همام سعيد يدعو لدعم حماس ويستبعد انشقاق إخوان الأردن

7/5/2008
أجرى الحوار: محمد النجار-عمان
قال المراقب العام الجديد للإخوان المسلمين في الأردن إن مصلحة الأردن تكمن في دعم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والحركات "المجاهدة" في فلسطين، فيما انتقد اعتزام الحزب الإسلامي العراقي العودة للحكومة مطالبا الحزب بالبقاء في "صف المقاومة والمعارضة".
واعتبر سعيد -الذي انتخب قبل أيام مراقبا عاما للإخوان المسلمين في الأردن- في حوار مع الجزيرة نت أن هناك تناقضا بين الموقف الشعبي الأردني الداعم للجهاد في فلسطين والموقف الرسمي الداعم للسلطة الوطنية الفلسطينية، ودعا الحكومة الأردنية لتصحيح هذا الخلل.
وفيما يلي نص الحوار مع القائد الجديد للإخوان المسلمين في الأردن الدكتور همام سعيد:

الحكومة لم تكن مرتاحة منذ زمن بعيد لمجمل العمل الإخواني وممارسات الحكومات المتعاقبة والتضييق على الحركة الإسلامية دليل على أجواء عدم الارتياح هذه، لكن ما أقوله هنا ليس ردا على عدم الارتياح الحكومي، وإنما السؤال هل الحكومة تريد أن ترفع من وتيرة عدم ارتياحها؟ وأنا أقول إن هذا الموقف مبني على وهم، وكأن من لا يرتاح يظن أن الرجل الأول في هذه الحركة هو الذي يسير الحركة ويضع سياساتها ويحكم أفرادها برأيه، علما بأننا مؤسسة قيادتها جماعية، والمراقب العام يعبر عن هذه السياسات وهذه القيادة، وبالتالي لا أحد لدينا فوق المساءلة، ومن يخرج عن السياسات يقال له قف.
أنا أرى أن هذه هواجس لا حقيقة لها ولا مكان لها على أرض الواقع عندنا.

أنا لست جديدا أو طارئا على العمل السياسي، وأنا أعمل في السياسة منذ أكثر من 30 عاما، بين عضو مجلس شورى وعضو مكتب تنفيذي ونائب في مجلس النواب ونائب للمراقب العام ونائب للأمين العام لجبهة العمل الإسلامي، فأنا تقلبت في كل المواقع القيادية في هذه الجماعة، وإذا كان هناك تصور أنه كان هناك تغير في مواقعي التي شغلتها، يمكن أن يقال إن هذا الرجل لديه القابلية للتغيير، ولكن أنا مواقفي فيها نوع من الثبات والاستقرار، أنا رجل أقوم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأصارح الحكومات بما أرى من أمور يجب أن تقال وأن يرفع الصوت فيها، وهذه طبيعة لا تنقلني بما يسمى بالمتشدد والمتعصب، وإنما وضوح يجب أن تكون أحرص عليه منا حتى يتعامل الناس معها كما هم ودون أن يكون لهم أكثر من وجه.

أنا أريد أن أقول للحكومة وغير الحكومة، إن هذه الجماعة التي مضى على تأسيسها في الأردن 60 عاما وهي عاملة في الميدان الاجتماعي والسياسي، وجميع الميادين المجتمعية والمؤسسات المدنية والبلديات والنقابات وغيرها، إذا جاء أي عاقل وحاول أن يفصل جهد الجماعة عن جهد بقية أفراد المجتمع، سيجد أن جهد الجماعة يشكل جهدا دافعا وعمودا فقريا لهذا البلد وهذا الشعب لا يمكن فصله بحال من الأحوال.
من جهة أخرى جماعة الإخوان المسلمين أصبحت تشكل قاعدة كبيرة تضم آلاف الشباب الجامعي وأعضاء النقابات المهنية، وهم رواد في مجتمعاتهم ووجهاء في مناطقهم، أصبحت الحركة تشكل بعدا اجتماعيا لا يمكن تجاوزه، وكل واحد من هؤلاء يصلح لأن يكون قائدا.
جمعية المركز الإسلامي هي رصيد أكثر من 40 عاما من عمل جميع الإخوان في هذا البلد تشكل بموجبه أكبر جمعية خيرية في الشرق الأوسط، ليس لها نظير في المنطقة، ثم تأتي الحكومة بطريقة فجة وتضع يدها على هذه الجمعية وبأسباب واهية جدا وتنكر هذا الجهد، وهذا افتئات على العمل العام، وعلى جهد العاملين وجهادهم وسهرهم على هذا البلد، ألا يوجد في هذا النظام الرسمي من يفكر بعقله؟ ما أثر هذا الأمر على الصف الإخواني؟ لا شك أن الصف الإخواني غير مستريح لما قامت به الحكومة، كونها سلبت جهد أبناء الجماعة.
ثم لم تكن هذه الجمعية لمصالحنا الخاصة ولننتفع منها، مضت سنتان تقريبا ونحن لا قرار لنا في الجمعية، فهل تأثر وضعنا الاقتصادي والاجتماعي؟ بالتأكيد لا، ما حدث سيؤثر على المجتمع، وهم يقولون إن الجمعية لم تتأثر حتى الآن، والسبب أن القاعدة التي تعمل حتى الآن هي قاعدة إخوانية، إذا كان هناك قرار لإقصاء هذه القاعدة، فعندئذ ستظهر النتائج الخطيرة، هناك مؤسسات شعبية ورسمية تعمل في العمل الخيري، المؤسسات الشعبية تنجح، والمؤسسات الرسمية لا تنجح.
أنا أخاطب الحكومة من هذا المنبر، إن هذا الأمر سيكون له انعكاس كبير على الإخوان من جهة، وعلى فعاليات المجتمع وما فيه من فقراء ومعوزين من جهة أخرى، لذا آن الأوان للخروج من هذا المأزق وطي هذا الملف.

