ذكرى 67 بمصر.. مثقفون ثائرون ومواطنون مهمومون

-
 

هزيمة المصريين في حرب 67 خلفت

محمود جمعة–القاهرة

 

يتساءل المصريون كثيرا عن أسباب حالة الصخب التي صاحبت إحياء مصر الذكرى الأربعين لهزيمة عام 1967، ففيما رأى البعض أن "التضخيم في الاحتفالات جاء ردا على الصفعة التي وجهتها إسرائيل لمصر بنشر فيلم (روح شاكيد) عن قتل الأسرى المصريين" رأى البعض الآخر أن الاحتفال هو محاولة "لشحذ الذاكرة الوطنية التي أصابها العطب" وتأكيد أن "المقاومة ما تزال تسري في عروق أبناء هذا الجيل". 
 
وينقسم الشارع المصري حيال ذكرى هزيمة 67 إلى معسكر ثائر غاضب على الأنظمة العربية ويحملها مسؤولية استمرار ضياع الأرض المحتلة ويمثله المثقفون والسياسيون، وثان يشمل السواد الأعظم من المصريين الذين لا يكادون يتذكرون شيئا عن تلك الحرب أو بالأحرى تناسوها وسط ضغوط الحياة المادية والاجتماعية.
 
وتشهد البلاد عددا من الفعاليات التي يغلب عليها الطابع النخبوي في ذكرى هزيمة، تتمثل فى ندوات ومؤتمرات شعبية يعقدها صحفيون وناشطون سياسيون وممثلو أحزاب سياسية، لا يمتد تأثيرها في أذهان المصريين إلا بقدر مدتها الزمنية التى لا تتجاوز ساعة أو صفحة فى جريدة ما يلبث أن ينساها الناس سريعا.
 
وقفة احتجاجية

"
يعزو مراقبون عدم اكتراث العديد من المصريين بذكرى الحرب إلى سبب آخر وهو انعكاس التركيبة الديموغرافية للسكان حيث إن غالبية المصريين ولدوا بعد حرب 1967
"

ففي مدينة العريش في سيناء نفذ اتحاد الكتاب والأدباء العرب الثلاثاء وقفة احتجاجية فى منطقة رفح القريبة من الحدود المصرية الإسرائيلية، احتجاجا على استمرار احتلال الأراضى العربية.
 
وقال الأمين العام للاتحاد للجزيرة نت إن الأدباء والمثقفين العرب أرادوا بهذه الوقفة الصامتة أمام تمثال الجندى المجهول بمدينة رفح "تحويل ذكرى الاحتلال إلى مناسبة للمقاومة والتحرير ورفض استمرار احتلال أراضينا العربية بما في ذلك الاحتلال الأميركي في العراق".
 
وأضاف محمد سلماوي أن الأدباء والكتاب الذين يمثلون 15 دولة عربية رفعوا الأعلام الفلسطينية وقرأوا الفاتحة على أرواح الشهداء العرب، وحملوا لافتات تندد باستمرار احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية ومزارع شبعا اللبنانية وهضبة الجولان السورية.
 
ويعزو مراقبون عدم اكتراث العديد من المصريين بذكرى الحرب إلى سبب آخر وهو انعكاس التركيبة الديموغرافية للسكان، حيث إن غالبية المصريين ولدوا بعد حرب 1967.
 
صراع لقمة العيش

وقال موظف بوزارة الشباب للجزيرة نت إن المصريين -خاصة الشباب- لم يعد يشغلهم كثيرا الصراع العربي الإسرائيلي بقدر ما يشغلهم صراع "لقمة العيش" والبحث عن فرصة عمل، واللحاق بقطار الأسعار الذي تتزايد سرعته كل يوم.
 
وأضاف محمد رضا أن الاهتمام بذكرى النكسة أو حتى انتصار أكتوبر 1973 أصبح قاصرا على النخب المثقفة من السياسيين والكتاب، في حين لا تمثل الذكريات الوطنية للمواطن أكثر من كونها موعدا دوريا لمكافأة أوعلاوة مالية في العمل.
 

هموم الحياة شغلت المصريين عن كلمة
هموم الحياة شغلت المصريين عن كلمة

من جهتها قالت عضو حركة كفاية المعارضة هدى فهمي إن الحكومة وخاصة أجهزتها الإعلامية دأبت خلال الأعوام العشرة الماضية على إلهاء الناس عن حقيقة وجود صراع عربي إسرائيلي، في وقت لا تكف فيه أجهزة إعلام إسرائيل عن شحن الأجيال الجديدة لديها بالعداوة والكراهية ضد العرب.
 
وأضافت في حديث للجزيرة نت أن المصريين يعانون من تخبط سياسي حيال مسألة إسرائيل موضحة أن المواطن العربي حائر بين خطاب قادته حول إمكانية اعتراف عربي جماعي بإسرائيل مقابل الأرض، وبين مشاهد الواقع التي تؤكد أن الإسرائيليين لا يتركون شبرا احتلوه إلا بالمقاومة المسلحة.
 
الذاكرة الوطنية
وقال نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية إن الذاكرة الوطنية المصرية والعربية أصابها العطب منذ فترة بسبب غياب الديمقراطية والحرمان من المشاركة السياسية الفعالة، فضلا عن غياب مشروع قومي عربي يعيشه شباب اليوم بعكس الأجيال التى سبقتهم.
 
وأكد د. محمد السيد سعيد للجزيرة نت أن النظام المصري مسؤول عن تدني الذاكرة الوطنية لدى الشباب، سواء بحرمانهم من المشاركة السياسية أو تركهم فرصة لأشكال عديدة من الغزو السياسي والثقافي الغربي بفعل علاقاته القوية مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

المصدر : الجزيرة