ساحة "الميدان" تغير الواقع السياسي بأوكرانيا من جديد

ساحة الاستقلال في العاصمة كييف - الجزيرة نت

ساحة الاستقلال ملجأ القوى السياسية الأوكرانية للتعبير عن مواقفها (الجزيرة نت)

محمد صفوان جولاق-كييف

باتت ساحة الاستقلال وسط العاصمة الأوكرانية كييف ملجأ للقوى السياسية كلما تأزمت المواقف وازداد الاحتقان والجدل.

ومثلما شهدت الساحة -المعروفة محلياً بـ"الميدان"- عام 2004 الثورة التي اصطلح عليها بالبرتقالية ونزعت الرئاسة من زعيم حزب الأقاليم فيكتور يانوكوفيتش لصالح زعيم حزب أوكرانيا لنا فيكتور يوتشينكو، عادت من جديد لتلعب دوراً في النزاعات السياسية التي زادت حدتها في الأسابيع القليلة الماضية وخرجت عن أروقة وجدران البرلمان.

فبعد قرار يوتشينكو في الثاني من أبريل/نيسان الجاري حل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة، جاء أول رد سريعاً من حزب يانوكوفيتش خلال جلسة برلمانية رفض خلالها هذا القرار واعتبره منافياً للدستور الأوكراني، وطالب المحكمة الدستورية بالتدخل لحل الأزمة، وهدد باللجوء أيضاً إلى الشارع لحل الأزمة.

وكانت تيموشينكو هددت يوتشينكو بالنزول إلى الشارع من جديد إن لم يحل البرلمان، وفعلا خرجت حشود المعارضة يوم السبت الماضي إلى ساحة الاستقلال مرددة هتافات ضد الحكومة وداعية لإسقاطها وإجراء انتخابات جديدة في مشهد يذكر بأحداث الثورة البرتقالية في 2004.

ودعا يانوكوفيتش الرئيس إلى طاولة الحوار الثلاثاء للخروج من الأزمة التي وصلت إلى حد إعلان وزير الدفاع عن دعم الجيش للرئاسة في كل ما تقرره، وحدوث صدامات بين أنصار زعيمة حزب "بيووت" يولا تيموشينكو ويانوكوفيتش في ساحة "الميدان" تدخلت الشرطة وقوى الأمن لحلها.


أحداث متسارعة
وبين ثورة 2004 البرتقالية ومظاهرات يوم السبت الماضي، كثيرة هي الأحداث والتطورات التي أثرت على الوضع الداخلي الأوكراني.

يوليا تيموشينكو هددت بالنزول إلى الشارع إذا لم يحل الرئيس البرلمان (الجزيرة نت)
يوليا تيموشينكو هددت بالنزول إلى الشارع إذا لم يحل الرئيس البرلمان (الجزيرة نت)

فالوفاق لم يدم طويلا بين قائدي الثورة البارزين يوتشينكو وتيموشينكو، التي شغلت منصب رئيسة الحكومة بعيد الثورة.

وبدا هذا التباعد واضحاً بعدما عزل يوتشينكو رئيسة الحكومة من منصبها بعد أقل من سنة على استلامها المنصب في سبتمبر/أيلول من العام 2005، نتيجة لبعض قضايا الفساد الإداري آنذاك.

وكان هذا بمثابة أول شرخ في فريق الحكم الجديد, وكان من تداعياته ازدياد نفوذ حزب يانوكوفيتش بالبرلمان الأوكراني، ثم وصوله إلى رئاسة الحكومة، لتنتقل تيموشينكو مجدداً إلى صف المعارضة.

ونتيجة لوصول يانوكوفيتش إلى رئاسة الحكومة عام 2006, وهو المعروف بعلاقاته الطيبة مع موسكو، كان من الصعب على الرئاسة الأوكرانية تمرير العديد من القرارات والتوجهات, ففكرة الدخول في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وجهود التقارب مع الاتحاد الأوروبي سعياً لعضويته وإنشاء قواعد عسكرية أميركية تحتوي على نظم دفاع صاروخي باتت معطلة في ظل حكومة لا تريد الإساءة لعلاقاتها مع جارتها الشرقية روسيا.


"معارضة موحدة"
وفي الأسابيع القليلة الماضية عاد زعماء الثورة للوحدة من جديد وشكلوا ما بات يعرف بـ"المعارضة الموحدة" التي بدأت ترسم الخريطة السياسية للبلاد من جديد.

فيكتور يانوكوفيتش طالب المحكمة الدستورية بالتدخل لحل الأزمة (الجزيرة نت)
فيكتور يانوكوفيتش طالب المحكمة الدستورية بالتدخل لحل الأزمة (الجزيرة نت)

ثم توجهت يوليا تيموشينكو يوم 28 فبراير/شباط الماضي إلى واشنطن في زيارة استمرت ثلاثة أيام والتقت خلالها كبار المسؤولين في البيت الأبيض.

وقالت بعد لقاء جمعها مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في الثاني من مارس/آذار المنصرم "إن أوكرانيا بحاجة لدعم الولايات المتحدة الأميركية لتحقيق الديمقراطية".

وبعد عودتها بدأت الأحداث بالتسارع, فطالبت بحل البرلمان والهيئة التشريعية العليا -أعلى قوة تنفيذية في البلاد- وبإجراء انتخابات مبكرة بحجة عدم كفاءة الحكومة الحالية والحاجة لتغيير شامل في كل أجهزة الدولة.

ضغوط خارجية
ويرى مراقبون أن جهات خارجية مثل روسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تضغط على الأطراف السياسية في أوكرانيا لتحقيق مصالحها.

فموسكو قلقة من تصاعد نفوذ الناتو في أوروبا الشرقية على حدودها وسعي أوكرانيا لعضوية الحلف, كما لا ترغب بوجود قواعد أميركية تحتوي على نظم دفاع صاروخي على الأراضي المجاورة لأراضيها تقول أميركا إنها تريد بها حماية نفسها من دول كإيران وكوريا الشمالية, ومحاربة "الإرهاب".

وفي السياق نفسه قال النائب البرلماني السابق والقيادي البارز في الحزب الشيوعي الأوكراني أليكسي بيريبيليتسا للجزيرة نت إن كثيراً من المواقف السياسية الداخلية "باتت تصنع في الخارج في إطار تحقيق المصالح الخاصة".

وعبر بيريبيليتسا عن الانقسام السياسي في أوكرانيا بين الموالاة لموسكو والغرب قائلا إن "الأمر أشبه بلعبة شد الحبل التي يخسر فيها من يقف في المنتصف لأنه لا يدري إلى أين يذهب".

وأضاف أن الحل الوحيد هو تجميد قرار حل البرلمان مؤكدا أنه "لا يصب في مصلحة البلاد", ودعا إلى اللجوء للقضاء في الخلافات والمسائل العالقة.

وأشار بيريبيليتسا إلى أن "النزول إلى الشارع ليس هو الحل بل من شأنه تصعيد الأزمة التي قد تصل إلى ما لا تحمد عقباه".

المصدر : الجزيرة

إعلان