دعوة جزائرية لتحرير الأمازيغية من تلاعبات السياسة

دعوة جزائرية لتحريرالأمازيغية من التلاعبات السياسية- محاولة لإحداث تجاذب عرقي في الشارع الجزائري- تسعديت محمد ـ الجزيرة نت

بعض القوى السياسية تسعى لإحداث تجاذب عرقي في الشارع الجزائري (الجزيرة نت)

تسعديت محمد-الجزائر

تثير بعض القوى السياسية جدلا حول البعد اللغوي في الجزائر وما إذا كانت العلاقة بين اللغتين العربية والأمازيغية تقوم على التكامل معتمدة على الحديث عن وجود تناقض بين اللغتين، ما يؤدي إلى تجاذب سياسي وفكري يسفر عنه نوع من الفرز العرقي.

وفي هذا الصدد يقول محمد أرزقي فراد الباحث في التراث الأمازيغي للجزيرة نت إنه لا وجود لتضاد بين اللغتين، بل هناك تكامل يثبته الواقع والتاريخ.

وأضاف أنه عكف على دراسة هذه القضية منذ عام 1980 وخلص إلى عدم وجود تضاد، إلا لدى الاشخاص المتطرفين الذين تملؤهم الأيدولوجية الإقصائية سواء باسم الدفاع عن العربية أو الدفاع عن الأمازيغية.

الإحتلال الفرنسي
وهاجم فراد من أسماهم بالمتطرفين من الجانبين "فهم الذين يطرحون العلاقة على أساس تنافري بين اللغتين، والصحيح أن القرآن الكريم يشجع على تعدد الألسن فالعلاقة حسب الطرح القرآني علاقة تكاملية".

وأضاف أن المغرب الكبير الذي تنتمي إليه الجزائر لم تكن مشكلته ذات طابع لغوي أو عرقي ولم تطرح هذه المشكلة عبر تاريخه الطويل، وإنما الإشكال بدأ مع الاحتلال الفرنسي الذي انتهج سياسة "فرق تسد" لتكريس الاستعمار.

والإشكال -بحسب فراد- لم يطرح بشكله الصحيح، فأول ترجمة لمعاني القرآن كانت باللغة الامازيغية في القرن الثاني عشر من طرف ابن تومرت في عهد الموحدين، وقد ولدت النزعة العرقية -سواء العربية أو الأمازيغية- في رحم الاستعمار.

كما أن استمرار النزعة البربرية بعد الاستقلال جاء كرد فعل لوجود نظام استبدادي في الجزائر ألغى البعد الأمازيغي في الشخصية الجزائرية إلى درجة أن الحديث بالأمازيغية صار جريمة يطالها القانون، وصار من الطبيعي أن يدافع أصحاب هذه القضية بنفس الأسلوب. وبعد نضالات مستمرة تم إدراج الأمازيغية لغة وطنية في الدستور الجزائري عام 2002.

الثنائية الحضارية
ورأى أرزقي فراد أن الأحقاد والضغائن التي زرعت طيلة ثلاثين سنة لا يمكن إلغاؤها بجرة قانون، وأن الأمازيغية ما زالت في الوقت الحاضر رهينة الصراعات السياسية.

واستحضر الباحث تجربته الشخصية حين أُقصي من الجامعة عام 1983 لأنه قدم أطروحة عن الأمازيغية التي بدأت تستعيد مكانتها وتُدرس في بعض المدارس. لكن فراد يرى أن من يسير ملف الأمازيغية هم دعاة التغريب، واتضح ذلك منذ تأسيس المحافظة السامية للأمازيغية عام 1995 في ظروف سياسية تمثلت في إضراب طلبة منطقة القبائل عن الدراسة لمدة عام.

وأشار إلى أن المغرب العربي يعيش الثنائية الحضارية واللغوية منذ عشرة آلاف سنة، علما بأنه قبل قدوم الاحتلال الفرنسي كانت اللغة الأمازيغية تكتب بالحرف العربي.

طمين: الأمازيغ احتضنوا الدعوة الإسلامية (الجزيرة نت)
طمين: الأمازيغ احتضنوا الدعوة الإسلامية (الجزيرة نت)

البعد الإسلامي
وفي الموضوع ذاته قال عبد الله طمين المستشار الإعلامي لوزير الشؤون الدينية للجزيرة نت إن الأمازيغ احتضنوا الدعوة الإسلامية التي أتى بها العرب الفاتحون واستكملوا الفتوحات الإسلامية حتى الأندلس.

وذكر أنه ترتب على ذلك أن حدث تلاحم بين الأمازيغ واللغة العربية لكونها لغة القرآن، وبالتالي لم تكن هناك مشكلة تعارض بين الأمازيغية واللغة العربية.

واعتبر طمين أن الأمازيغ كان لهم دور كبير في العروبة والإسلام حيث حافظوا على اللغة العربية وساهموا في نشرها، كما أن البعد الإسلامي واضح في التراث الأمازيغي من خلال العادات والتقاليد.

ورأى أن من يسعون لتقسيم الجزائر إلى أمازيغ وعرب لن يستطيعوا تنفيذ ذلك على أرض الواقع لأن المبادئ الأمازيغية لا تتعارض مع مبادئ الإسلام، كما أن العربي ليس مقصودا به العرق وإنما اللسان والأمازيغ يجيدون العربية.

أما إذا سعوا لذلك من خلال الوطنية، فالأمازيغ كما العرب أبلوا بلاء حسنا لإخراج المستعمر الفرنسي، وبالتالي "من يريد أن يلعب السياسة عليه أن لا يُعول كثيرا على ورقة الأمازيغ".

المصدر : الجزيرة

إعلان