انقسام حول اتفاق الدوحة.. هدنة أم حل ثابت؟

الأطراف اللبنانية توقع في قطر "إتفاق الدوحة"

نقولا طعمة-بيروت

لا يقتنع اللبنانيون بأن بلدهم سيشهد حلا مستديما، فمنذ نشوئه عام 1918 كمقترح تأسيسي على خارطة تقسيم تركة الخلافة الإسلامية العثمانية فيما سمي بمشروع سايكس-بيكو، لم يشهد هذا البلد استقرارا سياسيا وأمنيا واجتماعيا إلاّ لفترات لم تتعد أطولها عقدا من الزمن.

وانتهت العديد من محطات الاضطراب بتسوية اتفق على تسميتها "لاغالب ولا مغلوب" سياسيا، "تقبيل لحى" على المستوى الشعبي.

وينقسم اللبنانيون اليوم أمام اتفاق الدوحة: هل هو هدنة مؤقتة أم حل دائم؟

هدنة أم حل؟
يقول كمال معوّض نائب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي للجزيرة نت إنه لا شيء أكيدا ولا شيء مضمونا مائة بالمائة "فكل الأطراف الإقليمية عندها مصلحة أن يكون لبنان ساحة تتحرك من خلالها".

ويرى أمير حركة التوحيد الإسلامي (سنية معارضة) الشيخ بلال شعبان أنه "سيبقى هناك استقرار طالما لا توجد استحقاقات كبيرة، وعند كل استحقاق سيكون شد مذهبي وطائفي ومناطقي، لتحسين الشروط السياسية لكل طرف".

ويضيف في حديث للجزيرة نت "إنها هدنة تستمر ما بين ستة أشهر وسنة، وستعود المشاحنات مع اقتراب الانتخابات النيابية حيث سيعمد كل واحد لتحريض طائفته، فلا أحد يملك مشروعا انتخابيا وطنيا، وزعاماتنا ليست وطنية، وإذا أرادت أن تحافظ على مواقعها، ستضطر إلى التصعيد والتعبئة الطائفيتين كلّ من أجل إعادة لملمة شعبيته".

ويخالف الكاتب والمحلل السياسي ميخائيل عوض الرأي. فهو يعتقد أن اللبنانيين "أمام هدنة تؤسس لتسوية قد تكون تاريخية في لبنان، وهي تتجاوز ما جرى من تسويات أقله منذ 1975".

ويفند عوض أسباب اعتقاده بثلاثة أمور "تغيير الموازين جرى بقوى لبنانية وليس بتدخلات خارجية كالسابق. واتفاق الدوحة كان لبنانيا لبنانيا وجرى تخريجه لأسباب سياسية وبرعاية عربية، فميزان القوى لبناني واتفاق القوى لبناني، وهي المرة الأولى في تاريخ لبنان الحديث والقديم. كما أن البيئة الإقليمية والدولية متغيرة لصالح تكريس تثبيت استقرار لبنان على خيارات وطنية وقومية".

"
لبنان خرج وإلى الأبد من تحت السيطرة الإسرائيلية-الأميركية، وإسرائيل وأميركا افتقدتا قدراتهما الفعلية لإعادة مد دورهما ونفوذهما فيه
"
ميخائيل عوض

الأميركي.. غياب وعودة
ويرى البعض أن الاتفاق هدنة "لأننا في مرحلة انتخابات في الولايات المتحدة الأميركية" التي تبتعد عن التدخلات الخارجية في ظروف كهذه.

ويقول معوض أيضا "يمكن لأميركا أن تضع إستراتيجية هجومية لاحقا تجاه أطراف إقليمية معينة، وقد تشعر قوى إقليمية أنه لم تصلها حصتها من تقاسم جبنة المنطقة، فتحرّك الجبهة اللبنانية. لم نخرج نهائيا من فم البركان".

ويرجع الشيخ شعبان القول إن "ما جرى انكسار للمشروع الأميركي أدى إلى ارتياح لدى الجميع، وارتخاء بعد شد أعصاب استمر ثلاث سنوات".

ويعود الكاتب عوض إلى أن "كل المعالم تشير إلى أنه أيا تكن الإدارة الأميركية القادمة ستكون مضطرة أن تتعاطى مع الوقائع المادية التي تجاوزتها. وأهمها أن لبنان خرج وإلى الأبد من تحت السيطرة الإسرائيلية الأميركية، وإسرائيل وأميركا افتقدتا قدراتهما الفعلية لإعادة مد دورهما ونفوذهما في لبنان".

ماذا بعد؟
ويرى عوض أيضا أن "الأمور تتعلق بحزب الله، فإذا كانت القناعة لديه أن الآلية الوحيدة التي يجب أن ترعى حلا سياسيا هي الآلية الديمقراطية وليس السلاح، عند ذلك يكون ما جرى مدخلا فعليا للحل".

أما شعبان فيعتقد أن "لبنان بتشكيلته الطائفية جميل، ونموذج للتعايش على مدى 1400 سنة، ولكن البعض يدوسون عليه لمصالحهم الخاصة. ونحن نعوّل على وعي المواطن لتجاوز هذه الحالة".

ويختم معوض قائلا "لست متشائما للنهاية، ولكن لا أستطيع أن أكون متفائلا بالمطلق. على اللبنانيين الاستفادة من الأشهر القادمة للحكم الجديد المنفتح على الجميع والمتوازن من أجل تثبيت دعائم الدولة".

إعلان
المصدر : الجزيرة

إعلان