حامد أبو زيد: الاستبداد العربي مسؤول عن ثقافة التحريم
6/5/2008
عمرو وجدي-القاهرة
اعتبر الأكاديمي المصري د. نصر حامد أبو زيد, باحث علوم اللغة العربية والشأن الإسلامي, مناخ الاستبداد السياسي في العالم العربي مسؤولا عن انتشار ثقافة التحريم, في أول محاضرة عامة له بمصر منذ سنوات.
وفي المحاضرة التي حملت عنوان "الفن وخطاب التحريم" في الجامعة الأميركية بالقاهرة مساء السبت, قال مجيبا عن سؤال للجزيرة نت إنه لا يمكن فصل خطاب التحريم الديني عن الخطاب السائد في المجتمع، وهو يرى أن "خطاب التحريم يكاد يسود المجتمعات العربية، فهناك خطاب التحريم السياسي، والاجتماعي، والأكاديمي.. بالإضافة إلى الخطاب الديني الذي لا يفرض نفسه على الواقع وإنما هو جزء من كل".
وعرج أبو زيد على علاقة الدين بالفنون، وحاول التدليل على عمقها باقتباس من كتاب "التصوير الفني في القرآن" لسيد قطب قال فيه إن "التصوير هو الأداة المفضلة في أسلوب القرآن".
" |
وقال الباحث المصري إن قطب أدرك مدى "جفاف" كتب التفسير القديمة ولم يجد فيها ما وصفه قطب نفسه بـ "النص الجميل اللذيذ"، واعتبر هذا الكاتب "ناقداً أدبيا بالأساس، وهو أول من اكتشف نجيب محفوظ".
وانتقد أبو زيد انتشار ما سمّاه "ثقافة سمعية، تعادي الفنون البصرية"، وقال إن ثقافة تحريم رسم الأشخاص والحيوانات لم تكن شائعة في الثقافة الإسلامية قديما، واستهجن تحريم التماثيل واعتبارها أصناما، فـ "الإسلام بالأساس ضد الوثنية والشرك ولذلك حرص النبي على تحطيم الأوثان في بادئ الأمر، لكن حينما خرج العرب إلى الدنيا لم يحطموا تمثالاً في أي معبد أو مكان لأن الخطر على عقيدة المسلمين انتفى".
وهاجم الأكاديمي المصري الفيلم الهولندي (فتنة) وقال إنه ليس فنا، لكنه رفض تقييم الفن على أساس أخلاقي أو ديني.
تاريخي لا زمني
كما قال أبو زيد إن النص القرآني "تاريخي" وليس زمنيا، ووضع نصوص القرآن في سياقها التاريخي "ليس لإلغائها، وإنما لفهمها". ودلل على ذلك بأن "المنسوخ من القرآن الكريم ما زال يتلى، ولم يفقد قيمته كجزء من القرآن".
واعتبر الرجل أن مشكلة الخطاب الديني "تجريف العقل، وغياب النقد، ليصبح الإنسان بحاجة في كل كبيرة وصغيرة إلى مُوجِّه" ودعا إلى "الانخراط في الحوار مع خطاب الاعتدال، وأخذه مأخذ الجد، لمساعدته على التطور".
كما قال في نهاية محاضرته "أنا لست صاحب مشروع وإنما مجرد باحث" وشدد على أن "الحرية هي الكلمة المفتاح، والخروج من أزمتنا يحتاج منا جميعا للتفكير".
وبدا المحاضر متحفظا في الحديث في قاعة غصت بحضور اضطر بعضه إلى متابعة المحاضرة واقفا, وكان بين الجمهور عدد من كبار المثقفين والباحثين المصريين.
وكان أبو زيد أستاذاً بكلية الآداب في جامعة القاهرة، وله أعمال عديدة منها: هكذا تكلم ابن عربي، الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية، نقد الخطاب الديني، (النص، السلطة، الحقيقة)، دوائر الخوف.
ويعيش أبو زيد المنفى الاختياري محاضراً بجامعة ليدن بهولندا بعدما ترك القاهرة عام 1995 وقد اتهم بالكفر على خلفية رسالة بحثية له، رفعت ضده بعدها دعوى حسبة أمام المحكمة انتهت بقرار تفريقه عن زوجته بحجة ردته.
المصدر : الجزيرة