المنسيون معركة فرنسية جزائرية لم تنته

رينيه فانيوني لا ينسى المنسيين

رينيه فانيوني يدافع عن المنسيين (الجزيرة نت)

سيد حمدي-باريس
يجسد الكاتب والنقابي الفرنسي رينيه فانيوني المعارض البارز للاستعمار نموذجا للذين اختاروا جانب الثورة الجزائرية ضد بلدهم فرنسا.

وقد نذر الرجل نفسه لهذه المعركة التي تغيرت ملامحها بعد استقلال الجزائر عام 1962، باتجاه محاولة إنعاش الذاكرة بعطاءات هؤلاء الذين يطلق عليهم "المنسيون".

كما عبر للجزيرة نت عن أسفه لأنه لا توجد إحصائيات خاصة بهؤلاء الذين قاتلوا إلى جانب الثورة الجزائرية، ووصف القتلى منهم بالشهداء. وقال إنهم "ماتوا مرتين مرة قتلتهم فرنسا ومرة قتلوا بالنسيان من جانب كل من فرنسا والجزائر".

وأكد رينيه (70 عاما) وجود جماعات ضغط فرنسية فاعلة تحول دون فتح صفحة المنسيين سواء من قتلوا خلال الثورة الجزائرية أو ماتوا لاحقا أو ظلوا على قيد الحياة مثل الأستاذ الطبيب بيير شولى الذي يعيش في الجزائر.

وبسؤاله عن أسماء السياسيين المعروفين ضمن هذه الجماعات، أشار فانيوني إلى زعيم حزب الجبهة الوطنية جان ماري لوبن الذي حارب ضمن قوات الاستعمار الفرنسي بالجزائر. وأضاف أن "لوبن ورغم ما يتعرض له من حصار إعلامي وسياسي جراء أطروحاته العنصرية يمارس هذه الضغوط عبر لوبي يميني يرتبط به بعض أصحاب القرار بطريقة سرية تعرقل إعادة الاعتبار للمنسيين".

قرارات المسؤولين

غلاف كتاب وقائع الأوراس (الجزيرة نت)
غلاف كتاب وقائع الأوراس (الجزيرة نت)

ورصد رينيه بعض التطورات على طريق إعادة الاعتبار للمنسيين، مع اختلاف تعامل عدد من القادة الفرنسيين مع الموضوع. فقد اعترف رئيس الوزراء السابق الاشتراكي ليونيل جوسبان بأن ما حدث بالجزائر بين عامي 1954 و1961 كان حرباً وليس حدثاً كما دأبت فرنسا الرسمية على تسميته منذ اندلاع ثورة التحرير الجزائرية.

أما الرئيس جاك شيراك -والكلام لفانيوني- فقد سحب مشروع تمجيد الاستعمار من الجمعية الوطنية وكان ينص على أن الاستعمار الفرنسي لعب دوراً إيجابياً في حياة المستعمرات السابقة. علماً بأن وزير الخارجية الحالي فيليب دوست بلازي كان أحد معدي مشروع القانون.

وأشار النقابي الفرنسي إلى أن الرئيس الراحل فرانسوا ميتران -عندما كان وزيراً للعدل في عقد الخمسينيات- رفض وقتئذ العفو عن أحد المنسيين (لاسبرو مايو) وتم تنفيذ حكم الإعدام بحقه.

في المقابل دشن العمدة الاشتراكي لباريس برتراند دولانوا في مايو / أيار 2004 ساحة باسم موريس أودان المتخصص بالرياضيات عضو الحزب الشيوعي الجزائري الذي قتل في معركته ضد الاستعمار الفرنسي عن عمر ناهز الخامسة والعشرين عاماً.

يُذكر أن رينيه عضو بجمعية فرنسا الجزائر التي يرأسها وزير الداخلية السابق بيير جوكس. وقد أشد في هذا الصدد بما يسمى مسار إعادة الاعتبار الذي بدأه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عندما افتتح عام 2002 نصباً تذكارياً لذوي الأصول الفرنسية الذين حاربوا ضمن صفوف الثورة الجزائرية.

كما تناول فانيوني في كتابه الصادر نهاية عام 2006 بعنوان (وقائع الأوراس) الذي تضمن سير بعض المنسيين وأبناء الجزائر في سنوات الثورة. ويكشف الكتاب عن أن صاحبه كان محل اضطهاد الحكومة الفرنسية التي ألحقته كإجراء عقابي بفوج الرماة السابع المتمركز بمنطقة الأوراس التي كانت تشهد أعنف المعارك وقت الثورة.

وأضاف أنه عوقب بسبب موقفه المناهض للاستعمار "ولحسن الحظ كانت مهمتي إدارية ولم أتورط في أي تعامل مباشر أو تعذيب للمجاهدين الجزائريين إلى أن انتهى بي الأمر بالعودة إلى فرنسا والاشتراك في الأنشطة والمظاهرات الرافضة للاستعمار" والتي أسفرت إحداها عن سقوط ستة قتلى ممن سماهم "المنسيين".

المصدر : الجزيرة

إعلان