الزوتشية روح نظام بيونغ يانغ

14/4/2007
عزت شحرور-بيونغ يانغ
في قلب العاصمة الكورية الشمالية بيونغ يانغ وعلى ضفاف نهر تادونغ هناك برج يناطح السحاب ويشق عنان السماء بارتفاع 170 مترا, تعلوه شعلة حمراء وتتوسطه كلمتان مطليتان بماء الذهب ومحفورتان في قلب وعقل كل مواطن, بهما يفكر وبهما يعمل ومن أجلهما يعيش إنهما "فكرة زوتشية".
وتعتبر "الزوتشية" الفكر الهادي لنظام الحكم في كوريا الشمالية وهو مزيج من الاشتراكية الأممية والقومية الخالصة, أوجده الزعيم الكوري الراحل كيم إيل سونغ في خمسينيات القرن الماضي، واعتبر ضرورة وطنية بديلة للأفكار والنظريات المستوردة من الخارج.
إنه فكر يتماشى مع وضع كوريا الشمالية كدولة صغيرة تجاذبتها آنذاك موسكو وبكين، كما أنه محاولة للابتعاد عن الصراع الفكري الذي كان محتدما بين أكبر قوتين شيوعيتين وللتخلص من الخصوم والمنافسين السياسيين الموالين لهاتين القوتين في ذلك الحين.
إنه فكر ثوري رومانسي يقدم كل الإجابات والحلول على طريق النضال من أجل التحرر والوحدة وبناء دولة اشتراكية قوية ومزدهرة, كما يقول الكوريون الشماليون.
ابتكار كوري

مرافقتنا لزيارة البرج كانت باحثة في دراسات الفكر الزوتشي في جامعة كيم إيل سونغ، قالت إن "الزعيم كيم إيل سونغ ابتكر الفكر الزوتشي الذي يتوافق مع الواقع الكوري ويلبي متطلبات الجماهير ويقودها نحو الانتصارات والنجاحات الباهرة بالاعتماد على قوتنا الذاتية الخلاقة".
وحاولت كوريا تصدير أيديولوجياتها هذه إلى دول أخرى لكنها لم تفلح، إذ إن النظرية مصممة على مواصفات لا تناسب إلا الكوريين, رغم أن قاعة كبيرة أسفل قاعدة البرج تغص بلوحات موقعة بأسماء لمراكز أبحاث ودراسات للفكر الزوتشي من شتى أنحاء العالم، خاصة من منظمات وأحزاب يسارية عربية وآسيوية وأفريقية ولاتينية لكنها لا وجود لها على أرض الواقع.
إعلان
كيم جونغ إيل ابن الزعيم وخليفته ورث الفكرة من جملة ما ورث وتشبع بها وطورها حتى باتت الفكر الهادي للحزب وأداة العمل للدولة والجيش وأسلوب حياة للكوريين الشماليين.
معنى الزوتشية
الزوتشية تعني فيما تعنيه الاستقلالية التامة وفلسفة الاعتماد على النفس بشكل كامل. وكوريا الشمالية نجحت بالفعل في الاعتماد على نفسها عسكريا، لكنها بقيت في حاجة إلى الآخرين لمساعدتها في إطعام شعبها وتمر بأزمات اقتصادية وغذائية خانقة, ومع هذا فإنها لا تزال تؤمن بأن اقتصادا مستقلا هو الضمان الوحيد لسياسة مستقلة.
والزوتشية باختصار كما يحلو للكوريين الشماليين وصفها بأنها فن تحقيق المستحيل، وهذا هو السبب -على ما يبدو- الذي جعل كوريا الشمالية الدولة الفقيرة والجائعة تصبح قوة نووية بل وتتحدى أكبر قوة على وجه الأرض.
المصدر: الجزيرة