حسين جلعاد-بيروت
"هل أصبح لدينا رئيس!" سؤال طرحه بلهفة مغتربون ومسافرون لبنانيون قادمون من أنحاء العالم بمجرد أن حطت طائراتهم على أرض مطار بيروت بعد أن حالت ساعات الطيران في السماء دون معرفة ما يجري في أرض الوطن.
الجواب لم يتأخر كثيرا، كانت هواتف ذويهم وابتسامات مستقبليهم تنقل إليهم فرح اللبنانيين برئيس تلا للتو خطاب القسم. أما شوارع العاصمة فقد امتلأت باللافتات التي تبشر بهيبة الدولة و"لبنان الذي انتصر" في معركة كرسي الرئاسة.
ومن جهتهم أبدى السياسيون والمراقبون تفاؤلا بالرئيس الجديد
ميشال سليمان. ويجيء ذلك على وقع خطى تسير إليها البلاد بعد اتفاق الأطراف الدولية والإقليمية التي رعت التوافق فحضرت في المجلس النيابي الذي كان سابقا قد أجل جلساته مرات عدة دون التوصل إلى نتيجة.
وتتجه الأنظار إلى شخصية القائد السابق للجيش الذي رآه العالم بلباسه المدني لأول مرة في جلسة القسم بعد أن كان قد لبس البزة العسكرية زمنا طويلا فانتقل من قيادة المؤسسة العسكرية إلى قيادة الدولة.
توافق وحياد
ويرى المحلل السياسي والكاتب في جريدة النهار جورج ناصيف أنه من المبكر التكهن بشكل قطعي بما ستؤول إليه الأمور.
وقال ناصيف في حديث للجزيرة نت إن سليمان في مسلكه السياسي خلال السنوات الأخيرة "لم يكن منحازا" بل تصرف وفق معادلة "الحياد الإيجابي واتخذ مواقف أقرب إلى مصلحة البلاد حتى لو أغضب قراره ذاك المعارضة أو الموالاة"، كما حدث في قرار اجتياح مخيم نهر البارد الذي عارضه حزب الله أو حين أوعز سليمان للجيش بحماية مظاهرة "الوفاء لسوريا" التي أزعجت قوى الأكثرية.
" خلدون الشريف: الرئيس الجديد شخصية توافقية وسيستمر في لعب دور توافقي نظرا إلى تاريخه أثناء قيادته المؤسسة العسكرية طوال سنوات
"
|
من جهته قال عضو اللقاء الوطني اللبناني المعارض خلدون الشريف إن الرئيس الجديد شخصية توافقية وسيستمر في لعب دور توافقي نظرا إلى تاريخه أثناء قيادته المؤسسة العسكرية طوال سنوات. وتوقع الشريف أن لبنان مقبل على مرحلة من الاستقرار السياسي.
وأوضح الشريف في تصريح للجزيرة أن أداء سليمان كان "متوازنا" سواء ما بدا في خطاب القسم الذي "يرضي جميع الأطراف"، أو عبر أدائه مهامه العسكرية سابقا، مدللا على ذلك بتصرف الجيش خلال الأحداث الأخيرة التي شهدها لبنان وأوقعت قتلى وجرحى في اشتباكات بين قوى المعارضة والقوى المؤيدة للحكومة آنذاك.
المرحلة القادمة
وبخصوص مرحلة ما بعد انتخاب الرئيس، قال ناصيف "نحن في لحظة مفتوحة على الحل". وأشار إلى أن القوى الإقليمية آثرت تحقيق تسوية هي "أكبر من هدنة وأقل من اتفاق سلام" وهو ما تبدى في توقيع اتفاق الدوحة. وأضاف أن سليمان نقطة لقاء بين القوى العربية والإقليمية والدولية.
" جورج ناصيف: الرئيس اللبناني سيستفيد من الدعم الدولي والعربي فيستهل ولايته بالملفات الأكثر سخونة لبنانيا سواء في تشكيل حكومة وطنية ثم الوصول إلى تسوية ملف الانتخابات، وذلك قبل أن ينتقل إلى معالجة ملفات ساخنة أخرى ذات طابع عربي وإقليمي مثل العلاقات مع سوريا "
|
وتوقع ناصيف أن الرئيس اللبناني سيستفيد من الدعم الدولي والعربي فيستهل ولايته بالملفات الأكثر سخونة لبنانيا سواء في تشكيل حكومة وطنية ثم الوصول إلى تسوية ملف الانتخابات، وذلك قبل أن ينتقل إلى معالجة ملفات ساخنة أخرى ذات طابع عربي وإقليمي مثل العلاقات مع سوريا التي أبدت ارتياحا لانتخابه، وقبل ذلك إلى أدائه أثناء قيادته الجيش، حسب تعبير ناصيف.
نذر الحرب
من جهته لفت الشريف إلى أن الدعم الدولي والعربي للرئيس الجديد جاء منعا لحرب أهلية بدت نذرها في الأجواء، وأضاف أن المجتمع الدولي والعالم العربي شعرا بأن "اشتعال لبنان سيشعل المنطقة" برمتها، مما دفع الأطراف الدولية والإقليمية إلى مؤازرة
اتفاق الدوحة.
وقال عضو اللقاء الوطني المعارض إن حضور ممثلي القوى الدولية والإقليمية جلسة انتخاب الرئيس اللبناني لم يكن فقط بنية دعم سليمان "وإنما منعا لحرب أهلية جديدة". مشير إلى أن خطاب القسم "يرضي جميع الأطراف".
وردا على سؤال حول تأثير الرئيس على مستقبل الحياة السياسية اللبنانية، قال الشريف إن الأهم الآن هو البيان الوزاري للحكومة المنتظر تشكيلها، والتي ستمارس دورا يسبق الانتخابات التي سيحل موعدها خلال أشهر.
ووصف الشريف رئيس الجمهورية بأنه "عاقل وواقعي"، وأبدى تفاؤلا بأن ذلك سيسهم في إيجاد حضور قوي للمعارضة داخل التشكيلة الوزارية المرتقبة، مما سيقود إلى صياغة بيان حكومة وحدة وطنية تؤمّن السلم الأهلي من خلال مراعاة الخصوصيات اللبنانية.