لا بد من الحوار، ولا يجوز أن يدار الظهر لجماعة كبيرة، الجماعة فيها رجال كثيرون قادرون على الحوار ومقبولون بحوارهم، فليكن الحوار، وأنا أدعو لحوار يبحث في أعماق المشاكل حتى نبدأ بحلها.

الأمر ناشئ من تغير ليس عندنا وإنما عند غيرنا، نذكر أن القضية الفلسطينية كانت منذ عهد الانتداب قضية أردنية، وكان أبناء شرق الأردن هم الذين يذهبون للجهاد في فلسطين ويوفرون السلاح لفلسطين، ومنهم الشهداء، وهناك رجال عظام أمثال عبد اللطيف أبو قورة وأحمد الخطيب وهارون بن جازي ومشايخ وأبناء الحويطات وبني صخر وكل العشائر الأردنية، كل هذه العشائر تعيش هم القضية الفلسطينية، أي أنها باختصار وفق التصنيف الجديد تنسب لحركة حماس، والشعب الأردني قبل 30 عاما كان موافقا ويعتز أن يكون له ارتباط بفلسطين ومجاهديها.
التغيرات جاءت فيما بعد من خلال قرار فك الارتباط واعتبار الهم الفلسطيني مناقضا للهم الأردني، وهذا الفكر عنصري لا ينتمي لا لأمة عربية أو إسلامية ولا ينتمي حتى لمصالحه الضيقة.
نحن بحاجة الآن أن نوسع الأفق وأن نقول إننا كبلاد عربية إسلامية وحدة واحدة، وقضايانا واحدة، فما بالك إذا كانت هذه القضية على أرض فلسطين، والقضية الفلسطينية لنا هم أردني لأسباب منها مشكلة اللاجئين، فالأردن يستضيف أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين، وبالتالي هذه مشكلة أردنية، وعندما نقول إن هناك محاولات للتمدد اليهودي على حساب الأردن اقتصاديا وإعلاميا وسياسيا، وكان ينظر من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد أن تهيمن الدولة الصهيونية على المنطقة، هل هذا هم أردني أم فلسطيني؟، هذا هم أردني أيضا.
عندما تقف حركات الجهاد في فلسطين ومنها حماس تقاوم هذا المشروع الصهيوني وتضطره لأن يبني جدار الفصل العنصري ويصبح هناك إنفاء للدولة اليهودية لبقعة معينة، بعد أن كانت تمد عيونها لآفاق ومناطق بعيدة، هذا هم أردني أيضا، وواجبنا أمام من يحلون لنا بعض مشاكل الهم الأردني وأقصد هنا حماس والحركات المجاهدة أن نقف لجانبها، وهذا لا يعني أن نأتمر بأمرها، وأن تأتمر هي بأمرنا لكننا سنقف إلى جانبها بكل ما أوتينا من قوة، وسندعو الناس في كل مكان في العالم العربي والإسلامي للوقوف مع هذا المشروع، لأن القضية ليست مساندة فصيل وإنما وقوف مع قضية الأرض المباركة والمسجد الأقصى وضد المشروع العنصري السرطاني الذي يمتد في منطقتنا.
هل يتصور أي عاقل أن يأتي علينا زمان أن تصبح الدولة الصهيونية دولة أخوية ومقبولة منا ونحن مقبولون منها؟ هذا لا ينطبق مع عقلية اليهود التي تقول إنهم السادة وإنهم أبناء الله وأن بقية الشعوب من الأممين وأنها عبارة عن حيوانات لها صورة البشر وليس لها حقيقة بشر، لذلك لا يوجد أي مستقبل لعلاقة إلا لهذه العلاقة مع القوى المجاهدة على أرض فلسطين.

أنا أتساءل هل هذا الموقف نابع من مصالح الشعب الأردني؟ هل يرضى الشعب الأردني ما يرضى بين السلطة واليهود من تنازلات وإبعاد كل القضايا الحساسة وتأجيلها لمراحل متأخرة كقضية القدس واللاجئين وغيرها، مشروع السلطة يقوم على تدمير كل آمال وطموحات الشعب الأردني والفلسطيني، والذي يضغط باتجاه قبول السلطة هم الأميركان والقوى الأجنبية، أما الشعب هنا فإنه يضغط باتجاه قبول المجاهدين، لذا آن الأوان لأن تتطابق هموم السلطة الرسمية مع هموم الشعب.

الحقيقة أننا هنا في الأردن آمنون مطمئنون إن شاء الله أنه لن يحدث أي انشقاقات في صفوفنا، وأنه إذا اختلفت الآراء فإنها آراء تغني وتثري المسيرة وتقدم لنا المزيد من الرأي المتباين أحيانا والذي ينظر للأمور من زوايا مختلفة, لكننا في النهاية وخلال دقائق نحسم أمرنا وعندما يجرى التصويت تسكت الألسنة ويتوحد الجميع في ميدان العمل، أنا أطمئن المحبين المخلصين أن هذه الجماعة موحدة، وأقول للمراهنين إن هذه الجماعة موحدة ولا يمكن أن تتفكك أو تنشطر، وأقول لهم أنتم واهمون، تعاملوا مع الجماعة الواحدة.

نحن سررنا عندما خرج الحزب الإسلامي من المشاركة في الحكومة، وكانت هذه مرحلة تصحيحية كما أتصور في مسيرة الحزب الإسلامي، لذلك نحن نأمل أن يبقى الحزب الإسلامي في صف المعارضة والمقاومة لأن المطروح الآن على الساحة العراقية الجهاد ضد الأميركان المحتلين.

المصدر : الجزيرة