أقليات اليونان وتركيا…لعبة التاريخ والسياسة

r: The 19th century Greek orthodox church of Aya Triada is seen between a Turkish flag and a portrait of Ataturk, founder of modern Turkey,

كنيسة أرثوذكسية في إسطنبول تظهر بين علم تركيا وصورة أتاتورك (رويترز-أرشيف)


شادي الأيوبي-أثينا

 

تعد قضية الأقليتين اليونانية الأرثوذكسية في تركيا والمسلمة التركية في اليونان من أكثر القضايا حساسية بين البلدين.

 

وتظهر كلتا الحكومتين حرصا على أقليتها في البلد الآخر، لكن ممثلي الأقليتين ينتقدان السلطات في كلا البلدين, ويحملانهما مسؤولية أزماتهما التاريخية.

 

المعلومات عن الأقلية اليونانية في تركيا ضبابية، حيث إن عددها يقارب الـ2000 شخص من 70 مليون تركي، أما الأقلية المسلمة في اليونان فتقدر بما بين 150 ألفا و200 ألف من أصل 10 ملايين يوناني.

 

الرقم الحقيقي

وفي لقاء مع الجزيرة نت شكك آريس أباتزيس مراسل قناة سكاي اليونانية في تركيا في دقة الأخبار التي تداولتها مؤخرا صحف يونانية، ورفعت حجم الأقلية اليونانية إلى 5000 شخص، قائلا إن الرقم الحقيقي لأفراد الجالية يبقى الرقم المتداول، أي حوالي 2000، معظمهم مسنون وبينهم عدد مهم من المدرسين ورجال الدين, لكنها تملك على قلتها تسع مدارس ابتدائية وثلاث مدارس ثانوية، تضم كل ثانوية حوالي 50 طالبا وطالبة.

 

ودخل مؤخرا العديد من أطفال الإسكندرون الأرثوذكس المدارس الابتدائية اليونانية حتى وصلت نسبتهم إلى 60%، ينتظر أن يَرفدوا المدارس الثانوية اليونانية بأعداد كبيرة من الطلاب في الفترة القادمة، ويتعامل معهم على أنهم من أصل يوناني.

 

أما القطاع العام فلا يكاد أبناء الأقلية يوجدون فيه حسب أباتزيس، ويقتصر الأمر على ستة مدرسين في الجامعات التركية، فيما يبقى سلاحا الجو والبحر مستثنيين لتعقيدات إجرائية.

 


قداس موتى في كنيسة أرثوذكسية يونانية بإسطنبول (رويترز-أرشيف)قداس موتى في كنيسة أرثوذكسية يونانية بإسطنبول (رويترز-أرشيف)
قداس موتى في كنيسة أرثوذكسية يونانية بإسطنبول (رويترز-أرشيف)قداس موتى في كنيسة أرثوذكسية يونانية بإسطنبول (رويترز-أرشيف)

أعداد تتناقص

ويقول أباتزيس إن الجالية اليونانية في تركيا بدأت تتقلص منذ 1923، أي بعد خلع السلطان عبد الحميد وانتشار النعرات القومية الطورانية، فبلغ عدد أفرادها 150 ألف شخص عام 1950. واستمر التناقص مع أحداث 1955 و1964 و1965, وهو ما يمكن ملاحظته من أعداد التلاميذ اليونانيين المسجلين في مدارسهم.

 

وفي العام 1940 أدخل الجيش التركي في التجنيد الإجباري 20 فئة عمرية كثير منهم من أبناء الأقلية.

 

وفي 1942 فرضت السلطات التركية ما يعرف بضريبة الأملاك الفردية على غير الأتراك المسلمين، وكانت باهظة ففقد الكثير من اليونانيين ممتلكاتهم.

 

دور تاريخي 

وأشار أباتزيس إلى أن اليونانيين في آسيا الصغرى وإسطنبول تحكموا بمقاليد الاقتصاد في المنطقة منذ 1850، حتى أصبحوا الواسطة التجارية بين العثمانيين وأوروبا وأصبحت لهم مؤسساتهم المصرفية الخاصة, ولم يستبعد دورا أوروبيا في تحريض العثمانيين على طردهم من تركيا للتخلص من منافستهم التجارية.

 

ويقول أباتزيس إن يونانيي آسيا الصغرى وإسطنبول كانوا متقدمين حضاريا على اليونان نفسها, حيث كانت صحفهم الصادرة عام 1890 توزع ملحقا خاصا بالموسيقى. ولا يخلو بيت في إزمير من "بيانو" كما كانت لديهم منذ 1840 روضات أطفال.

 

وتآلف كمال أتاتورك مع الأقلية اليونانية، حيث كان ميالا إلى الثقافة البرجوازية الراقية، عكس خلفه عصمت إينونو الميال إلى عادات المناطق الريفية.

 

أوطان مفقودة

غير أن اليونان الرسمية تتعامل مع آسيا الصغرى كـ"أوطان مفقودة" أي مجرد مأساة إنسانية، متجاهلة مساهماتها العمرانية، كما أن كثيرا من المسؤولين يتبنون تلك السياسة لأسباب قومية.

 

وعن عدم اعتراف تركيا بالبطريرك اليوناني المسكوني اعتبر أباتزيس أن الأمر طبيعي نوعا ما، فالأتراك كانوا متآلفين مع الأرثوذكسية كديانة شرقية، وعدد معتبر منهم مستعد للتقارب معها، ما يخيف المسؤولين الأتراك. 

 

واختتم أباتزيس قائلا إن النظام العثماني في التعامل مع الملل والأديان المختلفة كان متقدما على النظام الأوروبي الحالي، حيث كان يعتبر أن الروم مثلا يضمون اليونانيين والبلغاريين وغيرهم في أمة واحدة، تدير شؤونها باستقلالية تامة، عكس النظام الأوروبي الحالي الذي يتدخل -حسب قوله- في خصوصيات كل مجموعة دينية وإثنية.

المصدر : الجزيرة

إعلان