قراءة في عودة المدمرة كول للسباحة في مياه المتوسط

عدي جوني-الجزيرة نت
فقد أكد مسؤول في قناة السويس أن المدمرة كول عبرت القناة مبحرة إلى مياه المتوسط وسط توقعات بأن تعيد انتشارها قبالة السواحل اللبنانية كما فعلت في فبراير/شباط الفائت، في خطوة وصفتها الإدارة الأميركية في حينه بأنها إظهار لدعمها لحلفائها في لبنان ورسالة تحذير إلى سوريا وإيران.
والمدمرة كول واحدة من القطع البحرية المزودة بصواريخ موجهة وقادرة على تشكيل قوة نارية ضخمة عن بعد، فضلا عن تمتعها بتكنولوجيا متطورة على صعيد التسليح والملاحة، مع العلم أنها تعرضت لهجوم انتحاري قبالة ميناء عدن جنوب اليمن عام 2000 أسفر عن مقتل 17 من بحارتها فضلا عن إصابتها بأضرار مادية بالغة.

البعد السياسي
ورجحت هذه المصادر أن تكون هذه الرسالة الأميركية السبب وراء تأجيل الحكومة اللبنانية اجتماعها بخصوص إلغاء قراريها المتصلين بشبكة الاتصالات ومدير أمن مطار بيروت، اللذين شكلا الشرارة المباشرة لأحداث العنف التي شهدها لبنان في الأيام القليلة الماضية.
المتخصص بشؤون الأمن القومي الأميركي د.منذر سليمان وصف الخطوة الأميركية بخصوص المدمرة كول بأنها مجرد تعبير عن رغبة واشنطن بإظهار دعمها لقوى سياسية لبنانية ينظر إليها على أنها حليفة للمشروع الأميركي في المنطقة.
وأوضح سليمان في تصريح للجزيرة نت أن التفسير الواقعي لهذا التحرك يندرج في إطار "دبلوماسية البوارج الحربية" كدلالة على عزم الولايات المتحدة الحيلولة دون انهيار هذه القوى السياسية ميدانيا أكثر مما هو واقع على الأرض فعليا، وبالتالي منعها من تقديم تنازلات لا ترغب واشنطن بتقديمها تحت بنود التسوية السياسية المحتملة للأزمة اللبنانية وبشكل يقوي المعارضة وعلى رأسها حزب الله.
ويبرهن سليمان على ذلك بالإشارة إلى أن الخيار العسكري التقليدي سواء بالنسبة للولايات المتحدة أو إسرائيل سقط بشكل واضح في حرب يوليو/تموز 2006، معتبرا أن مهمة المدمرة كول لن تتعدى في هذه الحالة حماية السفارة الأميركية مثلا أو إجلاء رعاياها عن لبنان في حال تدهور الأوضاع الأمنية إلى أبعد من مما وصلت إليه حاليا.

البعد العسكري
ومن هذا المنطلق، أوضح العميد الزيات في حديث هاتفي مع الجزيرة نت أن المدمرة كول -وفي حال وجدت الإرادة السياسية الأميركية- لن يتجاوز دورها الإسناد الناري البعيد المدى وهذا برأيه لن يشكل فارقا كبيرا على الأرض إلا في حدود بسيطة، وغير مؤثرة إستراتيجيا على موازين القوى التي تبدلت في الأحداث الأخيرة.
وأضاف أنه حتى لو غامرت واشنطن في خطوتها بالزج بقوات برية، فإنها ستجد نفسها أمام نماذج متكررة لما قابلته في العراق وتحديدا في الفلوجة ومدينة الصدر، فضلا عن أن المؤسسة العسكرية الأميركية تدرك جيدا أن تدخلها العسكري لصالح حلفائها في لبنان سيضعهم في موقع الاتهام بالاستعانة بـ"جيش أجنبي" ضد طرف آخر في الوطن.
واختتم الزيات قراءته لخطوة المدمرة كول بالتشديد على أن الزج بقوات أميركية برية كبيرة سيضع أمن الولايات المتحدة القومي أمام مخاطر جديدة وسيحرمها من القدرة على التعامل مع أزمات دولية طارئة في حال نشوب نزاع مسلح بين الصين وتايوان على سبيل المثال.