المساجد تعزز اندماج المسلمين في المجتمع الألماني

خالد شمت-برلين
أثنت دراسة ميدانية أصدرتها مفوضية الاندماج في الحكومة المحلية لولاية العاصمة الألمانية برلين على دور المساجد والمراكز الإسلامية بالولاية في تحفيز الأقلية المسلمة على زيادة مشاركتها في الأنشطة العامة وتفعيل اندماجها في المجتمع في السنوات الأخيرة.
وذكرت الدراسة أن المساجد في برلين تحولت حالها حال مثيلاتها في المدن الأوروبية المختلفة من أماكن لأداء الصلاة وممارسة الشعائر الدينية إلى نقاط للتواصل الاجتماعي، ومراكز للتعليم والتربية ومؤسسات لحل المشكلات المعيشية وتقديم النصائح والمساعدات.
جذور ألمانية
وشارك في إعداد الدراسة الواقعة في 112 صفحة 15 عالما وباحثا عملوا تحت إشراف د.ريم شبيلهاوس ود. أليكسا فيربر أستاذتي الدراسات الإسلامية والاجتماع بجامعة هومبولدت في برلين.
واعتبر مفوض الاندماج والأجانب بحكومة ولاية برلين غونتر بينينغ أن نتائج الدراسة أظهرت سعي المسلمين لتطبيع علاقتهم مع المجتمع البرليني المحيط بهم، وحرصهم على إبراز هويتهم الدينية ورغبتهم في تشييد مساجد عصرية بطابع معماري يتناسب مع المظهر العام للأحياء.
ورأى بينينغ أن أهم نتيجة توصلت إليها الدراسة هي إيلاء المساجد والمراكز الإسلامية في برلين أهمية كبيرة للانفتاح على وسطها العام والتعامل معه بشفافية.
من جانبها قالت المشرفة على إعداد الدراسة الدكتورة ريم شبيلهاوس إن النتائج أظهرت أن الإسلام رغم تواجده الحديث نسبيا في ألمانيا، إلا أنه أصبح له جذور راسخة في تربتها.
وأشارت في تصريح للجزيرة نت إلى أن الدراسة تمثل تطويرا لدراسة مشابهة صدرت عام 1998، وتقدم عرضا تحليليا مكثفا لأوضاع المؤسسات الإسلامية في برلين، ومظاهر تطورها وانعكاسها على الواقع الحياتي للأقلية المسلمة.

الأفنية الخلفية
وقالت الدراسة إن تعداد المسلمين في برلين تزايد منذ عام 1998 بمقدار الثلث، وارتفع من 156 ألف نسمة حينذاك، ليتجاوز حاليا 210 آلاف نسمة، مما يجعل الإسلام ثالث أكبر الأديان تعدادا بعد البروتستانتية والكاثوليكية.
ونوهت إلي أن عدد مساجد العاصمة الألمانية نما في نفس الفترة بشكل مطرد، وزاد من ستين مسجدا عام 1989 إلى سبعين مسجدا عام 1999، وأكثر من ثمانين مسجدا حاليا، يقع معظمها في أحياء ودينغ ونوي كولن وكرويتسبيرغ، ذات الكثافة السكانية المرتفعة من العرب والأتراك.
وبينت الدراسة أن ثلاثة فقط من هذه المساجد تأخذ الشكل الخارجي المعروف للمسجد ذي المئذنة والقبة، في حين أقيمت باقي المساجد التي يطلق عليها مساجد الأفنية الخلفية داخل بنايات سكنية أو عامة.
وأشارت إل أن تسعين من مساجد برلين هي للمسلمين السنة من كافة المذاهب الفقهية، وسبعة للشيعة ومركزين للقاديانيين وبيتي جمع للعلويين.
وقالت إن نصف مساجد برلين تعمل بصورة مستقلة ولا ترتبط بأي مؤسسة إسلامية كبيرة، بينما يتبع عدد آخر للاتحاد الإسلامي التركي وجمعية ديتيب التركية ومبادرة مسلمي برلين، الذين يعتبرون أكبر ثلاث منظمات إسلامية في العاصمة الألمانية.

إيجابيات وسلبيات
وذكرت الدراسة أن 80% من مساجد برلين تمتلك قنوات اتصال جيدة مع المدارس والإدارات المحلية والشرطة في الأحياء التابعة لها، وأوضحت أن هذه المساجد تطبعت بأسلوب الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين المسلمين المولودين في ألمانيا ويتقنون لغتها.
واعتبرت أن تولي أفراد من هذين الجيلين –خاصة الإناث- إدارة مجموعة من مساجد برلين في السنوات الأخيرة، أسهم في حل كثير من المشكلات الاجتماعية والتعليمية، وإثراء الحوار الإسلامي النصراني في الأحياء التي تقع هذه المساجد بها.
وأشادت الدراسة بإلقاء عدد كبير من المساجد لخطب الجمعة والدروس والمواعظ الدينية باللغة الألمانية.
ورأت في هذا مؤشرا إيجابيا مهما على اندماج المسلمين في المجتمع البرليني، ونوهت إلى أن معظم أئمة المساجد الأتراك والعرب ينقصهم الإلمام الجيد باللغة الألمانية، والمعرفة الكافية بالمجتمع الألماني، ويعانون في الوقت نفسه من عدم وجود أقسام بالجامعات الألمانية تساعدهم في تطوير قدراتهم كأئمة.
واعتبرت الدراسة أن عدم حصول مساجد برلين على أي دعم مالي حكومي، واقتصار مواردها على تبرعات روادها الذين يعاني أغلبهم من البطالة، لا يساعد على خروج هذه المساجد من الأفنية الخلفية.
ورأت أن البروز القوي لعدد من المساجد والمراكز الإسلامية الجديدة أفقد المؤسسات الإسلامية التقليدية أهميتها والقدرة على الادعاء كما في الماضي بتمثيل مسلمي برلين.