي وسط بغداد وينتهي عند الجسر المعلق في منطقة الكرادة الشرقية في الضاحية الجنوبية تطل أكبر الفنادق في العاصمة بغداد، منها فلسطين ميريديان، وعشتار شيراتون، وبغداد، وبابل أبروي، والمنار.

وتنتصب بين أحراش حدائق المتنزه المحصور بين الشارع والنهر تماثيل للشاعر (أبو نواس) يمسك بكأس البرونز الضخم فيما ترقص شهرزاد أمام عشيقها شهريار في تمثال آخر. إنها "حالة يمتزج فيها تاريخ بغداد القديم والجديد" بحسب ما يرى الرسام مصطفى عبد الكريم.

ويضيف عبد الكريم إن الخسارة الكبيرة للرسامين تكمن في أن جميع المعارض وقاعات الرسم التي كانت منتشرة على طول الشارع اختفت فور احتلال القوات الأميركية وحولته معسكرا لحماية مقارها داخل الفنادق الكبرى قبل انسحابها إلى داخل المنطقة الخضراء منتصف العام الماضي.

الجنود صاروا جزءا من منظر التنزه في بغداد (الجزيرة نت)
الجنود صاروا جزءا من منظر التنزه في بغداد (الجزيرة نت)

كساد تجاري
أما قدوري العبيدي الذي يبيع السمك المسقوف وهو يعلق داخل محله لافتة تشير إلى عمر المحل الذي تجاوز الخمسين عاما، فيشكو قلة إقبال الناس على تناول السمك، فمعظمهم يجلب معه الطعام والماء والمرطبات.

ويشير إلى أن معظم زبائنه العراقيين غادروا العراق، أما الزبائن العرب والأجانب فقد توقفوا عن المجيء منذ الأيام الأولى للاحتلال، و"لا أعتقد أنهم سيعودون قريبا"، قال الحاج قدوري هذه العبارة وهو يدس يديه داخل حوض الماء الصغير وقد أخرج سمكة تحاول الإفلات دون جدوى.

وعند نقطة التفتيش الجنوبية حاول ثامر كاظم الذي كان يقود سيارته ببطء أن يتجنب أزيز الرصاص المنبعث من فوهات بنادق حراس إحدى الشخصيات المهمة التي صادف أنها تمر في الشارع بسرعة فائقة فوق المطبات الاصطناعية.

وعقب على هذا الوضع قائلا إن هذه الحالة تصادفنا في كل شوارع بغداد حيث يقوم الحراس بإطلاق العيارات النارية لفتح الطريق حتى يمروا بسرعة، ما يثير خوف زوجتي وابنتي. لكن "أمضينا وقتا جميلا في حدائق أبو نواس". قالها ثامر وهو يودع الشارع العراقي الذي ضاعت معالمه بين الأمس واليوم.

المصدر : الجزيرة

إعلان